كذا ينتهي البدر المنير إلى الشمس
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
كذا ينتهي البدر المنير إلى الشمس | وتمتزج النفس الكريمة بالنفس |
وتلتحم الأنساب من بعد بعدها | وتدنو القلوب الموحشات إلى الأنس |
وتجمع شمل الوصل من فرقة القلى | ويرفع بند الوصل من مصرع النكس |
كجمع سليمان النبي بصهركم | ذوي يمن والشام والجن والإنس |
وتأليف ذي القرنين إذ هديت له | كريمة دارا دعوة الروم والفرس |
فأهلا بذات التاج من سلف العلا | إلى ابن ذوي التيجان في سالف الحرس |
إلى وارث الأحساب هودا وتبعا | وباني العلا بالدين سمكا على أس |
ولابس حلم قد تناهى مدى النهى | وحاجب ملك قد علا حاجب الشمس |
ويا رب حرب أسمعته دعاءها | بهندية عرب وألسنة خرس |
فكم سل من كرب وأنقذ من عمى | وروح من روح ونفس من نفس |
وأسبل من غيث وملأ من يد | وكم فك من غل وأطلق من حبس |
زكا فرعها في آل ذي النون سنة | بها راقت الأثمار في يابس الغرس |
فلله أكفاء تدانوا لصفقة | من الصهر قد جلت عن الغبن والوكس |
وذكرهم يوم التخاذل يومهم | بموت عهود كن يحيين بالأمس |
فأسمعهم داعي تجيب فمثلوا | الداعي إلى الجود والبأس |
فيا ذمة الصهر الذي شد عهدها | بخاتمة الآيات من آية الكرسي |
فعفت رسوم الغدر من ظاهر الثرى | وخطت وفاء العهد في صفحة الشمس |
وسلت من الإقبال والهدي والهدى | صوارم لا تثنى بدرع ولا ترس |
إذا غنمت جاءتك بالأمن والمنى | وإن غضبت أنحت على الشوم والتعس |
بسراء مما ثبت الله أو محا | وشحناء مما ينسخ الله أو ينسي |
لها أعين أهدى إلى الحق من قطا | وألسنة بالسلم أخطب من قس |
وما قصرت عن ساعيي آل مرة | لصلح بني ذبيان والحي من عبس |
ولله ما زفت ليحيى كتائب | مروعة الإقدام مرهبة الجرس |
يضيء الدجى من عز من حل وسطها | ويظلم عنها ثاقب الوهم والحس |
ويحجب بالرايات في مشرق الفلا | ويشرق بالإعظام في الظلم الدمس |
وقد رفعت رفع الحصون قبابها | على حلل الإحصان والطهر والقدس |
وحليت البيض الصوارم والقنا | على الدر والياقوت لبسا على لبس |
هداء هدى سبل الرغائب وانتحى | ينشر ميت السلم من ظلم الرمس |
ويوم بناء قد بنى فرجة المنى | بعرس غدت منه المكارم في عرس |
وقصر تجلى فيه يحيى ومنذر | صباحا لمن يضحي وبدرا لمن يمسي |
وقد أذنا في الأرض حي ومرحبا | إلى المشهد المذكور والمنظر المنسي |
يريك النجوم الزهر في مجلس القرى | من الطاس والإبريق والجام والكأس |
وسقي ينسي الإلف ريقه إلفه | وطعم له وقع الحياة من النفس |
وأمواه ورد في ورود حياضها | شفاء الظماء الهيم من غلة الخمس |
وغيم من العود الذكي تراكمت | أعاليه حتى كدن يوجدن باللمس |
وغالية تكسو المشيب شبابه | وتنبت سود العذر في الأوجه الملس |
مكارم أضحت للرجال مغانما | بلا نصب المغزي ولا سنة الخمس |
فإن حملت من بعدها سيف فتنة | يد فتخلت من أناملها الخمس |
وإن أوترت قوسا إلى رمي مسلم | فلا انفصلت عن مقبض العضم والعجس |
ولا ضاعت الأنساب بالغدر والقلى | ولا بيعت الأحساب بالثمن البخس |
ولا زال ما ترجوه أقرب من غد | ولا انفك ما تخشاه أبعد من أمس |