إذا وعد الحجاج أو هم أسقطت
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إذا وَعَدَ الحَجّاجُ أوْ هَمَّ أسقَطَتْ | مَخافَتُهُ مَا في بُطُونِ الحَوَامِلِ |
لَهُ صَوْلَةٌ مَنْ يُوقَهَا أنْ تُصِيبَهُ، | يَعِشْ وَهُوَ منها مُستَخَفُّ الخَصائِلِ |
وَلمْ أرَ كالحَجّاجِ عَوْناً على التّقَى، | وَلا طَالِباً يَوْماً طَرِيدَةَ تَابِلِ |
وَمَا أصْبَحَ الحَجّاجُ يَتْلُو رَعَيّةً | بِسِيرَةٍ مُخْتَالٍ، وَلا مُتَضَائِلِ |
وكمْ من عَشِي العَيْنَينِ، أعمى فؤادُهُ | أقَمْتَ وَذِي رَأسٍ عَنِ الحقّ مائلِ |
بسَيْفٍ بهِ لله تَضْربُ مَنْ عَصَى | على قَصَرِ الأعناقِ فَوْق الكَواهلِ |
شَفَيتَ مِنَ الدّاءِ العِرَاقَ فَلمْ تَدَعْ | بِهِ رِيبَةً بَعْدَ اصْطِفاقِ الزّلازِلِ |
وَكانُوا كَذِي داءٍ، أصَابَ شِفاءَهُ | طَبيبٌ بهِ، تحتَ الشّراسيفِ داخِلِ |
كَوَى الدّاءَ بالمِكْوَاةِ حتى جَلا بِها | عن القَلْبِ عَينيْ كلّ جِنّ وَخابِلِ |
وَكُنّا بأرْضٍ يا ابن يوسُفَ لمْ يكُنْ | يُبَالي بهَا ما يَرْتَشِي كُلُّ عَامِلِ |
يَرَوْنَ إذا الخَصْمانِ جاءَا إلَيْهِمُ، | أحَقَّهُمَا بالحَقّ أهْل الجَعائِلِ |
وَما تُبْتَغَى الحاجاتُ عندَكَ بالرُّشَى، | ولا تُقْتَضى إلاّ بِما في الرّسائلِ |
رَسَائِلِ الأسْمَاءِ مَنْ يدعُه بهَا | يَجِدْ خَيرَ مَسؤولٍ عَطاءً لِسائِلِ |
وَهُمْ لَيْلَةَ الأهْوَازِ حِينَ تَتابَعُوا | وَهُمْ بجُنُودٍ مِنْ عَدُوٍّ وَخاذِلِ |
كَفاكَ بحَوْلٍ مِنْ عَزِيزٍ وَقُوّةٍ، | وَأعطَى رِجالاً حَظَّهُمْ بالشّمائِلِ |
فأصْبَحتَ قد أبْرَأتَ ما في قُلُوبهِمْ | مِنَ الغِشّ من أفناءِ تلكَ القَبائِلِ |
فَما النّاسُ إلاّ في سَبيلَينِ مِنهُمَا: | سَبِيلٌ لحَقٍّ أوْ سَبِيلٌ لِبَاطِلِ |
فَجَرّدْ لهُمْ سَيْفَ الجِهادِ، فإنّما | نُصِرْتَ بتَفْوِيضٍ إلى ذي الفَواضِلِ |
وَلا شَيءَ شَرٌّ مِنْ شَرِيرَةِ خَائِنٍ | يجِيءُ بِهَا يَوْمَ ابْتِلاءِ المَحَاصِلِ |
هيَ العارُ في الدّنْيَا عَلَيْهِ، وَبَيْتُهُ | بهَا يَوْمَ يَلْقَى الله شَرُّ المَداحِلِ |
أظُنُّ بَنَاتِ القَوْمِ كلَّ حَبِيّة | سيَمنعنَ منهُمْ كلَّ وُدّ وَنائِلِ |
فَبَدَّلَهُمْ ما في العِيابِ، إذا انتَهْوا | إليكُنّ، وَاستبْدَلن عَقْدَ المَحامِلِ |
سُيُوفَ نَعَامٍ غَيرَ أنّ لحَاهُمُ | على ذَقَنِ الأحناكِ مِثلُ الفَلائِلِ |
عسَى أنْ يذُدن الناس عنكمْ إذا التقتْ | أسَابيُّ مُجْرٍ للقِتَالِ وَنَازِلِ |
ومَا القَوْمُ إلاّ مَنْ يُطاعِنُ في الوَغى، | وَيَضرِبُ رأس المُستَميتِ المُنازِلِ |
فِدىً لكَ أُمّي اجَعلْ علَيهمْ علامةً، | وَحَرِّمْ عَلَيهِمْ صَالحاتِ الحَلائِلِ |
نُزَيِّلُ بَينَ المُؤمِنِينَ وَبَيْنَهُمْ، | إذا دَخَلُوا الأسْوَاقَ وَسطَ المَحافلِ |
فَلا قَوْمَ شَرٌّ مِنهُمْ، غَيرَ أنّهُمْ | تَظُنّهُمُ أمْثَال تُرْكٍ وَكَابُلِ |
تَرَى أعْيُنَ الهَلْكَى إلَيْهِ، كأنّها | عُيُونُ الصّوَارِ حُوَّماً بِالمَنَاهِلِ |
يُرَاقِبْنَ فَيّاضاً، كَأنّ جِفَانَهُ | جَوَابي زَرُودَ المُترَعاتُ العَدامِلِ |
وَقائِلَةٍ لي: ما فَعَلْتَ، إذا التَقَتْ | وَرَاءَكَ أبْوَابُ المَنَايَا القَوَاتِلِ؟ |
فَقُلْتُ لها: ما بِاحْتِيَالٍ وَلا يَدٍ | خَرَجْتُ مِنَ الغُمّى، ولا بالجَعائِلِ |
وَلكِنّ رَبّي رَبُّ يُونُسَ إذْ دَعا | مِنَ الحُوتِ في موْجٍ من البحرِ سائلِ |
دعَا رَبَّهُ، والله أرْحَمْ مَنْ دَعَا، | وَأدْناهُ مِنْ داعٍ دَعَا مُتضَائِلِ |
وَمَا بَيّنَ الأيّامَ إلاّ ابنُ لَيْلَةٍ | رُكُوباً لهَا، وَالدّهرُ جَمُّ التَّلاتِلِ، |
لَهُ لَيْلَةُ البَيضَاءِ، إذْ أنا خَائِفٌ | لذَنْبي، وَإذْ قَلْبي كَثِيرُ البَلابِلِ |
فَما حَيّةٌ يُرْقَى أشَدَّ شَكِيمَةً، | ولا مِثْلَ هَذا مِنْ شَفيعٍ مُناضِلِ |
يَجِدُّ إذا الحَجّاجُ لانَ، وَإنْ يَخَفْ | لَهُ غَضَباً يَضْرِبْ برِفْقِ المُحاولِ |