طَرَقَتْ فَنَمَّ عَلى الصَّباحِ شُروقُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
طَرَقَتْ فَنَمَّ عَلى الصَّباحِ شُروقُ | واللَّيلُ تَخْطِرُ في حَشاهُ النُّوق |
وَالنَّجْمُ يَعثُرُ بِالظَّلامِ فَيَشتَكي | ظَلعاً ليجذِبَ ضَبْعِهُ العَيُّوق |
فَاسْتَيْقَظَ النَّفَرُالهُجودُ بِمَنْزِلٍ | لِلقلبِ مِنْ وَجَلٍ لَدَيهِ خُفوقُ |
وَالرُّعْبُ يَسْتَلِبُ الشُّجاعَ فُؤادَهُ | وَيَغُضُّ مِنْ كَلماتِهِ المِنطيقُ |
نَزَلَتْ بِنا وَاللَّيْلُ ضافٍ بُرْدُهُ | ثُمَّ انثنتْ وقَميصُهُ مَخْروقُ |
والأُفقُ مُلْتَهِبُ الحَواشي يَلتظي | وَالأرضُ ضاحِيَة ُ الوشُومِ تَروقُ |
لِلّهِ ناضِرَة ُ الصِّبا يَسْرِي لَها | طَيفٌ إذا صَغَتِ النُّجومُ طَروقُ |
طَلَعَتْ عَلينا، والمُعَرَّسُ عالِجٌ | وَالعِيسُ أَهوَنُ سيرهِنَّ عنِيق |
وَاللَّيْلُ ، ما سَفَرَتْ لَنا ، عَجِلُ الخُطا | وَالرَّملُ، ما نَزَلتْ بِهِ، مَوموق |
هَيفاءُ نَشْوَى اللَّحْظِ يُقْصِرُ طَرْفَها | خَفَرٌ، وَيَسْكَرُ تارة ً وَيفيقُ |
فَكأَنَّهُ، وَالبَينُ يُخضِلُ جَفنَهُ | بِالدَّمْعِ مِنْ حَدَقِ المَها مَسْروقُ |
يا أًخْتَ مُقتَنِصِ الكماة ِ بِمَوقِفٍ | لِلْنَسْر تَحْتَ عَجاجِهِ تَرنِيقُ |
أَتَركتنا بِلوى َ زَرُودَ، وقد صَفا | عَيْشٌ كَحاشية ِ الرِّداءِ رَقيقُ |
وَالرِّيحُ أَيقَظَتِ الرِّياضَ ، وَلِلْحيِا | فيها إذا رَقَدَ العَرارُ، شَهيقُ |
وَطَلَبْتِنا وَعَلى المُضَيَّحِ فَالحِمَى | مَغْدَى النَّجائِب، وَالمَراحُ عَقيقُ |
هَلاّ بخلتِ بنا، وَنَحْنُ بِعبطَة ٍ | وَالدَّهْرُ مَصْقولُ الأَديمِ أَنيقُ |
وَعَلَي مِن حلَلِ الشَّبابِ ذَوائِبٌ | عَبِقَتْ بِريّا المِسْكِ وَهْوَ فَتيقُ |
وَهَوايَ تِلْوُ هَواكِ في رَوقِ الصِّبا | حَتَّى كَأَنَّ العاشِقَ المَعْشوقُ |
وَتَصَرَّمَتْ تِلكَ السِّنونَ وَشاغَبت | نُوَبٌ تَفُلُّ السَّيفَ وَهوَ ذَليقُ |
عَرَضَتْ عَلى غَفَلاتِ ظَنِّي عَزْمة ٌ | لَمْ يستَشَفَّ وراءَها التَّوفيقُ |
واسترقصَ السَّمعَ الطَّروبَ روَاعِدٌ | وَاسْتَغْوَتِ العَيْنَ الطَّموحَ بُروقُ |
وَأُشبَّ لي طَمَعٌ، فليتَ ركائبي | عَلِمَتْ غَداة َ الجِزْعِ أَينَ أسوقُ |
فَغَرَفْتُ ما جَنتِ الخُطوبُ وَلم أُطل | أَملاً، فما لِمخَيلة ٍ تَصديقُ |
وَنَجوتُ منصَلتاً وَلَم أَكُ ناصِلاً | سِيمَ المُروقَ فَلَمْ يُعِنْهُ الفُوقُ |
وَإذا اللَّئيمُ تَغَضَّنَتْ وَجَناتُهُ | بُخْلاً ، وَجَفَّ بِما ضِغَيْهِ الرِّيقُ |
فَالعَرْصَة ُ الفَيحاءُ مَسْرَحُ أَيْنَقٍ | لَمْ يَنُبُ عَن عَطَنٍ بِهِنَّ الضِّيقُ |
وَعَلى نَدى المُستَظهِرِ بنِ المقتدى | حامَ الرَّجاءُ يُظِلُّهُ التَّحقيقُ |
وَرِثَ الإِمامَة َ كابِراً عَن كابِرٍ | مُتَوكِّلِيٌّ بِالعَلاءِ خَليقُ |
كَهْلُ الحِجى عَرُضَتْ مَنادِحُ رأْيِهِ | والغُصْنُ مُقْتَبِلُ النَّباتِ وَريقُ |
خَضِلُ البَنانِ بِنائلٍ ، مِنْ دُونِهِ | وَجهٌ يجولُ البِشرُ فيهِ طَليقُ |
تَجْري عَلى ظَلَعٍ إلى غاياتِهِ | هَوجاءُ طائِشَة ُ الهُبوبِ خَريقُ |
وَيُخَلَّفُ المُتَطَلِّعينَ إلى المَدى | في الفَخرِ مُنجَذِبُ العِنانِ سبوقُ |
وَيُقيمُ زَيغَ الأمْرِ ، ناءَ بِعِبْئِهِ | ذو الغارِبِ المَجْزولِ ، وَهْوَ مُطيقُ |
وَعَلَيهِ مِن سيماءِ آلِ مُحَمَّدٍ | نُورٌ يُجيرُ عل الدُّجى مَرموقُ |
وَالبردُ يَعلَمُ أَنَّ في أثنائِهِ | كَرَماً يَفوقُ المُزْنَ ، وَهْوَ دَفوقُ |
أَفْضَتْ إليهِ خِلافة ٌ نَبويَّة ٌ | مِنْ دونِها لِلْمَشْرَفِيّ بَريقُ |
فَاحتالَ مِنبرها بهِ وَسريرُها | وَكِلاهُما طَرِبٌ إليهِ مشوقُ |
فَالآنَ قَرَّتْ في مُعَرَّسِها الّذي | كانَتْ على قَلَقٍ إليهِ تَتُوقُ |
لَكَ يا أميرَ المؤمنينَ تُراثُها | وَبهِ استَتَبَّ لَها إليكَ طَريقُ |
وَلَكَ الأَيادي ما يَزالُ بِذكرها | يَطْوي الفَلا مَرِحُ النَّجاءِ فَنيقُ |
وَمَناقِبٌ يَزْدادُ طولاً عِنْدَها | باعٌ بِتَصْريفِ القَناة ِ لَبيقُ |
شَرَفٌ مَنافِيٌّ ، وَمَجْدٌ أَتْلَعٌ | يَسمو بهِ نَسَبٌ أَعزُّ عَتيقُ |
وَشَمائلٌ طَمَحَتْ بِهِنَّ إلى العُلا | في سُرَّة ِ البَلَدِ الأَمينِ عُروقُ |
وَبَلَغْتَ في السِّنِّ القَريبَة ِ رُتْبَة ً | نَهَضَ الحَسودُ لَها فَعَزَّ لَحوقُ |
وَنَضا وَزيرُكَ عَزْمة ً عَرَبيَّة ً | نَبَذَتْ إلَيكَ الأَمْرَ وَهْوَ وَثيقُ |
وَدَعا لبيعَتِكَ القُلوبَ فَلَمْ يَمِلْ | مِنها إلى أَحدٍ سِواكَ فَريقُ |
يَرمي ورَاءَكَ وَهوَ مَرهوبُ الشَّذا | وعليكَ مُلْتَهِبُ الضَّميرِ شَفيقُ |
رَأيٌ يُطِلُّ على الخُطوبِ فَتَنْجَلي | عَنْهُ ، وَكَيْدٌ بِالعَدُوِّ يَحيقُ |
لا زالَ مَمْدودَ الرِّواقِ عَلَيْكُما | ظِلٌّ يَقيلُ العِزُّ فيهِ صَفيقُ |