ألا حبذا البيت الذي أنت هايبه
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ألا حَبّذا البَيْتُ الّذي أنْتَ هايِبُهْ، | تَزُورُ بُيُوتاً حَوْلَهُ، وَتُجَانِبُهْ |
تُجانِبُهُ مِنْ غَيرِ هَجْرٍ لأهْلِهِ، | وَلَكِنّ عَيْناً مِنْ عَدُوٍّ تُرَاقِبُهْ |
أرَى الدّهْرَ، أيّامُ المَشِيبِ أمَرُّهُ | عَلَيْنا، وأيّامُ الشّبابِ أطَايِبُهْ |
وَفي الشّيْبِ لَذّاتٌ وَقُرّةُ أعْيُنٍ | وَمِنْ قَبْلِهِ عَيْشٌ تَعَلّلَ جادبُهْ |
إذا نازَلَ الشّيْبُ الشّبابَ فأصْلَتَا | بسَيْفَيهِما، فالشَّيبُ لا بدّ غالِبُهْ |
فَيَا خَيْرَ مَهْزُومٍ وَيَا شَرّ هَازِمٍ، | إذا الشّيْبُ رَاقَتْ للشّبَابِ كَتايُبهْ |
وَلَيْسَ شَبابٌ بَعْدَ شَيْبٍ برَاجعٍ | يَدَ الدّهْرِ حتى يَرْجعَ الدَّرَّ حالِبُهْ |
وَمَنْ يَتَخَمّطْ بالمَظالِمِ قَوْمَهُ، | وَلَوْ كَرُمَتْ فيهم وَعزّتْ مضَارِبُهْ |
يُخَدَّشْ بأظْفَارِ العَشِيرَةِ خَدُّهُ، | وَتُجْرَحْ رُكوباً صَفْحتاهُ وَغارِبُهْ |
وإنّ ابنَ عَمّ المَرْءِ عِزّ ابنِ عَمّهِ، | مَتى ما يَهِجْ لا يَحلُ للقَوْمِ جانبُهْ |
وَرُبّ ابنِ عَمٍّ حاضِرِ الشرّ خَيرُهُ | مَع النجمِ من حيثُ استقلّتْ كواكبُهْ |
فلا ما نَأى مِنهُ مِنَ الشّرّ نَازِحٌ، | ولا ما دَنَا مِنْهُ مِنَ الخَيرِ جالِبُهْ |
فَما المَرْءُ مَنْفُوعاً بتَجرِيبِ وَاعظٍ، | إذا لم تَعِظْهُ نَفسُهُ وَتَجَارِبُهْ |
ولا خَيرَ ما لمْ يَنْفَعِ الغُصْنُ أصْلَهُ؛ | وَإنْ ماتَ لمْ تَحزَنْ عَليهِ أقارِبُهْ |