أقصرا ليس شأني الإقصار
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أقْصِرَا! ليس شأنيَ الإقْصَارُ، | وأقِلاّ! لَنْ يُغْنيَ الإكْثَارُ |
وَبنَفْسِي مُستَغَرَبُ الحُسنِ، فيهِ | حَيَدٌ عَنْ مُحِبّهِ، وَازورار |
فاتِرُ النّاظِرَيْنِ يَنْتَسِبُ الوَرْ | دُ إلى وَجْنَتَيْهِ، والجُلَّنَارُ |
مُذْنِبٌ يُكثِرُ التّجَنّي فَمِنْهُ الـ | ذّنْبُ ظُلْماً، وَمِنّيَ الاعْتِذَارُ |
هَجَرَتْنا عَنْ غَيرِ جُرْمٍ نَوَارٌ، | وَلَدَيْها الحَاجَاتُ والأوْطارُ |
وأقَامَتْ بجَوّ بِطْيَاسَ، حَتّى | كَثُرَ اللّيْلُ دونَها والنّهَارُ |
إنْ جَرَى بَيْنَنَا وَبَيْنَكِ هَجْرٌ | وْ تَنَاءَتْ مِنّا وَمِنكِ الدِيَارُ |
فالغَلِيلُ الذي عَلِمْتِ مُقِيمٌ، | والدّمُوعُ التي عَهِدْتِ غِزَارُ |
يا خَليلَيّ نُمْتُما عَنْ مَبِيتٍ | بِتُّهُ آنِفاً، وَنَوْمي مُطَارُ |
لَسَوارٍ مِنَ الغَمَامِ تُزَجّيـ | ـهَا جَنُوبٌ كَمَا تُزَجّى العُشَارُ |
مُثْقَلاَتٍ، تَحِنُّ في زَجَلِ الرّعْـ | ـدِ بِشَجْوٍ، كَمَا تَحنُّ الظُّؤارُ |
باتَ بَرْقٌ يَشُبُّ في حَجْرَتَيْها، | بَعدَ وَهنٍ كَما تَشُبُّ النّارُ |
فاسْقِيَانِي، فَقَدْ تَشَوّفْتُ الرّا | حِ، وَطابَ الصَّبُوحُ والابْتِكَارُ |
كَانَ عِنْدَ الصّيَامِ للّهْوِ وِتْرٌ، | طَلَبَتْهُ الكُؤوسُ والأوْتَارُ |
بَارَكَ الله للخَليفَةِ في المُلْـ | ـكِ الذي حَازَهُ لَهُ المِقْدَارُ |
رُتْبَةٌ مِنْ خِلاَفَةِ الله قَدْ طَا | لَتْ بِهَا رَقْبَةٌ لَهُ، وانْتِظَارُ |
طَلَبَتْهُ فَقْراً إلَيْهِ، وَمَا كَانَ | بِهِ، سَاعَةً، إلَيْهَا افْتِقَارُ |
أعوزت دونه القناعة حتى | حشمت في طلابه الأسفار |
وهي موقوفة إلى أن يوافي | غائب ما وفى به الحضار |
عَلِمَ الله سِيرَةَ المُهْتَدِي باللّـ | ـهِ، فاخْتَارَهُ لِمَا يُخْتَارُ |
لمْ تُخَالِجْ فيهِ الشّكُوكُ، ولاَ كا | نَ لوَحْشِ القُلُوبِ عَنْهُ نِفَارُ |
أخَذَ الأوْلِيَاءُ، إذْ بَايَعُوهُ | بيَدَيْ مُخْبِتٍ، عَلَيْهِ الوَقَارُ |
وَتَجَلّى للنّاظِرِينَ أبِيٌّ، | فيهِ عَن جانبِ القَبيحِ ازْوِرَارُ |
وأرَتْنَا السّجّادَ سِيمَا طَوِيلِ اللّـ | ـيْلِ، في وَجْهِهِ لَهَا آثَارُ |
وَلَدَيْهِ تَحْتَ السّكينَةِ والإخْـ | ـبَاتِ سَطْوٌ على العِدَى واقْتِدَارُ |
وَقَضَاءٌ إلى الخُصُومِ وَشِيكٌ، | لاَ يُرَوّى فيهِا، ولاَ يُسْتَشَارُ |
رَاغِبٌ حينَ يَنطِقُ الوَفْدُ عن عَوْ | نٍ برَأيٍ، أوْ حُجّةٍ تُسْتَعَارُ |
مُسْتَقِلٌّ، وَلَوْ تَحَمّلَ مَا حُمّـ | ـلَ رَضْوَى لانْبَتّ حَبْلٌ مُغَارُ |
أيُّمَا خِطّةٍ تَعُودُ بِضُرٍّ، | فَهْوَ للمُسْلِمِينَ مِنْهَا جارُ |
زَادَ في بَهْجَةِ الخِلاَفَةِ نُوراً، | فَهْوَ شَمْسٌ للنّاسِ، وَهْيَ نَهَارُ |
وَأجَارَ الدّنْيَا مِنَ الخوْفِ والحيـْ | فِ، فَهَلْ يَشْكُرُ المُجِيرَ المُجَارُ |
ألتّقيُّ النقيُّ، والفاضِلُ المُفْـ | ـضِلُ فِينَا، والمُرْتَضَى المُخْتَارُ |
وَلَدَتْهُ الشّمُوسُ مِنْ وَلَدِ العَـ | ـبّاسِ عَمِّ النّبيّ والأقْمَارُ |
صَفْوَةُ الله، والخِيَارِ مِنَ النّا | سِ جَمِيعاً، وأنتَ منها الخِيارُ |
أللُّبَابُ اللُّبَابُ يَنْمِيكَ مِنْهَا | لذُرَى المَجْدِ، والنُّضَارُ النُّضَارُ |
فبِكُمُ قَدّمَتْ قُصَيّاً قُرَيْشٌ، | وَبِهَا قَدّمَتْ قُرَيْشاً نِزَارُ |
زَيّنَ الدّارَ مَشْهَدٌ مِنْكَ كانتْ | قَبْلُ تَرْضَاهُ مِنْ أبيكَ الدّارُ |
وأنَارَتْ لَمّا رَكِبْتَ إلَيْهَا، | والمَوَالِي الحُمَاةُ، والأنصَارُ |
في جِبَالٍ مَاجَ الحَدِيدُ عَلَيْـ | ـهنَّ ضُحًى، مِثْل َمَا تَمُوجُ البحارُ |
وَغَدَا النّاسُ يَنْظُرُونَ، وَفِيهِمْ | فَرَحٌ أن رأَوْكَ واسْتِبْشَارُ |
طَلْعَةٌ تَمْلأُ القُلُوبَ، وَوَجهٌ | خَشَعَتْ دونَ ضَوْئِهِ الأبصَارُ |
ذَكَرُوا الهَدْيَ من أبيكَ، وقالوا: | هيَ تلكَ السّيما، وذاكَ النِّجارُ |
وَعَلَيْهِمْ سَكينَةٌ لَكَ، إلاّ | مَدَّ أيْدٍ يُومَا بِهَا وَيُشَارُ |
بُهِتُوا حَيرَةً وَصَمْتَاً، فلَوْ قِيـ | ـلَ أحِيرُوا مَقَالَةً مَا أحَارُوا |
وَقَليلٌ إنْ أكْبَرُوكَ لكَ الهَيْـ | ـبَةُ مِمّنْ رَآكَ، والإكْبَارُ |
كُلُّهُمْ عَالِمٌ بأنّكَ فيهِمْ | نِعْمَةٌ، ساعَدَتْ بهَا الأقْدارُ |
فَوَقَتْ نَفسَكَ النّفُوسُ من السّو | ءِ، وَزِيدَتْ في عُمرِكَ الأعْمَارُ |