بلغت بالجد ما لا يبلغ البشر
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بلغت بالجد ما لا يبلغ البشر | ونلت ما عجزت عن نيله القدر |
يهتدي للذي أنت اهتديت له | ومن له مثل ما أثرته أثر |
أسرت أم بسراك الأرض قد طويت | فأنت إسكندر في السير أم خضر |
أوردت خيلا بأقصى النيل صادرة | عن الفرات يقاضي وردها الصدر |
تناقلت ذكرك الدنيا فليس لها | ألا حديثك ما بين الورى سمر |
فأنت من زانت الأيام سيرته | وزاد فوق الذي جاءت به السير |
لو في زمان رسول الله كنت أتت | في هذه السيرة المحمودة السور |
أصبحت بالعدل والإقدام منفردا | فقل لنا أعلي أنت أم عمر |
إسكندر ذكروا أخبار حكمته | ونحن فيك رأينا كل ما ذكروا |
ورستم خبرونا عن شجاعته | وصار فيك عيانا ذلك الخبر |
إفخر فإن ملوك الأرض أذهلهم | ما قد فعلت فكل فيك مفتكر |
سهرت إذ رقدوا بل هجت إذ سكنوا | وصلت إذ جبنوا بل طلت إذ قصروا |
يستعظمون الذي أدركته عجبا | وذاك في جنب ما نرجوه محتقر |
قضى القضاء بما نرجوه عن كثب | حتما ووافقك التوفيق والقدر |
شكت خيولك إدمان السرى وشكت | من فلها البيض بل من حطمها السمر |
يسرت فتح بلاد كان أيسرها | لغير رأيك قفلا فتحه عسر |
قرنت بالحزم منك العزم فاتسقت | مآرب لك عنها أسفر السفر |
ومن يكون بنور الدين مهتديا | في أمره كيف لا يقوى له المرر |
يرى برأيك ما في الملك يبرمه | فأنت منه بحيث السمع والبصر |
لقد بغت فئة الإفرنج فانتصفت | منها فإقدامك الهندية البتر |
غرست في أرض مصر من جسومهم | أشجار خط لها من هامهم ثمر |
وسال بحر نجيع في مقام وغى | به الحديد غمام والدم المطر |
أنهرت منهم دماء بالصعيد جرى | منها إلى النيل في واديهم نهر |
رأوا إليك عبور النيل إذ عدموا | نصرا فما عبروا حتى اعتبروا |
تحت الصوارم هام المشركين كما | تحت الصوالج يوما خفت الأكر |
أفنت سيوفك من لاقت فإن تركت | قوما فهم نفر من قبلها نفروا |
لم ينج إلا الذي عافته من خبث | وحش الفلا وهو للمحذور منتظر |
والساكنون القصور القاهرية قد | نادى القصور عليهم أنهم قهروا |
وشاور شاوروه في مكائدهم | فكاده الكيد لما خانه الحذر |
كانوا من الرعب موتى في جلودهم | وحين أمنتهم من خوفهم نشروا |
وإن من شيركوه الشرك منخزل | والكفر منخذل والدين منتصر |
عول على فئة عند اللقاء وفت | وعد عن تركمان قبله غدروا |
وكيف يخذل جيش أنت مالكه | والقائدان له التأييد والظفر |
أجاب فيك إله الخلق دعوة من | يطيب بالليل من أنفاسه السحر |