أَصَاخَ الى الواشي فَلَبَّاهُ إذ دعا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَصَاخَ الى الواشي فَلَبَّاهُ إذ دعا | وَقَدْ كانَ لا يُرْعي النَّمائِمَ مَسْمَعا |
وَباتَ يُناجي ظَنَّهُ فِيَّ بَعْدَما | أَباحَ الهَوى مِنّي حِمى القَلْبِ أَجْمَعَا |
وَأَبْدَى الرِّضى وَالعَتْبَ في أُخْرياتِهِ | وَمِنْ بَيِّناتِ الغَدْرِ أن يُجْمَعا مَعا |
وَمَنْ ناوَلَ الإخْوانَ حبلاً مَشى البِلى | إلى طَرَفَيْهِ، هَمَّ أَنْ يَتَقَطَّعا |
فَما غَرَّهُ مِنْ مُضْمِرِ الغِلِّ كاشِحٌ | إذا حَدَرَ الخَصْمُ اللِّثامَ تَقَنَّعا |
سَعى بي إليه، لا هَدى الله سَعْيَهُ | وَلو نالَ عندي ما ابْتَغاهُ لمَا سَعى |
وَحاوَلَ مِنّي غِرَّة ً حال دُونَها | مَكائِدُ تَأْبَى أَنْ أُغَرَّ وَأُخْدَعا |
فَأَجْرَرْتُهُ حَبْلَ المُنى غَيْرَ أَنَّني | سَلَكْتُ بِهِ نَهْجَاً إلى الغَيِّ مَهْيَعا |
وَلَمّا رَأَى أَنِّي تَبَيَّنْتُ غَدْرَهُ | وَأَدْرَكْتُ حَزْمَ الرَّأيِ فيهِ وَضَيَّعا |
أَزارَ يَدَيْهِ ناجِذَيْهِ تَنَدُّماً | يُبَوِّئُهُ في باحَة ِ المَوْتِ مَصْرَعا |
لَكَ الله مِنْ غُصْنٍ يُلاعِبُ عِطْفَهُ | وَبَدْرٍ يُناغي جِيدُهُ الشُّهْبَ طُلَّعا |
تَجَلَّى لَنا وَالبَيْنُ زَمَّتْ رِكابُهُ | فَشَيَّعَهُ أرواحُنا حينَ وَدَّعا |
وَشِيبَ بُكاءٌ بِابْتِسامٍ، وَأُدْمِيَتْ | مَسالِكُ أَنْفاسٍ يْقوِّمْنَ أَضْلُعا |
وَلَمّا تَعانَقْنا فَذابَتْ عُقودُهُ | بِحَرِّ الجَوى ، صارَتْ ثُغوراً وأَدْمُعا |
أَلا بِأَبي أُسدُ الحِمى وَظِباؤُهُ | وَمُنْعَرَجُ الوادي مَصِيفاً وَمَرْبَعَا |
أَجُرُّ بِهِ ذَيْلَ الشَّبابِ، وَأَرْتَدي | بِأَسْحَمَ فَيْنانِ الذَّوائِبِ أَفْرَعا |
مَعِي كُلُّ فَضْفاضِ الرِّداءِ سَمَيْدَعٍ | أُصاحِبُ مِنْهُ في الوَقائِعِ أَرْوعَا |
غَذَتْهُ ربُا نَجدٍ فَشَبَّ كأَنهُ | شَبا مشرَفِيٍّ يَقْطُرُ السُّمَّ مُنْقَعا |
يُريقُ إذا ارْتَجَّ النَّدِيُّ بِمَنْطِقٍ | كَلاماً كَأَنَّ الشِّيحَ مِنْهُ تَضَوَّعا |
وَيُروي أَنابيبَ الرِّماحِ بِمَأزِقٍ | يَظلُّ غَداة َ الرَّوعِ بِالدَّمِ مُتْرَعا |
عَرَكْتُ ذُنوبَ الحادِثاتِ بِجَنْبِهِ | فَهَبَّ مُشيحاً لا يُلائِمُ مَضْجَعَا |
وَمَا عَلِقَتْ حَرْبٌ تُلَقَّحُ لِلرَّدى | بِأَصْبَرَ مِنْهُ في اللِّقاءِ وَأَشْجَعا |
أَهَبْتُ، وَصَرْفُ الدَّهرِ يَحْرِقُ نابَهُ | بهِ آمِناً أَنْ أَسْتَقيمَ وَيَظْلَعا |
فَأقْبَلَ كابنِ الغابِ، عَبْلاً تَلِيلُهُ | وَلَمْ يسْتَلِنْهُ القِرْنُ لِيتاً وَأَخْدَعا |
يُريكَ الرُّبا لِلأَعوَجِيَّة ِ سُجداً | وَهامَ العِدا لِلْمَشرَفِيَّة ِ رُكَّعا |
فَسَكَّنَ رَوعي، وَالرِّماحُ تَزَعْزَعت | وَخَفَّضَ جَأْشي، وَالعَجاجُ تَرَفَّعا |
وَلّما رآني في تَميمٍ على شَفا | أُلاقي بَجَفْنَيَّ القَذى مُتَخَشِّعا |
قَضى عَجَباً مِنّي وَمِنْهُمْ، وَبَيْنَنا | شَوافِعُ لا يَرضَى لَها المَجْدُ مَدْفَعا |
وَهُنَّ القَوافي تَذْرَعُ الأَرضُ شُرَّداً | بِشِعرٍ إذا ما أَبْطَأَ الرّيحُ أَسْرَعا |
يَروحُ لَها رَبُّ الفَصاحِة ِ تابِعاً | وَيَغْدو بِها تِرْبُ السَّماحَة ِ مُولَعا |
وَلَم أَستَفِدْ مِنْ نَظْمِها غَيْرَ حاسِدٍ | إذا مارَمى لَمْ يُبْقِ فِي القَوْسِ مُنْزَعا |
وَمَا أَنا مِمَّنْ يَمْلأُ الهَوْلُ صَدْرَهُ | وَإنْ عَضَّهُ رَيْبُ الزَّمانِ فَأَوجَعا |
إذا ما غَسَلْتُ العارَ عَنِّيَ لَمْ أُبَلْ | نِداءَ زَعيمِ الحَيِّ بَشَّرَ أَوْ َنعى |
لَعَزَّ عَلى الأَشرافِ مِنْ آلِ غالِبٍ | خُدودُ غَطاريفٍ تَوَسَّدْنَ أَذْرُعَا |
نُنادِي أَميرَ المُؤْمِنينَ، وَدونَهُ | أَعادٍ يُزِجُّونَ العَقارِبَ لُسَّعا |
أَيا خَيْرَ مَنْ لاذَ القَريضُ بِسَيْبِهِ | وَأَعْنَقَ مَدْحي في ذَراهُ وَأَوْضَعا |
تُناطُ بِكَ الآمالُ وَالخَطْبُ فاغِرٌ | وَتُسْتَمْطَرُ الجَدْوى إذا المُزْنُ أَقْلَعا |
وَتُغْضي لَكَ الأَبصارُ رُعْباً، وَتَنْثَني | إلَيكَ الهَوادي طائِعاتٍ وَخُضَّعا |
بِحَيْثُ رَأَيْنا العِزَّ تَنْدَى ظِلالُهُ | وَمَجْدَكَ مُلْتَفَّ الغَدائِرِ أَتْلَعا |
وَأَنْتَ الإمامُ المُسْتَضاءُ بِنُورِهِ | إذا اللَّيْلُ لَمْ يَلْفِظْ سَنا الصُّبْحِ أَدْرَعا |
أَعِنِّي عَلى دَهْرٍ تَكادُ خُطوبُهُ | تُبَلِّغُ مَنْ يَضْرَر بِنا ما تَوَقَّعَا |
فَقَدْ هَدَّ رُكْنَيَّ العَدُوَّ، ولم يكُنْ | يُحاوِلُ فينا قَبْلَ ذلكَ مَطْمعَا |
أفي الحَقِّ أن يَسْتَرْقِعَ العِزَّ وَهْيَهُ | وَأنْ أَتَردّى بِالهَوانِ وَأَضْرَعا |
وَيَرْتَعُ في عِرْضِي ويُقْبَلُ قَوْلُهُ | وَلَو رُدَّ عَنْهُ لَمْ يَجِدْ فيهِ مَرْتَعا |
أما وَالمَطايا جائِلاتٍ نُسوعُها | مِنَ الضُّمْرِ حَتّى خالَها الرَّكْبُ أَنْسُعا |
ضُرِبْنَ إلى البَيْتِ العَتيقِ، وَلَمْ تَقُلْ | لِناحِية ٍ منهُنَّ إذْ عَثَرتْ: لَعا |
لَقد طَرَقَتْني النّائِباتُ بِحادِثٍ | لَوَانَّ الصَّفا يُرْمَى بِهِ لَتَصَدَّعا |
وَلَسْتُ وإنْ عَضَّ الزَّمانُ بِغارِبي | أُطيلُ عَلى الضَّرَاءِ مَبكى ً وَمَجْزَعا |
إذا ما أَغامَ الخَطبُ لَمْ أحتَفِلْ بِهِ | وَضاجَعْتُ فيهِ الصَّبْرَ حَتَّى تَقَشَّعا |
أُراعُ ولَمْ أُذنِبْ، وأُجفى وَلَمْ أُخنْ | وَقَدْ صُدِّقَ الواشي فَأَخْنى وَأَقْذَعا |
وَمِنكُمْ عَهِدنا الوِرْدَ زُرقاً جُمامُهُ | رَحيبَ مُنَدّى العيسِ، وَالرَّوضَ |
فَعَطْفاً علينا، إنَّ فينا لِماجِدٍ | يُراقِبُ أَعْقابَ الأَحاديثِ، مَصْنَعا |