سما لك شوق من نوار ودونها
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
سَما لكَ شَوْقٌ مِنْ نَوَارَ، وَدونَها | مَهامِهُ غُبْرٌ، آجِنَاتُ المَنَاهِلِ |
فهِمْتَ بهَا جَهْلاً على حِين لمْ تذَرْ | زِلازِلُ هذا الدّهرِ وَصْلاً لوَاصلِ |
وَمِنْ بعدِ أنْ كمّلْتَ تِسعينَ حِجّةً، | وَفارَقتَ، عن حلمِ النّهَى، كلَّ جاهلِ |
فذَرْ عَنكَ وَصْلَ الغانياتِ، وَلا تَزِغْ | عنِ القَصْدِ، إنّ الدّهَر جَمُّ البلابلِ |
أبَادَ القُرُونَ المَاضِيَاتِ، وَإنّمَا | تَمُرّ التّوَالي في طَرِيقِ الأوَائِلِ |
شَكَرْنَا لِعَبْدِ الله حُسْنَ بَلائِهِ، | غَداةَ كَفَانَا كلَّ نِكسٍ مُوَاكِلِ |
بجَابِيَةِ الجَوْلانِ، إذْ عَمّ فَضْلُهُ | عَلَينا، وقِدْماً كان جَمّ الفَوَاضِلِ |
فَلَسْتُ وَإنْ كانَتْ ذُؤابَةُ دارِمٍ | نَمَتْني إلى قُدْمُوسِ مَجِدٍ حَلاحِلِ |
وَإنْ حَلّ بَيْتي مِنْ سَمَاءِ مُجاشعٍ | بمَنْزِلَةٍ فَاتَتْ يَدَ المُتَنَاوِلِ |
بنَاسٍ لبَكْرٍ حُسْنَ صُنْعِ أخيهمُ | إليّ لدى الخِذْلانِ مِنْ كلّ خاذِلِ |
كَفَانَا أُمُوراً لَمْ يَكُنْ ليُطِيقَها | مِنَ القَوْمِ إلاّ كامِلٌ وَابنُ كامِلِ |
ألِكْني إلى أفْنَاءِ مُرّةَ كُلِّهَا | رِسَالَةَ ذِي وُدٍّ، لمُرّةَ، وَاصِلِ |
فَلَوْلا أبُو عَبْدِ المَلِيكِ أخُوكُمُ | رَجَعتُ إلى عِرْسِي بأفوَقَ نَاصِلِ |
وَحُلّئْتُ عند الوِرْدِ من كلّ حاجَةٍ، | وَغُودِرْتُ في الجَوْلانِ رَثَّ الحَبائلِ |
سَتأتيكَ مِني إنْ بَقِيتُ قَصَائِدٌ | يُقَصّرُ عَنْ تَحْبِيرِها كلُّ قائِلِ |
لهَا تُشرِقُ الأحسابُ عند سَمَاعِهَا، | إذا عُدّ فَضْلُ الفِعْلِ من كلّ فاعلِ |
وَأنتَ امرُؤٌ للصُّلْبِ مِنْ مُرّةَ الّتي | تُقَصّرُ عَنْهَا بَسْطَةُ المُتَطَاولِ |
هُمُ رَهَنُوا عَنْهُمْ أبَاكَ لفَضْلِهِ | على قَوْمِهِ، والحَقُّ بادي الشّوَاكلِ |
وَلَوْ عَلِمُوا أوْفَى لحَقْنِ دِمائِهِم | وَأبْيَنَ فَضْلاً عندَ تِلكَ الفَواضِلِ |
لهُمْ من أبيكَ المُصْطَفَى لاتّقَوْا بهِ | أسِنّةَ كِسْرَى يوْمَ رَهنِ القَبائِلِ |
فضَلتمْ بَني شَيبانَ فضْلاً وَسُؤدَداً، | كمَا فَضَلَتْ شَيبانِ بكَر بن وَائِلِ |
وقَدْ فَضَلَتْ بَكْرٌ رَبِيعَةَ كُلَّها، | بفِعْلِ العُلى، وَالمَأثُرَاتِ الأوَائِلِ |
حَمَيتمْ مَعَدّاً يوْمَ كِسرَى بن هُرْمُزٍ | بضَرْبَةِ فَصْلٍ قَوّمَتْ كلَّ مَائِلِ |
غَلَبْتُمْ بذِي قارٍ، فَما انفَكّ أمرُها | إلى اليَوْم أمرَ الخاشعِ المُتَضَائِلِ |
بِأبْطَحَ ذِي قَارٍ غَدَاةَ أتَتْكُمُ | قَبَائِلُ جَمْعٍ تَقْتَدي بقَبَائِلِ |
وَكانتْ لكُمْ نُعمى عمَمتمْ بفَضْلها | على كلّ حَافٍ، من مَعَدٍّ، وَنَاعلِ |
مُقَدِّمَةُ الهَامُرْزِ تَعْلَمُ أنّكُمْ | تَغارُونَ يَوْمَ البَأسِ عند الحَلائلِ |
نماكَ إلى مَجْدِ المَكارِمِ وَالعُلَى | بُيُوتٌ، إلَيها العِزُّ عِندَ المَعاقِلِ |
فمِنهُنّ بَيْتُ الحَوْفَزَانِ الذي بهِ | تُفَلِّلُ بَكرٌ حَدَّ نَبْلِ المُنَاضِلِ |
وَبَيْتُ المُثَنّى عَاقِرِ الفِيلِ عَنْوَةً | بِبابِلَ، إذْ في فَارِسٍ مُلْكُ بَابِلِ |
وَبَيْتٌ لِمَسْعُودِ بْنِ قَيْسِ بْنِ خَالدٍ، | وَذلِكَ بيْتٌ ذِكْرُةُ غَيْرُ خَامِلِ |
وَبَيْتٌ لمَفْرُوقِ بن عَمْروٍ وَهانىءٍ، | مُنِيفُ الأَعالي مُكْفَهِرُّ الأسافلِ |
وَبَيْتُ أبي قَابُوسَ مُصْقَلَةَ الّذي | بَنى بَيْتَ عِزٍّ، أُسُّهُ غَيرُ زَائِلِ |
وَبَيْتُ رُوَيْمٍ ذي المَكَارِمِ والعُلى، | أنَافَ بعِزٍّ فَوْقَ بَاعِ المُفاضِلِ |
وَبَيْتٌ لعِمرَانَ بن مُرّةَ، إنّهُ | بِهِ يَبْهَرُ الأقْوَامَ عِنْدَ المَحَافِلِ |
فتِلْكَ بُيُوت هُنّ أحْلَلْنَكَ العُلى | فَأصْبَحَتَ فِيهَا مُشْمَخِرَّ المَنازِلِ |
فسُمْتُمْ هَوَانَ الذُّلّ أحْرَارَ فارِسٍ، | وعلمْ تخفَ فيهِمْ غامِضَاتُ المَقاتِلِ |
وَهابَكُمُ ذو الضِّغنِ حِينَ وَطِئْتُمُ | رقابَ الأعادي، وَطْأةَ المُتَثاقِلِ |