النّائِباتُ كَثيرَة ُ الإنذارِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
النّائِباتُ كَثيرَة ُ الإنذارِ | وَاليومَ طالَبَ صَرْفُها بِالثّارِ |
سُدَّتْ على عُونِ الرّزايا طُرْقُها | فَسَمَتْ لنا بِخُطوبِها الأبكارِ |
عَجَباً من القَدَرِ المتُاحِ توَلَّعَتْ | أَحداثُهُ بِمُصَرِّفِ الأقدارِ |
وَلَنا بِمُعْتَرَكِ المَنايا أَنْفُسٌ | وَقفَتْ بِمَدْرَجَة ِ القَضاءِ الجاري |
في كلِّ يَومٍ تَعْتَرينا رَوْعَة ٌ | تَذَرُ العُيونَ كَواسِفَ الأَبصارِ |
وَالمَوتُ شرِبٌ ليسَ يُورِدُهُ الرَّدى | أَحَداً فَيَطْمَعَ منهُ في الإصدارِ |
شَرِبَ الأوائِلُ عُنْفُوانَ غَديرِهِ | وَلَنْشرَبَنَّ بِهِ من الأَسآرِ |
مَلأَتْ قُبورُهُمْ الفَضَاءَ كَأَنَّها | بُزْلُ الجِمالِ أُنِخْنَ بِالأَكْوارِ |
أَلْقَوا عِصيَّهُمُ بِدارِ إقامَة ٍ | أنْضاءَ أَيَّامَ مَضَيْنَ قِصارِ |
وَكَأَنَّهُمْ بَلَغوا المَدى فَتَواقَفوا | يَتَذاكَرُونَ عَواقِبَ الأسْفارِ |
لَمْ يَذْهَبوا سَلَفاً لِنَغْرُرَ بَعْدَهُمْ | أَينَ البَقاءُ وَنَحْنُ في الآثارِ؟ |
حَارَتْ وَراءَهُمُ العُقولُ كأننا | شَرْبٌ تُطَوِّحُهُمْ كُؤوسُ عُقارِ |
يا مَنْ تُخادِعُهُ المُنى ، وَلَرُبَّما | قَطَعَتْ مَخائِلُها قُوى الأَعْمارِ |
وَالنّاسُ يَسْتًبقون في مِضْمارِها | وَالمَوتُ آخِرُ ذلكَ المِضمارِ |
وَالعُمْرُ يَذهَبُ كالحَياة ِ فَما الّذي | يُجْدي عَليكَ مِنَ الخَيالِ السّاري |
بَيْنا الفَتى يَسمُ الثَّرى بِرِدائِهِ | إذ حَلَّ فيهِ رَهينَة َ الأَحجارِ |
لَوْ فاتَ عادِيَة َ المَنونِ مُشَيَّعٌ | لَنَجا بِمُهْجَتِهِ الهِزَبْرُ الضّاري |
أَقْعى دُوَيْنَ الغابِ يَمْنَعُ شِبْلَهُ | وَيُجيلُ نَظْرَة َ باسِلٍ كَرّارِ |
وَحَمى الأمير ابنَ الخَلائِفِ جَعفَراً | إقدامُ كُلِّ مُغَرِّرٍ مِغوارِ |
يَمشي كَما مَشَتِ الأُسودُ إلى الوَغى | وَالخَيْلُ تَعْثُرُ بِالقَنا الخَطّارِ |
وَيَخُوضُ مُشْتَجَرَ الرِّماحِ بِغْلمَة ٍ | عَرَبيَّة ٍ نَخَواتُها أَغمارِ |
وَيَجوبُ أَرْدَيَة َ العَجاجِ بِجَحْفَلٍ | لَجِبٍ ، تَئِنُّ لَهُ الرُّبا ، جَرّارِ |
وَالمَشْرَفِيّاتُ الرِّقاقُ كَأَنَّها | ماءٌ أَصابَ قَرارَة ً في نارِ |
يَنْعَوْنَ فَرْعاً مِنْ ذَوائِبِ دَوْحَة ٍ | خَضِلَتْ حَواشِيها عَلَيْهِ نُضارِ |
نَبَوِيَّة ِ الأَعْراقِ مُقْتَدِرِيَّة ٍ | تَفْتَرُّ عَنْ كَرَمٍ وَطِيبِ نِجارِ |
ذَرَفَتْ عُيونُ المَكْرُماتِ وَأَعْصَمَتْ | أَسفاً بِأَكْبادٍ عَلَيْهِ حِرارِ |
صَبْراً أَميرَ المُؤْمِنينَ فَأَنْتُمُ | أَسْكَنْتُمُ الأَحْلامَ ظِلَّ وَقارِ |
هذا الهِلالُ وَقد رَجَوْتَ نُمُوَّهُ | لِلمَجْدِ، عاجَلَهُ الرَّدى بِسرارِ |
إن غاضَ منَ أَنوارِهِ فَوَراءَهُ | أُفُقٌ تَوَشَّحَ مِنْكَ بالأقْمارِ |
كادَتْ تَزولُ الرَّاسِياتُ لِفَقْدِهِ | حَتّى أَذِنَتْ لَهُنَّ في استقرارِ |
ومتى أصابَ - ولا أَصابَكَ حادِثٌ | مِمّا يُطامِنُ نَخْوَة َ الجَبَّارِ- |
فاذكُرْ مُصابَكَ بابنِ عَمِّكَ أحمَدٍ | وَالغُرِّ مِنْ آبائِكَ الأَخيارِ |
كانوا بُدورَ أَسِرَّة ٍ وَمَنابِرٍ | يَتَهَلَّلونَ بِأَوْجُهٍ أَحْرارِ |
قَومٌ إذا ذَكرتْ قُرَيشٌ فَشْلَهُمْ | أَصْغى إليها البَيْتُ ذو الأَسْتارِ |
بَلَغَ السَّماءَ بِهِمْ كِنانَة ُ وارتَدى | بِالفَخرِ حَيَّا يَعرُبٍ وَنِزارِ |
فَاسلَمْ رَفيعَ النَّاظِرينِ إلى العُلا | تُهْدَى إليكَ قَلائِدُ الأِشعارِ |
والدَّهرُ عَبْدٌ، والأَوامِرُ طاعَة ٌ | وَالمُلْكُ مُقْتَبِلٌ، وَزَنْدُكَ وارِ |