هجرت كأن الوصل أعقب وحشة
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
هجَرْتَ، كأنّ الوَصْلَ أعقَبَ وحشة ، | ولم أر وصلاً قبله يعقب الهجرَا |
فتى مَذحِجٍ عَفواً، فتى مَذحِجٍ غَفَرا، | لمُعْتَذِرٍ جاءَتْ إساءَتُهُ تَتْرَى |
وَمَنْ يَهَبُ النَّيلَ الذي سَمَحتْ بهِ | يَداكَ بلا مَنٍّ، فَلَنْ يَمنَعَ العُذْرَا |
فإنْ قُلتَ بي كِبْرٌ، فمِثلُ الذي أرَى | على النّاسِ مِنْ نُعمَاكَ يَملأُني كِبرَا |
مَوَاهبُ لي منها الغِنى، فمتى التَقَى | بساحَتِها حَمدٌ، فلي حَمدُها طُرَا |
تُضَافُ إلى مجْدي، وَتجرِي إلى يَدي، | فأملِكُها مالاً، وَأملِكُها فَخرَا |
أتَاني قَرِيضٌ مِنكَ يَحدوهُ نَائِلٌ، | فأنْطَقَني جُوداً، وَأفحَمَني شِعرَا |
وعأكسَبَني شُغلاً عنِ الوَصْلِ شاغِلاً | يُعاتِبُني فيهِ، وتَعتَدُّهُ هَجْرَا |
فإن كُنْتَ مَشْغُوفاً بقُرْبيَ آنِساً | بشَخصِي، فَلِمْ خَوّلتَني ذلكَ البدرَا |
لَئِنْ كَانَ إسعافي بهِ منكَ قَبْلَها | وَفَاءً، لقَد كانَ انفرَادي به غَدرَا |
وَمَا هُوَ إلاّ دُرّةٌ لَمْ أجِدْ لها | سوَى جودِكَ الأمسِيّ، إذ بَرَزَتْ بحرَا |
حَمَلْتَ عَلَيْهِ في سَبيلِ فُتُوّةٍ، | هيَ الثّغرُ خَلفَ المجدِ بل تفضلُ الثّغرَا |
فأنتَ تُصِيبُ الَمجدَ حيثُ تلألأتْ | كَوَاكِبُهُ، إنْ أنتَ لم تُصِبِ الأجرَا |
وَجَدْتُ نَداكَ اليَوْمَ ألطَفَ مَوْقعاً، | وَقد كانَ لي خِلاًّ فأصْبَحَ لي صِهْرَا |
فإنْ أنا لم أشكُرْكَ نُعماكَ جَاهِداً، | فلا نِلْتُ نُعمَى بَعدَها توجبُ الشكرَا |