إعجب من الغيم كيف ارفض فانقشعا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
إعجبْ من الغَيمِ كيفَ ارْفضّ فانقشعا، | وَصَالحِ العيشِ كيفَ اعتيقَ فارْتُجعَا |
لَوْلا الفَقيدُ، الذي عَمّتْ نَوَافِلُهُ، | ما ضَاقَ مِنْ جانبِ الأيّامِ ما اتّسَعَا |
فَجيعَةٌ، من صرُوفِ الدّهرِ مُعضِلةٌ، | لوْ يَعلَمُ الدّهرُ فيها كُنهَ ما صَنَعَا |
خَلّى أبُو القاسِمِ الجُلّى عَلى عُصَبٍ، | إنْ حاوَلوا الصّبرَ فيها بَعدَهُ امتَنَعَا |
إنّ النّعيّ بِمَرْوِ الشّاهِجانِ غَدَا | لباعثٍ رَهَجاً، في الشّرْقِ، مُرْتَفِعَا |
تَنْثَالُ أنْجِيَةُ الوَادي إلى خَبَرٍ، | بَنُو سُوَيْدٍ عَلَيْهِ عاكفونَ مَعَا |
يُخفونَ ما وَجدُوا منهُ، وَبينَهُمُ | وَجْدٌ، إذا أطفأُوا مَشبوبَهُ سَطَعَا |
لأبكِيَنّ ضُيُوفاً فيكَ، حَائِرَةً | أسبابُها، وَرَجَاءً منكَ مُنْقَطِعَا |
وَكيفَ تُنسَى، وَما استُنزِلتَ عن خطرٍ، | وَلا نَسيتَ النُّهَى خَوْفاً وَلا طَمَعَا |
لا تَحسَبَنّي اغتَفَرْتُ الرُّزْءَ فيكَ وَلا | ظَلِلْتُ فيهِ لرَيْبِ الدّهْرِ مُنخَدِعَا |
وَقدْ تَقَصّيتُ عُذْرِي في التَّحمُّلِ لوْ | أحمَدْتُ غايَتهُ وَالحزْنَ لوْ نَفَعَا |
نَفَسٌ سلَكْتُ بهَا التّهجينَ رَائدَةً، | فَما رَأتْ جَلَداً أغنى، وَلا هَلَعَا |
كَلَّفْتُها الصّبرَ، فاعتَاضَتْ مُمانِعَةً، | وَسامَحتْ لكَ، إذْ كَلّفتَها الجَزَعَا |
وَالدّمعُ سَيْلٌ مَتَى عَلّيتَ جَرْيَتَهُ | أبَى الرّجوعَ، وَإنْ صَوّبتَهُ انْدَفَعَا |
تَنَكّرَ العَيشُ، حتّى صَارَ أكْدَرُهُ | يَأتي نِظَاماً، وَيَأتي صَفْوُهُ لُمَعَا |
وَآنَسَتْ مِنْ خطوبِ الدّهرِ كَثرَتُها، | فلَيس يَرْتاعُ من خَطبٍ، إذا طَلَعَا |
قُلْ لأبي صَالحٍ، إمّا عَرَضْتَ لَهُ، | تَحْمَدْهُ قَائِلَ أقْوَامٍ، وَمُستَمِعَا |
قَدْ آنَ للصّبرِ أنْ تُرْجَى مَثُوبَتُهُ، | وَمُولَعٍ بهُمُولِ الدّمعِ أنْ يَدَعَا |
فَقْدُ الشّقيقِ غَرَامٌ ما يُرَامُ، وَفي | فَقْدِ التّجمّلِ وَهنٌ يُعقِبُ الظَّلَعَا |
كِلاهُما عِبْءُ مكرُوهٍ، إذا افتَرَقَا، | فكَيفَ ثِقلُهُما المُوهي إذا اجتَمَعَا |
لَيسَ المُصِيبَةُ في الثّاوِي مَضى قدَراً، | بَلِ المُصِيبَةُ في الباقي هَفَا جَزَعَا |
إنّ البُكَاءَ على المَاضِينَ مَكْرُمَةٌ | لَوْ كانَ ماضٍ، إذا بكّيتَهُ، رَجَعَا |
صُعُوبَةُ الرُّزْءِ تُلقَى في تَوَقّعِهِ | مُستَقبَلاً، وَانقِضَاءُ الرُّزْءِ أن يقَعَا |
وَفي أبيكَ مُعَزٍّ عَنْ أخيكَ، إذا | فكّرْتَ فيهِ، وَفي الوَفْدِ الذي تَبِعَا |
هُمُ وَنحنُ سَوَاءٌ، غَيرَ أنّهُمُ | أضْحَوْا لَنَا سَلَفاً نُمسِي لهمْ تَبَعَا |
قَدْ رَدّ في نُوَبِ الأيّامِ شِرّتَهَا، | إنْ لم تَكُُنْ غَمَراً فيها وَلا ضَرَعَا |
عَزِيمةٌ منكَ إنْ جَشّمتَها جَشَمَتْ، | وَرُكنُ رَضْوَى إذا حَمّلتَه اضْطَلَعَا |