لا زال محتفل الغمام الباكر
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
لا زَالَ مُحْتَفِلُ الغَمَامِ الباكِرِ | يَهْمي على حَجَرَاتِ أهْل الحاجِرِ |
فَلَرُبّ منزلة، هُنَاكَ، مُحيلَةٍ، | وَمَحَلّةٍ قَفْرٍ، وَرَسْمٍ دائِرِ |
أبَهَتْ لساكِنِهَا النّوَى، وَتَكشّفتْ | عَنْ أهْلِهَا سَنَةُ الزّمانِ النّاضِرِ |
وَلَقد تكونُ بها الأوَانسُ مِنْ مَهاً | صور القُلوبِ إلى الصّبا، وَجآذِرِ |
أخَيَالُ عَلوَةَ كَيفَ زُرْتَ، وَعندنَا | أرَقٌ يُشَرَّدُ بالخَيَالِ الزّائِرِ |
طَيفٌ، ألَمّ بنا، وَنَحنُ بمَهْمَهٍ | قفَرْ، يَشُقُّ على المُلِمّ الخَاطِرِ |
أفضَى إلى شُعْثٍ تُطيرُ كَرَاهُمُ | رَوْحاتُ قُودٍ، كالقِسِيّ ضَوَامِرِ |
حتى إذا نَزَعُوا الدّجَى، وَتَسَرْبَلوا | مِنْ فَضْلِ هَلْهَلَةِ الصّبَاحِ الغَائِرِ |
وَرَمَوْا، إلى شُعَبِ الرّحالِ، بأعينٍ | يَكْسِرْنَ مِنْ نَظَرِ النُّعاسِ الفَاتِرِ |
أهْوَى، فأسعَفَ بالتّحيّةِ، خِلسَةً، | وَالشّمسُ تَلْمَعُ في جَناحِ الطّائِرِ |
سِرْنَا، وَأنْتِ مُقيمَةٌ، وَلَرُبّمَا | كَانَ المُقيمُ عِلاقَةً للسّائِرِ |
إمّا انْجَذَبْنَ بِنَا، فكَمْ من عَبرَةٍ | تَثني إلَيكَ بلَفْتَةٍ مِنْ نَاظِرِ |
كَشَفَتْ لَنَا سِيَرُ الأمِيرِ مُحَمّدٍ | عَنْ أمْرِ نَاهٍ بالسّدادِ، وَآمِرِ |
لا يَقْتَفي أثَرَ الغَرِيبِ، وَلا يَرَى | قَلَقَ المَطيّ عَلى الطّرِيقِ الجائِرِ |
مُتَقَيِّلٌ شَرَفَ الحُسَينِ وَمُصْعَبٍ، | وَفَعَالَ عَبْدِ الله بَعْدُ وَطاهِرِ |
قَوْمٌ أهَانُوا الوَفْرَ، حتى أصْبَحُوا | أوْلى الأنَامِ بِكُلّ عِرْضٍ وَافِرِ |
آسَادُ مَلْحَمَةٍ، فإنْ سكَنَ الوَغى | كَانُوا بُدُورَ أسِرّةٍ وَمَنَابِرِ |
جَاءُوا عَلى غُرَرِ السّوَابِقِ إذْ سَعى الـ | ـسّاعي، فَجاءَ على السُّكَيتِ العاشِرِ |
أبَني الحُسَينِ، وَلمْ تَزَلْ أخلاقُكُمْ | مِنْ دِيمَةٍ سَحٍّ، وَرَوْضٍ زَاهِرِ |
إنّ المَكَارِمَ قَدْ بَدئْنَ بِأوّلٍ | مِنْ مَجدِكُمْ، وَخُتِمنَ بَعدُ بآخِرِ |
تَقْفُونَ طَلْحَةَ بالفَعَالِ، وَإنّمَا | تَسْرُونَ في قَمَرِ السّماءِ البَاهِرِ |
ألرّمْلُ فيكُمْ مِنْ عَتَادِ مُفاخِرٍ، | يَوْمَ اللّقَاءِ، وَمِنْ عَديدِ مُكاثِرِ |
وَمَوَاهِبٌ في الخابِطِينَ، كأنّمَا | يَطْلُعْنَ مِنْ خَلَلِ الرّبيعِ البَاكِرِ |
إنْ تُكْفَرُوا لا تَنْقُصُوا، أوْ تُشكَرُوا | فالنّجْمُ مَا لخطتْهُ عَينُ النّاظِرِ |
أوْ سَارَ في إقدامِكُمْ وَسَماحِكُمْ | شِعرِي، فتِلْكَ مَناقبي وَمآثِرِي |
وَالمَدْحُ لَيسَ يَحُوزُ قاصِيَةَ المَدَى | حتى يكُونَ المَجد مجدَ الشّاعِرِ |