فداؤك نفسي دون رهطي ومعشري
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
فِدَاؤكَ نَفسِي، دونَ رَهطي وَمَعشرِي، | وَمَبدايَ مِنْ عَلْوِ الشّآمِ، ومحْضرِي |
فكم شِعبِ جودٍ يَصْغُرُ البحرُ عندَهُ | توَرّدْتُهُ مِنْ سَيْبِكَ المُتَفَجِّرِ |
وَكمْ أمَلٍ في سَاحَتَيكَ غَرَسْتُهُ، | فمِنْ مُورِقٍ أذكي النّبَاتِ، وَمُثْمِرِ |
فَلا يَهنىءِ الوَاشِينَ إفْسَادُ بَيْنِنَا، | بأسْهُمِهِمْ مِنْ بَالغٍ وَمُقَصِّرِ |
تَقَدّمتَ في الهِجرانِ، حتّى تأخّرَتْ | حُظوظيَ في الإحسانِ كُلَّ التّأخّرِ |
وَلَوْلاَكَ ما رُمْتُ القَطيعَةَ، بَعد َما | وَقَفْتُ عَلَيْهَا وِقْفَةَ المُتَحَيّرِ |
وَكنتُ إذا استَبطأتُ وِدّكَ زُرْتُهُ | بتَفْوِيفِ شِعْرٍ، كالرّداءِ المُحَبَّرِ |
لأسمَعْتَني في ظُلمَةِ الهَجرِ دَعْوَةً | على الهجر في وَقْتٍ من العَفْوِ، مُقْمِرِ |
أتَيْتَ بمَعْرُوفٍ من الصّفْحِ، بعدَ ما | أتَيْتَ بمَذمومٍ من الغَدْرِ، مُنْكَرِ |
عِتابٌ بأطْرَافِ القَوَافي، كأنّهُ | طِعَانٌ بأطْرَافِ القَنَا المُتَكَسِّرِ |
وأجلُو بهِ وَجْهَ الإخَاءِ، وأجْتَلِي | حَيَاءً كَصِبغِ الأُرْجُوَانِ المُعَصْفَرِ |
بِنِعْمَتِكُمْ، يا آلَ سَهْلٍ، تَسَهّلتْ | عَليّ نَوَاحي دَهْرِيَ المُتَوَعِّرِ |
شَكَرْتُكُمُ، حتى استَكَانَ عَدُوُّكُمْ، | وَمَنْ يُولَ ما أوْلَيْتُمُوينهَ يَشْكُرِ |
ألَسْتُ ابنَكُمْ، دونَ البَنينَ، وأنتُمُ | أحِبّاءُ أهلي، دونَ مَعْنٍ وَبُحتُرِ |
أعُودُ إلى أفْيَاءِ أرْعَنَ شَاهِقٍ، | وأدْرُجُ في أفْنَاءِ رَيّانَ أخْضَرِ |
أبا الفَضْلِ! إنْ يُصبحْ فَعَالُكَ أزْهراً، | فمِنْ فَضْلِ وَجْهٍ، في السّمَاحَةِ، أزْهَرِ |
وَهَبْتَ الذي لَوْ لمْ تَهَبْهُ لَما التَوَى | بكَ اللّوْمُ، إنّ العُذْرَ عندَ التّعذّرِ |
فأعطَيتَ ما أعطَيْتَ، والبِشرُ شاهِدٌ | على فَرَحٍ بالبَذْلِ، منكَ، مُبَشِّرِ |
وَكَانَ العَطاءُ الجَزْلُ ما لمْ تُحَلّهُ، | بِبِشْرِكَ مثلَ الرّوْضِ، غيرَ مُنَوِّرِ |
وَنَيْلُكَ هذا يَشْرَكُ النّيلَ مَسْمَعاً، | وَيَفْضُلُهُ، مِن بَعدُ، في حُسنِ منظرِ |
أطَعْتُ لسُلطانِ التّكَرّمِ والعُلا، | وَعاصَيتُ سُلطانَ الجَوَى، والتّذَكّرِ |
فَوَالله لا أدرِي سَلَوْتُ عَنِ الهَوَى، | فأكْفَتَنِيهِ، أمْ حسدتُ ابنَ مَعْمَرِ |