لعلك يا شمس عند الأصيل
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
لعلك يا شمس عند الأصيل | شجيت لشجو الغريب الذليل |
وألقوا على مروان صفوة أنفس | تعالى بها جد الزمان وجده |
وسيفك منهم سهمك الصائب الذي | يزيد غناء كلما زاد بعده |
رميت به آفاق رومة فانثنى | يقود بنود الروم نحوك بنده |
فرب حمي الغل في غيل ملكها | بعيد على شأو الجنائب قصده |
متى يرم صرف الدهر لا يعد نفسه | وإن يرمه صرف المكاره بعده |
تجلى ابن يحيى في سناك لغيه | فبصره أن اصطناعك رشده |
فما أبطأت إذا أبطأت يد قادح | أتاك وقد أورى لك النجح زنده |
ولا غاب من وافاك من أرض رومة | بغاب من الخطي تزأر أسده |
كتائب لو يرمى بها الدهر قبلنا | لزلزل ذو القرنين منها وسده |
كأن فضاء الأرض ألبس منهم | لبوسا من الماذي قدر سرده |
تهد بهم شم الجبال فإن هفوا | فحظك يرمي جمعهم فيهده |
فما ينظر الأعداء إلا عجاجة | يسير بها الرحمن فيها وعبده |
إلى يوم فلج ساطع لك نوره | وميقات فتح صادق لك وعده |
على بادئ الإنعام فيه تمامه | وحق على سبط الخلافة حمده |
فكوني شفيعي إلى ابن الشفيع | وكوني رسولي إلى ابن الرسول |
فإما شهدت فأزكى شهيد | وإما دللت فأهدى دليل |
على سابق في قيود الخطوب | ونجم سنا في غثاء السيول |
ينادي الندى لسقام الضياع | ويشكو إلى الملك داء الخمول |
وعز على العلم مثواه أرضا | على حكم دهر ظلوم جهول |
ويعجب كيف دنا من علي | ولم تنفصم حلقات الكبول |
وكيف تنسم آل النبي | وأبطأ عنه شفاء الغليل |
وأطواد عزهم ماثلات | له وهو يرنو بطرف كليل |
وأبحرهم زاخرات إليه | ويرشف في الثمد المستحيل |
وقد آذنوه الخصيب المريع | ومرتعه في الوخيم الوبيل |
تجزأ من جنتي مأرب | بخمط وأثل وسدر قليل |
غريب وكم غربت راحتاه | في الأرض من وجه بكر بتول |
مكرمة ما نأت عن بلاد | ولا قربت من شبيه مثيل |
تضيء لها مظلمات النفوس | وتروى بها ظامئات العقول |
وتطلع في زاهرات النجوم | ومطلعها جانح للأفول |
شريد السيوف وفل الحتوف | يكيد بأفلاذ قلب مهول |
تهاوت بهم مصعقات الرواعد | في مدجنات الضحى والأصيل |
بوارق ظلماء ظلم تبيح | دمى من حمى أو دما من قتيل |
فأذهل مرضعة عن رضيع | وأنسى الحمائم ذكر الهديل |
وشط الصريخ على ذي الصراخ | وفات المعول ذات العويل |
فما تهتدي العين فيها سبيلا | سوى سبل العبرات الهمول |
ولا يعرف الموت فيها طريقا | إلى النفس إلا بعضب صقيل |
ركبت لها محملا للنجاة | وصيرت قصدك فيه عديلي |
فردت على عقبيها المنون | بواق مجير ورأي أصيل |
وقد سمتها بنفيس التلاد | على أنفس ضائعات الذحول |
فهلت اليسار بيسرى جواد | وحطت الذمار بيمنى بخيل |
نفوسا حنت قوس عطفي عليها | فكن سهام قسي الخمول |
ومن دوننا آنسات الديار | نهاب الحمى موحشات الطلول |
يهيج فيها زفير الرياح | مدامع شجو السحاب المخيل |
وتلطم فيها أكف البروق | خدود عراص علينا ثكول |
تظلم من هاطلات الغمام | وتشكو من الريح جر الذيول |
مغاني السرور لبسن الحداد | على لابسات ثياب الذهول |
خطيبات خطب النوى والمهور | مهارى عليها رحال الرحيل |
فمن حرة جليت بالجلاء | وعذراء نصت بنص الذميل |
ولا حلي إلا جمان الدموع | يسيل على كل خد أسيل |
فبدلن من بعد خفض النعيم | بشق الحزون ووعث السهول |
ومن قصر الليل تحت الحجال | بهول السرى تحت ليل طويل |
ومن علل الماء تحت الظلال | صلاء القلوب بحر الغليل |
ومن طيب نفح بنور الرياض | تلظى لفح بنار المقيل |
ومن أنسها بين ظئر وترب | سرى ليلها بين ذيب وغول |
ومن كل مرأى محيا جميل | تلقي الخطوب بصبر جميل |
لعل عواقبه أن تتم | فيهدي الغريب سواء السبيل |
إلى الهاشمي إلى الطالبي | إلى الفاطمي العطوف الوصول |
إلى ابن الوصي إلى ابن النبي | إلى ابن الذبيح إلى ابن الخليل |
إلى المستجار من المستجير | إلى المستقال من المستقيل |
إلى المستضاف المليك العزيز | من المستضيف الغريب الذليل |
سلام وأنت ابن بدء السلام | من ضيفه المكرمين الدخول |
غداة يضيف أهل السماء | إلى منزل آلف للنزيل |
فرد سلام حليم منيب | وجاء بعجل كريم عجول |
وأعطانه مألف للضيوف | وموطن ذي عيلة أو معيل |
شرائع خلدها في الأنام | من كل أرض وفي كل جيل |
وما زال من آله حافظ | معالمها حفظ بر وصول |
بأنفس مجد سراع إليها | وأيد عليها شهود عدول |
فسمي جدك عمرو الكرام | بهشم الثريد زمان المحول |
وشيبه ساقي الحجيج الكفيل | بمأوى الغريب وقوت الخليل |
وضيف حتى وحوش الفلاة | وأهدى القرى لهضاب الوعول |
وإن أبا طالب للضيوف | لأطلب من ضيفه للحلول |
ولا مثل والدك المصطفى | لركب وفود وحي خلول |
يبادرهم بابتناء القباب | ويكرمهم بدنو النزول |
ويخلع عن منكبيه الرداء | سرورا وفرشا لضيف القيول |
يروح عليهم بغر الجفان | ويغدو لهم بالغريض النشيل |
قرى عاجلا يقتضي شربه | من الكوثر العذب والسلسبيل |
فأنتم هداة حياة وموت | وأنتم أئمة فعل وقيل |
وسادات من حل جنات عدن | جميع شبابهم والكهول |
وأنتم خلائف دنيا ودين | بحكم الكتاب وحكم العقول |
ووالدكم خاتم الأنبياء | لكم من مجد حفي كفيل |
تلذ بحملكم عاتقاه | على حمله كل عبء ثقيل |
ورحب على ضمكم صدره | إذا ضاق صدر أب عن سليل |
ويطرقه الوحي وهنا وأنتم | ضجيعاه بين يدي جبرئيل |
وزودكم كل هدي زكي | وأودعكم كل رأي أصيل |
................... | .................... |