أنظر إلى العلياء كيف تضام
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أُنْظُرْ إلى العَلْيَاءِ كَيفَ تُضَامُ، | وَمَآتِمِ الأحسابِ كَيفَ تُقَامُ |
حُطََّتْ سُرُوجُ أبي سَعيدٍ، وَاغتَدتْ | أسيَافُهُ، دُونَ العَدُوّ، تُشَامُ |
خَبَرٌ ثَنَى رُكَبَ الرّكابِ، فَلْم يدَعْ | للرّكْبِ وَجْهَ تَرَحّلٍ، فَأقَامُوا |
وَرَزِيئَةٍ حَمَلَ الخَليفَةُ شَطرَها | وَالمُسْلِمونَ، وَشَطْرَها الإسْلامُ |
مَنْ يَعْتَفي العَافي بهِمّتِهِ، وَمَنْ | يأْوي إلَيْهِ المُعْتِمُ المُعْتَامُ |
أينَ السّحابُ الجَوْدُ، وَالقَمَرُ الذي | يَجلُو الدّجَى، وَالضّيغَمُ الضّرْغَامُ |
أينَ العَبُوسُ المُشْمَئِزُّ، إذا رَأى | جَنَفاً، وَأينَ الأبْلَجُ البَسّامُ |
سَكَنُ العُلا أوْدَى، فهُنّ ثَوَاكلٌ، | وَأبو العُفَاةِ ثَوَى، فَهُمْ أيْتَامُ |
وَلّى، وَقَد أوْلَى الوَرَى من جُودِهِ | نِعَماً، يَقُومُ بِشُكْرِهَا الأقْوَامُ |
لا تَهْنِىءِ الرّومَ استِرَاحَتُهُمْ، فقدْ | هَدَأُوا بأفْوَاهِ الدّرُوبِ، وَنَامُوا |
أمِنوا وَما أمِنُوا الرّدَى، حتى انطوَى، | في التُّرْبِ، ذاكَ الكَرُّ وَالإقْدَامُ |
أسَفاً عَلَيْهِ لآسِفٍ بَينَ القَنَا، | أسْوَانَ، تُعْذَلُ خَيْلُهُ وَتُلامُ |
وَلمُجْتَدٍ رَجَعَتْ يَداهُ بِلا جَداً، | أعْيَا عَلَيْهِ البَذْلُ وَالإنْعَامُ |
يا صَاحبَ الجَدَثِ المُقِيمَ بِمَنْزِلٍ، | مَا للأنِيسِ بِحُجْرَتَيْهِ مَقَامُ |
قَبْرٌ، تُكَسَّرُ فَوْقَهُ سُمرُ القَنَا | مِنْ لَوْعَةٍ، وَتُشَقَّقُ الأعْلامُ |
مَلآنُ مِنْ كَرَمٍ، فَلَيْس يَضُرُّهُ | مَرُّ السّحابِ عَلَيْهِ، وَهوَ جَهامُ |
بي لا بغَيرِي تُرْبَةٌ مَجْفُوّةٌ، | لكَ في ثَرَاهَا رِمّةٌ، وَعِظَامُ |
حَالَتْ بكَ الأشْيَاءُ عَنْ حالاتِها، | فالحُزْنُ حِلٌّ، وَالعَزَاءُ حَرَامُ |
نَستَقْصِرُ الأكْبَادَ، وَهيَ قَرِيحَةٌ، | وَنَذُمُّ فَيضَ الدّمْعِ، وَهوَ سِجامُ |
فعَلَيكَ، يا حِلفَ النّدى، وَعلى النّدى | مِنْ ذاهِبَينِ، تَحِيّةٌ وَسَلامُ |
وَبرُغْمِ أنْفي أنْ أرَاكَ مُوَسِّداً | يَدَ هَالِكٍ، وَالشّامِتُونَ قِيَامُ |
أوْ أنْ يَبيتَ مُؤمِّلُوكَ بِلَوْعَةٍ، | مُتَمَلْمِلينَ، وَخائِفُوكَ نِيَامُ |
كنتَ الحِمامَ على العَدوّ، وَلمْ أخَفْ | مِنْ أنْ يكونَ على الحِمَامِ حِمَامُ |
ما كنتُ أحسَبُ أنّ عِزّكَ يَرْتَقى | بالنّائِبَاتِ، وَلا حِمَاكَ يُرَامُ |
قَدَرٌ عَدَتْ فيهِ الحَوَادِثُ طَوْرَها، | وَتَجاوَزَتْ أقْدَارَها الأيّامُ |
فاذهَبْ كَما ذَهَبَتْ بساطعِ نُورِها | شَمسُ النّهارِ، وَأعقَبَ الإظْلامُ |
لا تَبعُدَنّ، وَكَيفَ يَقرُبُ نَازِلٌ | بالغَيبِ، تَفْنَى دونَهُ الأعْوَامُ |
وَلَقَدْ كَفَاكَ المَكْرُماتِ مُهَذَّبٌ، | يُرْضِيكَ مِنْهُ النّقْضُ وَالإبْرَامُ |
حُزْتَ العُلاَ سَبْقاً، وصَلّى ثَانِياً، | ثُمْ استَوَتْ مِنْ بَعْدِهِ الأقْدَامُ |
وَوَرَاءَ غَضْبَةِ يُوسُفَ بنِ مُحَمّدٍ | سَطْوٌ يَفُلُّ السّيفَ وَهْوَ حُسَامُ |
رَبُّ الخَلائِقِ لَوْ تَكَلّفَ بَعضَهَا، | لمْ يَستَطِعْها الغَيمُ، وَهوَ رُكامُ |
زَوّارُ أرْضِ الخالِعِينَ، إذا غَزَا | رَتَعَتْ، وَرَاءَ رِمَاحِهِ، الأقْلامُ |
مُسْتَعْبِدٌ حُرَّ الأُمُورِ، يَقُودُهَا | رَأيٌ لخَطْمِ الصّعْبِ مِنْهُ خِطَامُ |
أعْلى العُيُونَ، فَمَا بهِنّ غَضَاضَةٌ، | وَشَفَى الصّدورَ، فَما بهِنّ سَقَامُ |