أَضاءَ بُرَيْقٌ بِالعُذَيْبِ كَليلُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أَضاءَ بُرَيْقٌ بِالعُذَيْبِ كَليلُ | فَثِنْيُ نِجادي لِلدُّموعِ مَسيلُ |
تَناعَسَ في حِضْنِ الغَمامِ كَأَنَّهُ | حُسامٌ رَميضُ الشَّفْرَتيْنِ صَقيلُ |
يُنيرُ سَناهُ مَنْزِلَ الحَيِّ بِاللِّوى | وَيُسْديهِ مِرْزامُ العَشِيِّ هَطولُ |
وَأَلْحَظُهُ شَزْراً بِمُقْلَة ِ أَجْدَلٍ | لَهُ نَطَراتٌ كُلَّهُنَّ عَجولُ |
يُراعِي أَساريبَ القَطا عَصَفَتْ بِها | مِنَ الرِّيحِ هَوْجاءُ الهُبوبِ بَليلُ |
فَأَهْوَى إليها ، وَهْوَ طاوٍ وَعِنْدَهُ | أُزَيْغِبُ مُصْفَرُّ الشَّكيرِ ضَئيلُ |
بِأَقْنى على أَرْجائِهِ الدَّمُ مائِرٌ | وَحُجْنٍ حَكَتْ أَطْرافَهنَّ نُصولُ |
فَرُحْنَ وَما مِنْهُنَّ إلاّ مُطَرَّحٌ | جَريحٌ وَمَنْزوفُ الحَياة ِ قَتيلُ |
فَآهاً مِنَ البَرْقِ الذي بَزُّ ناظِري | كَراهُ ، وَأَسْرابُ الدُّموعِ هُمولُ |
تَأَلَّقَ نَجِدّياً--فَحَنَّتْ نُوَيْقَة ٌ | يُجاذِبُها فَضْلُ المِراحِ جَديلُ |
وَبي ما بِها مِنْ لَوْعَة ٍ وَصَبابَة ٍ | وَلكنَّ صَبْرَ العَبْشَمِيِّ جَميلُ |
وَما ليَ إلاّ البَرْقُ يَسْري أَوِ الصِّبا | إلى حَيثُ يَسْتَنُّ الفُراتُ، رَسولُ |
تَحِنُّ إلى ماءِ الصَّراة ِ رَكائِبي | وَصَحْبي بِشَطَّيْ زَرْنَروذَ حُلولُ |
أَشَوْقاً وَأَجْوازُ المَهامِهِ بَيْنَنا | يَطيحُ وَجيفٌ دُونَها وَذَميلُ |
أَلا ليْتَ شعْري هل أراني بغِبطة ٍ | أَبِيتُ على أرْجائِها وَأقيلُ |
هَواءٌ كَأَيَّامِ الهَوى ، لا يُغِبُّهُ | نَسيمٌ ، كَلَحْظِ الغانِياتِ ، عَليلُ |
وَعَصْرٌ رَقيقُ الطُّرَّتَيْنِ تَدَرَّجَتْ | على صَفحَتَيْهِ نَضْرَة ٌ وَقَبُولُ |
وَأَرْضٌ حَصاها لُؤْلُؤٌ وَتُرابُها | تَضَوَّعَ مِسْكاً، وَالمياهُ شَمُولُ |
بِها العَيْشُ غَضٌّ ، والحياة ُ شَهِيَّة ٌ | وَلَيْلي قَصيرٌ، وَالهَجيِرُ أَصيلُ |
فَقُلْ لأَخِلاَّئي بِبَغْدادَ هَلْ بِكُمْ | سُلُوٌّ؟ فَعِندي رَنَّة ٌ وَعَويلُ |
تُرَنِّحُني ذِكْرَاكُمُ فَكَأَنَّما | تَميلُ بِيَ الصَّهْباءُ حِينَ أَميلُ |
لِئَنْ قَصُرَتْ أَيّامُ أُنسي بِقُرْبِكُمْ | فَليلي عَلَى نَأيِ المَزارِ طَويلُ |
وَحَوْلي قَوْمٌ يَعْلَمُ اللّهُ أَنَّني | بِهمْ - وَهُمُ بي يَكْثُرونَ- قَليلُ |
إذا فَتَّشَ التَّجْريبُ عَنْهُمْ تَشابَهَتْ | سَجايا كَأطْرافِ الرِّماحِ ، شُكولُ |
وَلَوْ لَمْ نَرِمْ بَطْحاءَ مَكَّة َ أَشْرَقَتْ | بِها غُرَرٌ مِنْ مَجْدِنا وَحُجولُ |
إذا ذُكِرَتْ آلُ ابنِ عَفَّانَ أَجْهَشَتْ | حُزونٌ، وَرَنَّتْ بِالحِجازِ سُهولُ |
بِرَغْوِ العُلا تُمْسي وَتُصْبِحُ دُورُهمْ | وَهُنَّ رُسومٌ رَثَّة ٌ وَطُلولُ |
تُرَشِّحُ أُمُّ الخِشْفِ أَطْلاءها بِها | وَتُسْحَبُ فيها لِلريَّاحِ ذُيولُ |
أثِرْها أَبا حَسَّانَ حُدْباً كَأَنَّها | نُسُوعُ على أَوساطِهِنَّ تَجولُ |
فقد أنْكَرَ الياسْ النَّزاريُّ مُكثَنا | وَخِندْفِ بِنْتُ الحِمْيَريِّ عَذولُ |
إذا لَمْ تُنَوِّهْ بِالمَكارِمِ هِمَّتي | تَشَبَّثَ بي -حاشا عُلايَ- خُمولُ |
تُعَيُّرُني بِنْتُ المُعاوِيِّ غُرْبَتي | وَكُلُّ طُلوعٍ يَقْتَفيهِ أُفولُ |
وَتَعْجَبُ أنَّي مِنْ مُمارَسَة النَّوى | نَحيفٌ ، وفي مَتْنِ القَناة ِ ذُبولُ |
لِئَنْ أَنْكَرَتْ مِنّي نُحولاً فَصارِمي | يُغازِلُهُ في مَضْرِبَيْهِ نُحولُ |
وَلَمْ تُبْدِعِ الأَيّامُ فِيَّ بِنَكبَة ٍ | فَبَيْني وَبَيْنَ النَّائِباتِ ذُحولُ |