إنما الغي أن يكون رشيدا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إنّما الغَيّ أنْ يكونَ رَشيدَا، | فانقِصَا مِنْ مَلامِهِ، أوْ فَزِيدَا |
خَلّيَاهُ وَجِدّةَ اللّهْوِ، ما دا | مَ رِداءُ الشّبابِ غَضّاً جَديدَا |
إنّ أيّامَهُ مِنَ البِيضِ بِيضٌ، | ما رَأينَ المَفارِقَ السّودَ سُودَا |
أيّها الدّهرُ! حَبّذا أنتَ دَهراً، | قِفْ حَميداً، وَلا تُوَلّ حَميدَا |
كلَّ يَوْمٍ تَزْدادُ حُسناً فَما تَبْـ | ـعَثُ يَوْماً، إلاّ حَسِبناهُ عِيدَا |
إنّ في السّرْبِ، لوْ يُساعفنا السّرْ | بُ، شُموساً يَمشينَ مَشياً وَئيدَا |
يَتَدافَعْنَ بالأكُفّ وَيَعْرِضْـ | ـنَ عَلَيْنَا عَوَارِضاً وَخُدُودَا |
يَتَبَسّمْنَ عَنْ شَتيتٍ أرَاهُ | أُقْحُوَاناً مُفَصَّلاً، أوْ فَرِيدَا |
رُحْنَ، وَاللّيْلُ قَدْ أقامَ رُوَاقاً، | فأقَمْنَ الصّبَاحَ فيهِ عَمُودَا |
بمَهَاةٍ مِثْلِ المَهَاةِ أبَتْ أنْ | تَصِلَ الوَصْلَ، أوْ تصُدّ الصّدودَا |
ذاتِ حُسنٍ لوِ استَزَادَتْ من الحسـ | ـنِ إلَيهِ، لَمَا أصَابَتْ مَزِيدَا |
فهيَ الشّمسُ بهجةً، وَالقضِيبُ الغضّ | ليناً، وَالرّئْمُ طَرْفاً وَجِيدَا |
يا ابنَةَ العامريّ! كَيفَ يَرَى قَوْ | مُكِ عَدْلاً أنْ تَبخلي، وَأجودَا |
إنّ قَوْمي قَوْمُ الشّرِيفِ قَديماً، | وَحَديثاً، أُبُوّةً وَجُدُودَا |
وَإذا ما عَدَدْتُ يَحيَى، وَعَمراً، | وَأبَاناً، وَعَامِراً، وَالوَليدَا |
وَعَبيداً، وَمُسْهِراً، وَجَدِيّاً، | وَتَدُولاً، وَبُحْتُراً، وَعَتُودَا |
لمْ أدَعْ مِنْ مَناقبِ المَجْدِ ما يُقْـ | ـنِعُ مَنْ هَمّ أن يكونَ مُجيدَا |
ذَهَبَتْ طَيِّءٌ بسابقَةِ المَجْـ | ـدِ عَلى العَالَمِينَ بَأساً وَجُودَا |
مَعْشَرٌ أمسَكَتْ حُلُومُهُمُ الأرْ | ضَ وَكادتْ من عزّهم أن تَميدَا |
نَزَلوا كاهلَ الحِجازِ، فأضْحَى | لَهُمُ ساكِنوهُ، طُرّاً، عَبيدَا |
مَنْزِلاً قارَعُوا عَلَيْهِ العَمَاليـ | ـقَ، وَعاداً في عزّها وثَمُودَا |
فإذا قُوتُ وَائِلٍ وَتَميمٍ | كانَ، إن كانَ، حَنظلاً وَهبيدَا |
ظَلّ وِلْدانُنَا يُغَادُونَ نَخْلاً، | مُؤتِياً أُكْلَهُ، وَطَلعاً نَضِيدَا |
بَلَدٌ يُنْبِتُ المَعَالي فَمَا يَـ | ـثّغِرُ الطّفْلُ فيهِ حَتّى يَسُودَا |
وَلُيُوثٌ مِنْ طَيِّءٍ، وَغُيُوثٌ | لَهُمُ المَجْدُ طارِفاً، وَتَلِيدَا |
فإذا المَحْلُ جَاءَ جَاءوا سُيُولاً؛ | وَإذا النّقعُ ثَارَ ثَارُوا أُسُودَا |
يَحسُنُ الذّكرُ عَنهُمُ وَالأحاديـ | ـثُ إذا حَدّثَ الحَديدُ الحَديدَا |
في مَقَامٍ تَخُرُّ في ضَنْكِهِ البِيـ | ـضُ عَلى البِيضِ رُكَّعاً وَسُجُودَا |
مَعشَرٌ يُنجِزُونَ بالخَيْرِ وَالشّرّ | يَدَ الدّهْرِ مَوْعِداً وَوَعيدَا |
يَفْرِجُونَ الوَغَى، إذا ما أثَارَ الـ | ـضّرْبُ من مُصْمَتِ الحَديدِ صَعيدا |
بوُجوهٍ تُعشِي العّيون ضِيَاءً؛ | وَسُيوفٍ تُعشِي الشموسَ وُقودَا |
عَدَلوا الهَضْبَ، منْ تِهامَةَ، أحلا | ماً ثِقالاً، وَرَمْلَ نَجدٍ عَديدَا |
ملَكوا الأرْضَ قبلَ أنْ تُملَكَ الأرْ | ضُ، وَقادوا في حافَتَيها الجُنودَا |
وَجَرَوْا عند مَوْلدِ الدهر في السؤ | دد والمَكرُماتِ شأواً بَعيدَا |
فَهُمُ قَوْمُ تُبّعٍ خَيرُ قَوْمٍ، | وكفى الله بالفَخَارِ منهم شَهيدَا |
بمَساعٍ مَنظُومَةٍ ألبَسـ | ــتهُنّ الليالي قَلائِداً وَعُقُودَا |
عبد شمس شمس العريب أبونا | ملك الناس واصطفاهم عبيداً |
وطىء السهل والحزونة بالأبـ | ـطال شعثا والخيل قبا وقوداً |
وأبو الأنجم التي لا تني تجـ | ـري على الناس نحساً وسعودا |
سائلِ الدّهرَ مُذْ عرَفناهُ هل يَعْـ | ـرِفُ مِنّا إلاّ الفَعَالَ الحَميدَا |
قَد لَعَمرِي رُزْناهُ كَهلاً وَشَيخاً، | وَرَأيْنَاهُ نَاشِئاً وَوَلِيدَا |
وَطَوَيْنَا أيّامَهُ وَلَيَاليـ | ـهِ على المَكرُماتِ بِيضاً وَسُودَا |
لمْ نزَلْ قطّ مُذْ ترَعرَعَ نَكْسُو | هُ نَدًى لَيّناً، وَبَأساً شَديدَا |
فَهوَ مِنْ مَجدِنا يَرُوحُ وَيَغدُو | في عُلًى، لا تَبيدُ، حتّى يَبيدَا |
نحنُ أبْنَاءَ يَعْربٍ أعْرَبُ النّا | سِ لِساناً، وَأنضَرُ النّاسِ عُودَا |
وَكَأنّ الإلَهَ قَالَ لَنَا في الـ | ـحرْبِ: كونوا حِجارَةً أوْ حديدَا |