حبيبٌ نأى وهو القريبُ المُصاقِبُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
حبيبٌ نأى وهو القريبُ المُصاقِبُ | وشحطُ نوى ً لم تنضَ فيهِ الركائبُ |
وإِنَّ قريباً لا يُرجَّى لِقاؤهُ | بعيدٌ تناءى والمدى متقاربُ |
أَلينُ لصعبِ الخُلقِ قاسٍ فؤادُهُ | وأعتبهُ لو يرَ عويَ من يعاتبُ |
من التركِ ميّاسُ القوامِ مهفهفٌ | له الدرُّ ثغرٌ والزُّمرُّدُ شارِبُ |
يفوّقُ سهماً من كحيلٍ مضيّقٍ | له الهدبُ ريشٌ والقسيُّ الحواجبُ |
أسالَ عذاراً في أسيلٍ كأنّهُ | عَبيرٌ على كافورِ خدَّيهِ ذائبُ |
وأَنْبَتَ في حِقفِ النَّقَاخِيزُ رانة | تُقِلُّ هلالاً أَطلعتْهُ الذَّوائبُ |
سعتْ عقربا صُدغيهِ في صحنِ خدهِ | فهنَّ لقلبي سالباتٌ لواسبُ |
عجبتُ لجفنيهِ وقد لجَّ سُقمٌها | فصحَّتْ وجسمي من أذاهنَّ ذائبُ |
ومن خصرهِ كيفَ استقلَّ وقد غدتْ | تجاذبهُ أردافهُ والمناكبُ |
ضنيتُ به حتى رثتْ لي عواذلي | ورقَّ لما ألقى العدوُّ المُناصبُ |
وما كنتُ ممَّنْ يستكينُ لحادثٍ | ولكنَّ سلطانَ الهوى لا يغالبُ |
سحائبُ أجفانٍ سوارٍ سواربُ | وأ'باءُ أشواقٍ رواسٍ رواسبُ |
فهل ليَ من داءِ الصبابة ِ مَخلصٌ | لعمري لقد ضاعتْ عليَّ المذاهبُ |
حلبتُ شطورَ الدهر يُسراً وعُسرة ً | وجرَّبتُ حتى حنكتني التجاربُ |
فكم ليلة ٍ قد بتُّ لا البدرُ مشرقٌ | يُضيءُ لِترائبهِ ولا النَّجمُ غارِبُ |
شققتُ دجاها لا أرى غيرَ همَّتي | أنيساً ولا لي غيرُ عزميَ صاحبُ |
بممغوطة الأنساعِ قَوْدٍ كأنها | على الرملِ من إثرِ الأفاعي مساحبُ |
وبحرٍ تبطَّنتُ الجواري بظهره | فجبنَ وهنَّ المقرباتِ المناجبُ |
إلى بحرِ جودٍ يخجلُ البحرَ كفُّهُ | فقلْ عن أياديهِ فهنَّ العجائبُ |
إِلى ملكٍ ما جادَ إِلاَّوأَقلعتْ | حياءً وخوفاً من يديهِ السحائبُ |
إِلى أَبلجٍ كالبدرِ يُشرِقُ وجهُه | سناءً إِذا التفتْ عليهِ المواكبُ |
تسنَّمَ من أعلى المراتبِ رتبة ً | تقاصرُ عن أدنى مداها الكواكبُ |
لنا مِن نداهُ كلَّ يومٍ رغائبٌ | ومِن فعلهِ في كلّ مدحٍ غرائبُ |
فتى ً حصنهُ ظهرُ الحصانِ ونثرة ٌ | تكلُّ لديها المُرهَفاتُ القَواضبُ |
مضعافة ٌ حتى كأنَّ قتيرها | حبابٌ حبتهُ بالعيونِ الجنادبُ |
يريهِ دقيقُ الفكرِ في كلِّ مشكلٍ | من الأمرِ ما تُفضي إِليه العواقبُ |
أتيتُ إليهِ والزمانُ عنادهُ | عنادي وقد سدَّتْ عليّ المذاهبُ |
ليرفعَ من قدري ويجزِمَ حاسدي | وأصبحَ في خفضٍ فكم أنا ناصبُ |
فلم أرَ كفاً عارضاً غيرَ كفّهِ | بوجهٍ ولم يزوَرَّ للسخط حاجبُ |
قطعنا نِياطَ العيسِ نحوَ ابنُ حرَّة ٍ | صفتْ عندهُ للمعتفينَ المشاربُ |
إِلى طاهرِ الأنسابِ ما قعدتْ به | عن المجدِمن بعضِ الجدودِ المناسبُ |
دعا كوكباناً والنجومُ كأنها | نطاقٌ عليهِ نظَّمتهُ الثواقبُ |
فرامَ امتناعاً عنهُ وهو مرادهُ | كما امتنعتْ عن خَلوة البَعل كاعبُ |
وليس بِراشٌ منه أقوى قواعداً | وإنْ غرَّ من فيهِ الظُّنونُ الكواذبُ |
تقِلُّ على كُثْرالعديدِ عُداتُه | وتكثٌر منهم في النوادي النوادبُ |
ونصحي لهم أن يهربوا من عقابه | إليهِ فإنَّ النُّصحَ في الدينِ واجبٌ |
بقيتَ فكم شرَّفتَ باسمكَ منبراً | وكم نالَ من فخرٍ بذكركَ خاطبُ |