وكم من ناذرين دمي رمتهم
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
وَكَمْ مِنْ نَاذِرِينَ دَمِي رَمَتْهُمْ | إلَيْكَ عَلى مَخَافَتِهِمْ وَفَقرِ |
لِتَلْقَى ابنَ الوَلِيدِ ولا تُبالي، | إذا لَقِيَتْ نَدَاهُ، بَنَاتِ دَهْرِ |
أتَيْتُكَ بِالجَرِيضِ، وَقَدْ تَلاقَتْ | عُرى الأنْساعِ مِنْ حَقَبٍ وَضَفْرِ |
وَكَمْ خَبَطَتْ بِأرْساغٍ، وَجَرّتْ | نَعالَ الجِلْدِ، وَهْيَ إلَيكَ تَسْرِي |
وَتَلْقَى ابنَ الوَلِيدِ، وَإنْ أُنِيخَتْ | إلى مُغْلَوْلِبٍ، بِنَداهُ غَمْرِ |
تَكُنْ مِثْلَ التي مُطِرَتْ وَكانَتْ | بِأعْوَامٍ، قَوائِظُهُنّ، غُبْرِ |
وُجِدْتُمْ يا بَني زَيْدٍ نُجُوماً، | يَنُؤْنَ مِنَ السّمَاءِ بِكُلّ قَطْرِ |
بِهِنّ المُدْلِجُونَ بَدَوْا وَسَارُوا، | وَإيّاهُنّ يَتْبَعُ كُلُّ مَجْرِ |
حَلَفْتُ بِكَعْبَةٍ يَهْوِي إلَيْهَا | مِنَ الآفَاقِ مِنْ يَمَنٍ وَمِصْرِ |
إلَيْهَا لِلْمَسَاجِدِ كُلُّ وَجْهٍ، | وَإيّاهَا يُوَجَّهُ كُلُّ قَبْرِ |
لأقْتَلِعَنْ صَفَاةَ الشِّعْرِ عَنْهُ، | فَمَا أنَا مِنْ دَوَامِغِهِ بِغُمْرِ |
كَأنّ مَوَاقِعَ الآثَارِ مِنْهَا | مَوَاقِعُ مِنْ صَوَارِمَ ذاتِ أُثْرِ |
رَأيْتُكَ يَا أبَانُ تَمَمْتَ لَمّا | بَلَغْتَ الأرْبَعِينَ، تَمَامَ بَدْرِ |
أضَاءَ الأرْضَ، وَالأخْرَى عَلَيْها، | مِنَ السَّبْعِ الطِّبَاقِ بِكُلّ شَهْرِ |
رَأيْتُ بُحُورَ أقْوَام نُضُوباً، | وَبَحْرُكَ يا أبَانُ يَفِيضُ يَجْرِي |
تُبَارِي مِنْ بَجِيلَةَ مُزْبِداتٍ | إلى غُلْبٍ غَوَارِبُهُنّ، كُدْرِ |
إلى مُغْلَوْلِبٍ لأبي أبَانٍ، | يُحَطِّمُ كُلَّ قَنْطَرَةٍ وَجِسْرِ |
وَقَدْ عَلِمَتْ بَجِيلَةُ أنّ مِنْكُمْ | فَوَارِسَهَا وَصَاحِبَ كُلِّ ثَغْرِ |
وَحَمّالَ العَظَائِمِ حِينَ ضَاقَتْ | صُدُورُهُمُ الرِّحَابُ بِكُلّ أمْرِ |
إذا اسْتَبَقُوا المَكَارِمَ أدْرَكُوهَا | بِأيْدٍ مِنْ بَجِيلَةَ غَيْرِ عُسْرِ |
وَمَنْ يَطْلُبْ مَسَاعِيكُمْ يُكَلَّفْ | ذُرَى شَعَفٍ عَلى الأقْوَامِ وَعْرِ |
وَكَمْ لِلْمُسْلِمِينَ أسَحْتَ يَجْرِي | بِإذْنِ الله مِنْ نَهْرٍ وَنَهْرِ |
فَمِنْهُنّ المُبَارَكُ، حِينَ ضَاقَتْ | بِهِ الأنْهَارُ لَيْلَةَ فَاضَ يَسْرِي |
جَمَعْتُ لِطَيْبةَ الحَاجَاتِ، لَمّا | تَلاقَتْ حِينَ ضَاقَ بِهِنّ صَدْرِي |
فَقُلْتُ: ابنُ الوَلِيدِ هُوَ المُرَجّى | لِحَاجَاتٍ يَنُوءُ بِهِنّ ظَهْرِي |
حَلَفْتُ، لَئِنْ ضَمَمْتَ إليّ أهْلي | بِمَالِكَ، لا يَزَالُ الدّهْرَ شِعْرِي |
يُجِدُّ لَكُمْ بَني زَيْدٍ ثَنَائي، | ثَنَاءً حَامِداً مع كُلّ سَفْرِ |
وَأيّةُ سِلْعَةٍ إنْ أطْلَقَتْهَا | حِبَالُكَ لي كَطَيْبَةَ غَيْرِ نَزْرِ |
حِبَالٌ أُكّدَتْ بِيَدَيْ أبِيهَا، | بِأيْمَانٍ لَهُ وَأشَدِّ نَذْرِ |