غدَوتَ مريضَ العقلِ والدّينِ فالقَني
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
غدَوتَ مريضَ العقلِ والدّينِ فالقَني | لتسمعَ أنباءَ الأمورِ الصحائحِ |
فلا تأكُلْن ما أخرجَ الماء، ظالماً، | ولا تبغِ قوتاً من غريض الذّبائحِ |
وأبيَضَ أُمّاتٍ، أرادتْ صريحَه | لأطفالها، دون الغواني الصّرائح |
ولا تفجَعَنّ الطّيرَ، وهيَ غوافلٌ، | بما وضعتْ، فالظّلمُ شرُّ القبائح |
ودعْ ضرَبَ النّحل، الذي بكَرت له، | كواسِبَ منْ أزهارِ نبتٍ فوائح |
فما أحرزَته كي يكونَ لغيرِها، | ولا جمَعَتْهُ للنّدى والمنائح |
مسحْتُ يدي من كلّ هذا، فليتني | أبَهْتُ لشأني، قبل شيب المسائح |
بَني زمني، هل تعلمون سرائراً، | علمتُ، ولكني بها غيرُ بائح؟ |
سريتمْ على غَيٍّ، فهلاّ اهتدَيتمُ | بما خيّرَتْكُمْ صافياتُ القرائح |
وصاحَ بكم داعي الضّلال، فما لكم | أجَبتمْ، على ما خيّلتْ، كلَّ صائح؟ |
متى ما كشَفْتمْ عن حقائقِ دِينِكمْ، | تكشّفتمُ عن مُخزياتِ الفضائح |
فإن تَرشُدوا لا تخضبوا السّيفَ من دمٍ، | ولا تُلزِموا الأميالَ سَبرَ الجرائح |
ويُعجبني دأبُ الذينَ ترهَبوا، | سوى أكلِهمْ كدَّ النفوسِ الشّحائح |
وأطيبُ منهم مطعماً، في حياته، | سُعاةُ حلالٍ، بين غادٍ ورائح |
فما حبسَ النّفسَ المسيحُ تعبُّداً، | ولكن مشى، في الأرض، مِشيةَ سائح |
يغيّبُني، في التُّربِ، من هو كارهُ، | إذا لم يغيّبْني كَريهُ الرّوائح |
ومن يَتوقّى أنْ يجاورَ أعظُماً، | كأعظُمِ تلكَ الهالكاتِ الطّرائح |
ومن شرّ أخلاقِ الأنيسِ، وفعلِهم، | خُوارُ النّواعي والْتِدامُ النّوائح |
وأصفَحُ عن ذنبِ الصّديقِ وغيره، | لسكنايَ بيتَ الحقّ بينَ الصّفائح |
وأزهدُ في مدح الفتى، عند صِدْقهِ، | فكيفَ قبولي كاذباتِ المدائح! |
وما زالتِ النّفسُ اللّجوجُ مطيةً، | إلى أن غدتْ إحدى الرّذايا الطّلائح |
وما يَنْفَعُ الانسانَ أنّ غمائماً | تَسُحُّ عليهِ، تحتَ إحدى الضّرائح |
ولو كان، في قُربٍ من الماءِ، رغبةٌ، | لنافسَ ناسٌ في قبورِ البطائح |