تذكر هذا القلب من شوقه ذكرا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
تَذَكّرَ هذَا القلبُ منْ شَوْقِهِ ذِكَرَا، | تَذَكّرَ شَوْقاً لَيْسَ نَاسِيَهُ عَصْرَا |
تَذَكّرَ ظَمْيَاءَ الّتي لَيْسَ نَاسِياً، | وَإنْ كانَ أدْنَى عَهدِهَا حِججاً عشرَا |
وَمَا مُغْزِلٌ بِالغَوْرِ غَوْرِ تِهَامَةٍ | تَرَعّى أرَاكاً مِنْ مَخارِمِها نَضْرَا |
مِنَ العُوجِ حَوّاءَ المَدامعِ تَرْعَوِي | إلى رَشَأٍ طِفْلٍ تَخالُ بهِ فَتْرَا |
أصَابَتْ بِأعلى الوَلْوَلانِ حِبَالَةً، | فما استَمسكَتْ حتى حسبنَ بها نَفرَا |
بِأحْسَنَ مِنْ ظَمْيَاءَ يَوْمَ لَقيتُها، | وَلا مُزْنَةٌ رَاحَتْ غَمامَتها قَصْرَا |
وَكَمْ دُونَها مِنْ عاطِفٍ في صرِيمةٍ | وَأعداءِ قَوْمٍ يَنذُرُونَ دَمي نَذْرَا |
إذا أوْعَدُوني عِنْدَ ظَمْيَاءَ سَاءَهَا | وَعيدي وَقالَتْ: لا تقولوا لَه هُجْرَا |
دَعاني زِيَادٌ للعَطَاءِ وَلَمْ أكُنْ | لأقرَبَهُ ما سَاقَ ذُو حَسَبٍ وَفْرَا |
وَعِنْدَ زِيَادٍ لَوْ يُرِيدُ عَطَاءَهُمْ | رِجَالٌ كَثيرٌ قَدْ يَرَى بهمُ فَقْرَا |
قُعُودٌ لَدى الأبْوَابِ طُلاّبُ حاجَةٍ | عَوَانٍ مِنَ الحَاجات أوْ حاجةٍ بِكَرا |
فَلَمّا خَشِيتُ أنْ يَكُونَ عَطاؤهُ | أداهِمَ سُوداً أوْ مُحَدْرَجَةً سُمَرا |
فَزِعْتُ إلى حَرْفٍ أضَرّ بِنَيّهَا | سُرَى الليلِ وَاستعرَاضُها البلَدَ القَفرَا |
تنفس من بهوٍ من الجوف واسع | إذا مدَّ حيزوماشراسيفها الضفرا |
تَرَاهَا إذَا صَامَ النّهَارُ كَأنّمَا | تُسامي فَنيقاً أوْ تُخالِسُهُ خَطْرَا |
تَخوضُ إذا صَاحَ الصّدى بعد هَجعَةٍ | مِنَ اللّيْلِ مُلتَجّاً غياطِلُهُ خَضرَا |
وَإنْ أعرَضَتْ زَوْرَاءَ أوْ شَمّرَتْ بهَا | فَلاةٌ تَرَى مِنها مَخارِمَها غُبْرَا |
تَعادَينَ عَنْ صُهْبِ الحَصَى وكأنّما | طَحَنّ بهِ من كلّ رَضرَاضَةٍ جَمرَا |
عَلى ظَهرِ عَادِيٍّ كَأنّ مُتُونَهُ | ظُهُورُ لأىً تُضْحي قَياقيُّهُ حْمْرَا |
وكم من عَدُوٍّ كاشْحٍ قَد تجاوَزَتْ | مَخافَتُه حَتى يكونَ لهَا جَسْرَا |
يَؤمّ بهَا المَوْمَاةَ مَنْ لَنْ تَرَى لَهُ | إلى ابنِ أبي سُفيَان جاهاً وَلا عُذْرا |
وَحِضْنَينِ مِنْ ظَلْمَاءِ لَيْلٍ سرَيتُهُ | بأغيَدَ قد كانَ النّعاسُ لَهُ سُكْرَا |
رَمَاهُ الكَرَى في الرّأسِ حتى كأنّهُ | أمِيمُ جَلامِيدٍ تَرَكْنَ بِهِ وَقْرَا |
جَرَرْنَا وَفَدّيْنَاهُ حَتى كَأنّمَا | يَرَى بهَوَادي الصّبحِ قَنْبَلَةً شُقرَا |
مِنَ السّيْرِ وَالإسْآدِ حَتى كَأنّما | سَقَاهُ الكَرَى في كلّ مَنزِلَةٍ خَمرَا |
فَلا تُعْجِلاني صَاحِبَيّ، فَرُبّمَا | سَبَقْتُ بِوِرْدِ المَاءِ غادِيَةً كُدْرَا |