إذا ما أسَنّ الشّيخُ أقصاهُ أهلُهُ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
إذا ما أسَنّ الشّيخُ أقصاهُ أهلُهُ، | وجَارَ عليهِ النّجلُ والعبدُ والعِرسُ |
وصارَ كبنتِ المُوم، تَسهرُ في الدّجى، | بُكاهُ لهُ طَبعٌ، ولِمّتُهُ بِرْسُ |
وأكثرَ قَولاً، والصّوابُ لمثلِهِ، | على فَضلِهِ، أنْ لا يُحَسّ له جرَس |
يُسَبِّحُ، كَيما يَغْفِرَ اللَّهُ ذَنْبَهُ؛ | رويدَكَ في عَهدِ الصّبا مُلىءَ الطِّرْس |
وقد كانَ مِن فُرْسانِ حَرْبٍ وغارةٍ، | فلم يُغن عنْه السّيفُ والرّمحُ والتّرْس |
وأصبَحَ عند الغانيَاتِ مُبَغَّضاً، | كأنْ خَزُّهُ خِزْيٌ، وعَنْبرُهُ كِرس |
عجِبتُ لقَبرٍ فيهِ ضيقٌ تَزاحَمَتْ، | على الكون فيه، العُربُ والرّومُ والفرس |
متى يأكُلِ الجُثمانَ يَسكُنْهُ غيرُه، | يدَ الدّهر، حَرساً جاء من بعده حَرس |
وكم دَرَسَتْ هذي البسيطةُ عالَماً، | وعالَمُ جيلٍ من عَوائدِهِ الدّرْس |
لقد فَرَسَتْ تلكَ الأسودُ طوائفاً: | أنيساً ووَحشاً، ثمّ أدركَها الفَرس |
وما بَرِحَ الإنسانُ في البؤس مُذْ جرَتْ | به الرّوحُ، لا مُذ زالَ عن رأسه الغِرْس |
فلا تعذُلينا، كلُّنا ابنُ لَئيمَةٍ؛ | وهل تَعذُبُ الأثمارُ إن لؤمَ الغَرْس؟ |
طفَونا ونَرسو الآن، لا سُرّ أسودي | بملك البرايا، ما العراقُ وما النَّرس |
فإنّي أرى الكافورَ والطّيبَ، كلَّهُ، | يَزولُ بموتٍ، جاءَ في يَدِهِ وَرس |
مضى النّاسُ، إلاّ أنّنا في صُبابَةٍ، | كآخرِ ما تُبقي الحياضُ أو الخَرس |
ولم يَسمَعوا قَولاً، أمِن صَمَمٍ بهم؟ | ولم يُفهِموا رَجْعاً، كأنّهُمُ خُرْس |