سقيت الغوادي من طلول وأربع
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
سُقيتِ الغَوادِي من طُلُولٍ وأرْبُعِ، | وَحُيّيتِ من دارٍ لأسماءَ بَلْقَعِ |
وإنْ كُنتُ لا مَوْعُودُ أسماءَ رَاجعي | بنُجحٍ، ولا تَسوِيفُ أسماءَ مُقنعي |
ولا نَافعٌي سَكْبُ الدّموعِ التي جَرَتْ | َلدَيها، ولا فَرْطُ الحَنينِ المُرَجَّعِ |
فَلا وَصْلَ، إلاّ أنْ يُطِيفَ خَيالُها | بنا تحتَ جُؤشوشٍ من اللّيلِ أسْفَعِ |
ألَمّتْ بنا، بعدَ الهدو، فَسامحَتْ | بوَصْلٍ، متى نَطلُبْهُ في الجِدّ تَمنَعِ |
وَمَا بَرِحَتْ حتّى مَضَى اللّيلُ فانقَضَى، | وأعجَلَهَا داعي الصّباحِ المُلَمَّعِ |
فَوَلّتْ كأنّ البَينَ يَخلِجُ شَخصَها | أوَانَ تَوَلّتْ، من حَشايَ وأضْلُعي |
وَرُبّ لقَاءٍ لمْ يُؤمَّلْ، وفُرْقَةٍ | لأسْمَاءَ لمْ تُحْذَرْ، وَلَمْ تُتَوَقّعِ |
أرَانيَ لا أنْفَكُّ في كلّ لَيْلَةٍ | تُعَاوِدُ فيها المَالكيّةُ مَضْجَعي |
أُسَرُّ بقُرْبٍ منْ مُلِمٍّ مُسَلِّمٍ، | وأُشجَى ببَينٍ منْ حَبيبٍ مُوَدِّعِ |
فكَأْيِنْ لَنَا بَعْدَ النّوَى منْ تَفَرّقٍ | تُزَجّيهِ أحلامُ الكَرَى، وَتَجَمُّعِ |
وَمِنْ لَوْعَةٍ تَعْتَادُ في إثْرِ لَوْعَةٍ، | وَمن أدمُعٍ تَرْفَضُّ في إثرِ أدْمُعِ |
فَهَلاّ جَزَى أهلُ الحمى فَيضَ عبرَتي، | وَشَوْقِي إلى أهلِ الحمَى، وَتَطَلُّعِي |
سَيَحْملُ هَمّي عن قَريبٍ، وهمّتي | قَرَا كُلِّ ذَيّالٍ جُلالٍ جَلَنْفَعِ |
يُناهِبْنَ أجْوَازَ الفَيَافي بأرْجُلٍ | عِجَالٍ، إلى طَيّ الفَيَافي، وأذْرُعِ |
متى تَبلُغِ الفَتحَ بنَ خَاقَانَ لا تُنِخْ | بضَنْكٍ، وَلاَ تَفزَعْ إلى غَيْرِ مَفزَع |
حَليفُ ندًى، إن سيل فَاضَتْ حياضه | وَذُو كَرَمٍ، إلاّ يُسَلْ يَتَبَرّعِ |
تُؤمَّلُ نُعْمَاهُ، وَيُرجَى نَوَالُهُ | لَعَانٍ ضَريكٍ، أوْ لُعَافٍ مُدَقَّعِ |
وَيَبْتَدِرُ الرّاءونَ منهُ، إذا بَدَا، | سَنَا قَمَرٍ من سُدّةِ المِلْكِ مُطلَعِ |
إذا مَا مَشَى بَينَ الصّفُوفِ تَقَاصرَتْ | رُؤوسُ الرّجالِ عن طُوَالٍ سَمَيْذَعِ |
يَقُومُونَ من بُعدٍ، إذا بَصُرُوا بهِ، | لأبْلَجَ مَوْفُورِ الجَلاَلَةِ، أرْوَعِ |
وَيَدعُونَ بالأسماءِ مَثنًى وَمَوْحَدا | إذا حَضَرُوا بابَ الرِّوَاقِ المُرَفَّعِ |
إذا سارَ كُفّ اللّحظُ عن كلّ مَنظَرٍ | سواهُ وَغُضّ الصّوْتُ عن كلّ مَسمعِ |
فَلَسْتَ تَرَى إلاّ إفاضَةَ شاخصٍ | إلَيهِ بعَينٍ، أو مُشِيرٍ بإصْبَعِ |
مُرَاعٍ لأوْقاتِ المَعالي مَتَى يَلُحْ | لَهُ شَرَفٌ يُوجِفْ إلَيهِ، فيُوضِعِ |
عَفُوٌّ عَنِ الجانينَ حتّى يَرُدّهُمْ | إلَيهِ، وَإلاّ يَعْفُ يأخُذْ، فيُسرِعِ |
عَليمٌ بتَصريفِ اللّيالي، كأنّه | يُعاني صُرُوفَ الدّهرِ من عَهْدِ تُبّعِ |
حَلِيمٌ، فإنْ يُبلَ الجَهُولُ بحقْدِهِ | يَبتْ جارَ رأسِ الحَيّةِ المُتَطَلّعِ |
وَلاَ يَبْتَدِي بالحَرْبِ أو يُبْتَدَى بِهَا، | وَقُورُ الأنَاةِ أرْيَحيُّ التّسَرّعِ |
وَقَدْ آيَسَ الأعداءَ مَحْكُ مُضَاجِرٍ | لَجُوجٍ، متى يَحْزُزْ بكَفّيهِ يَقطَعِ |
طَلُوبٍ لأقْصَى الأمرِ حتّى يَنَالَهُ، | وَمُغْرًى بغاياتِ الحَقَائِقِ، مُولَعِ |
وَقُلْتُ لمَغْرُورٍ بهِ حَانَ وارْتَمَتْ | بهِ مُطْمِعَاتُ الحَينِ في غَيْرِ مَطمَعِ |
ترَكتَ اقتبالَ العَفْوِ،والعَفْوُ مُعرِضٌ، | إذ السّلْمُ باقٍ، والقُوَى لم تُقَطَّعِ |
أفالآنَ حَاوَلْتَ الرّضَا بَعدَمَا مَضَتْ | عزِيمَةُ غَضْبَانٍ على الشّرّ مُجمِعِ؟ |
إذا بَدَرَتْ منهُ العَزِيمَةُ لم يَقفْ، | وإنْ جَازَ عَنْهُ الأمرُ لم يَتَتَبّعِ |
هَجُومٌ عَلى الأعداءِ من كلّ وِجهَةٍ | إذا هَجهَجُوا في وَجهِ لمْ يُرَوَّعِ |
أمينُ بني العَبّاسِ في سرّ أمرِهِمْ، | وَعُدّتُهُمْ للخَالِعِ المُتَمَنِّعِ |
فَما هُوَ بالسّهلِ الشّكيمةِ دونَهُمْ، | ولا فيهِمِ بالمُدْهِنِ، المُتَصَنِّعِ |
وَيُرْضِيكَ مِن وَالي الأعِنّةِ كَرُّهُ | وإقْدامُهُ في المأزِقِ المُتَشَنَّعِ |
لَهُ الأثَرُ المَحمُودُ في كلّ مَوْقِفٍ، | وَفَصْلُ الخطابِ الثّبتِ في كلّ مَجمعِ |
لكَ الخَيرُ: إنّي لاحقُ بكَ فاتّئِدْ | عَليّ، وإنّي قائِلٌ لكَ، فاسمَعِ |
مَكَانيَ مِنْ نُعْمَاكَ غَيْرُ مُؤخَّرٍ، | وَحَظّيَ مِنْ جَدْوَاكَ غَيْرُ مُضَيَّعِ |
وإنّي، وإنْ أبلَغْتَني شَرَفَ العُلا، | وأعتَقْتَ من ذل المَطامِعِ أخدَعي |
فَما أنَا بالمَغضُوضِ عَمّا أتَيْتَهُ | إليّ، ولا المَوْضُوعِ في غَيرِ مَوْضِعي |
وَقَدْ نافَستَني عُصْبَةٌ مِنْ مُقَصِّرٍ، | وَمُنْتَحِلٍ ما لم يَقُلْهُ وَمُدّعِ |
إذا ما ابتَدَرْنا غايَةً جِئْتَ سَابِقاً، | وَجاءوا على آثار حَسرَى وَظُلَّعِ |
فَلا تُلْحِقَنْ بي مَعشَراً لم يُؤمّلُوا | لَحَاقي، ولم يَجرُوا إلى أمَدٍ مَعِي |