أرشيف المقالات

السمر والسمار ومشابهة أهل الجاهلية

مدة قراءة المادة : دقيقتان .
السمر والسمار ومشابهة أهل الجاهلية
 
نخشى أن يُشابهَ مَن ألِفوا السمر بعد العشاء - ببعض أقوالهم أو فعالهم - أهلَ الجاهلية، الذين قال الله عز وجل ذامًّا لهم: ﴿ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 67].
 
فتأملوا معي يا رعاكم الله كيف ذمَّهم، وعابهم وسمَرَهم، وعاب فِعلهم فيه، فوصفَهم بكونهم سامرين - أي: ساهرين - الليل، يهجرون؛ أي: يقولون القولَ القبيح والفاحش.
وهنا يختلف علماء التفسير في الضمير ﴿ بِهِ ﴾ وهو - أي: الخلاف - لا يغير ما قررناه، بل يَزيده تأكيدًا وتوكيدًا؛ قال ابن كثير: "هذا الضمير في ﴿ بِهِ ﴾ فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الحرَم؛ أي: مكَّة؛ ذُمُّوا لأنهم كانوا يَسمُرون فيه بالهُجْر من الكلام.
 
والثاني: أنه ضميرٌ للقرآن؛ كانوا يَسمُرون ويذكرون القرآن بالهُجر من الكلام: إنه سحر، إنه شِعر، إنه كهانة...
إلى غير ذلك من الأقوال الباطلة.
 
والثالث: أنه محمد صلى الله عليه وآله وسلم؛ كانوا يَذكرونه في سمَرهم بالأقوال الفاسدة، ويضربون له الأمثالَ الباطلة؛ من أنه شاعر، أو كاهن، أو ساحر، أو كذاب، أو مجنون، فكل ذلك باطل"[1].
 
فذمَّت الآية أمرين:
الأول: سمَرهم.
والآخَر: فِعلهم في هذا الوقت.
فكيف يرضى الرجل السوي - ولن أقول: العبد - السليمُ من الآفة ألاَّ يتَّعظ بغيره، ويكون له فيمن سبَقه عبرة؟!
 
أسال الله عز وجل أن يقيَني وإياكم وجميع المسلمين كل آفة وعلَّة، وأن يجعل لنا في غيرنا عظةً وعبرة، وأن لا يجعل مِنا عبرة، وأن يدفع عن وعنكم السمر دفعًا، إنه وليُّنا عز وجل والقادر عليه.




[1] تفسير القرآن العظيم (3/ 305).

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣