العالَمُ العالي، برَأيِ مَعاشِرٍ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
العالَمُ العالي، برَأيِ مَعاشِرٍ، | كالعالَمِ الهاوي، يُحِسُّ ويَعلمُ |
زعَمَتْ رجالٌ: أنّ سَيّاراتِه | تَسِقُ العُقولَ، وأنّها تتكلّم |
فهَلِ الكواكبُ مثلُنا في دينِها، | لا يَتّفِقْنَ، فهائِدٌ أو مُسلِم؟ |
ولعلّ مكّةَ في السّماءِ كمَكّةٍ، | وبها نضادِ ويذبُلٌ ويلَملم |
والنّورُ، في حكمِ الخواطرِ، محدَثٌ، | والأوّليُّ هوَ الزّمانُ المُظلِم |
والخَيرُ، بينَ النّاسِ، رَسمٌ داثِرٌ، | والشرُّ نَهجٌ، والبريّةُ مَعلَم |
طَبعٌ خُلِقتَ علَيهِ ليسَ بزائلٍ، | طولَ الحياةِ، وآخرٌ متعلَّم |
إنْ جارَتِ الأُمَراءُ جاءَ مؤمَّرٌ | أعْتى وأجورُ، يستَضيمُ ويكلِم |
كحمائمٍ ظَلمتْ، فنادى أجدلٌ: | إن كنتِ ظالمَةً، فإنّي أظلَم |
أرأيتَ أظفارَ الضّراغمِ عُوّدَتْ | فِرَةً، وأظفارَ الأنيسِ تُقَلَّم؟ |
وكذاكَ حكمُ الدّهرِ في سكّانِهِ، | عَيرٌ له أُذُنٌ، وهيقٌ أصلم |
إن شئت أن تُكفى الحِمام فلا تعشْ | هذي الحياةُ إلى المَنيّةِ سُلّم |
ماذا أفَدْتَ بأنّ دهرَكَ خافِضٌ، | وغناكَ مُنبَسطٌ، وعِرْسك غَيلم؟ |
أحسنْ بدنيا القومِ، لو كانَ الفتى | لا يُقتضَى، وأديمُهُ لا يحلَم |
وكأنّما الأخرى تَيَقُّظُ نائمٍ؛ | وكأنّما الأولى مَنامٌ يُحلَم |
يتَشَبّهُ الطّاغي بطاغٍ مثلِهِ، | وأخو السّعادَةِ بينهمْ مَن يَسلَم |
في النّاسِ ذو حِلمٍ يُسَفّهُ نَفسَهُ | كَيما يُهابَ، وجاهلٌ يَتحَلّم |
وكِلاهُما تَعِبٌ، يحاربُ شيمَةً | غلَبَتْ، فآضَ، بحرْبِها، يتألّم |
فالزَم ذَراك، وإن تشعّثَ جُدْرُه، | فالعِسُّ قد يُرويكَ، وهوَ مثلَّم |