كأنيّ كَسَوْتُ الرَّحْلَ جَوْناً رَبَاعياً
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
كأنيّ كَسَوْتُ الرَّحْلَ جَوْناً رَبَاعياً | بليتيهِ من زرَّ الحميرِ كلومُ |
عَلنْدى مِصكّاً قدْ أضرَّ بعانة ٍ | لما شذَّ منها أو عصاهُ عذومُ |
تربعَ أكنافَ القنانِ فصارة ٍ | فمازانَ حتى قاظَ وهو زهومُ |
إلى أنْ علاهُ القيظُ واستنَّ حولهُ | أَهابيُّ منها حاصِبٌ وسَمُومُ |
وأعوَزَهُ باقي النطافِ وقلّصَتْ | ثَمائِلُها وفي الوجوهِ سُهومُ |
و حلأها حتى إذا تمَّ ظمؤها | و قد كادَ لا يبقى لهنَّ شحومُ |
فطلَّ سراة َ اليومِ يقسمُ أمرهُ | مُشِتُّ عليهِ الأمرُ أَيْنَ يَرومُ |
و أقلقهُ همٌّ دخيلٌ ينوبهُ | وهاجرة ٌ جرّتْ عليهِ صَدومُ |
برابية ٍ يَنحطُّ عنها مُعَشِّراً | و يعلو عليها تارة ً فيصومُ |
وظلّتْ كأَنَّ الطيرَ فوقَ رؤوسِها | صِياماً تُراعى الشمسَ ، وهو كظومُ |
مخافة مخشيَّ الشذاة عذورٍ | لنابيهِ في أكفالهنَّ كلومُ |
إلى أنْ أجنَّ الليلُ وانقضَّ قارباً | عليهِنَّ جيّاشُ الجِراءِ أَزومُ |
و كمشها ثبتُ الحضارِ ملازمٌ | لما ضاعَ من أدبارهنَّ لزومُ |
فأوردها ماءً بغضورَ آجناً | لهُ عرمضٌ كالغسل فيهِ طمومُ |
بحضرتهِ رامٍ أعدَّ سلاجماً | وبالكفِّ طَوْعُ المركفيْنِ كَتُومُ |
فلمّا دَنتْ للماءِ هِيماً تعّجلتْ | رباعية ٌ للهادياتِ قدومُ |
فدَّلتْ يديْها واستغاثتْ بِبَرْدِهِ | على ظَمأٍ منها وفيهِ جُمومُ |
فأهوى بمفتوقِ الغِرارْين مُرْهَفٌ | عليه لؤامُ الريشِ فهو قَتُومُ |
فأنفذَ حضنيها وجالَ أمامها | طميلٌ يفرّي الجوْفَ وَهْوَ سليمُ |
فولّتْ وولّى العيْرُ فيها كأنَّما | يلهبُ في آثارهنَّ ضريمُ |
وغادَرَها تكبو لِحُرِّ جبينِها | كلا منخريها بالنجيعِ رذومُ |