بعض هذا العتاب والتفنيد
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بَعْضَ هَذا العِتَابِ وَالتّفْنيدِ، | لَيسَ ذَمُّ الوَفَاءِ بالمَحْمُودِ |
مَا بَكَيْنَا عَلى زَرُودَ وَلكِنّا | بَكَيْنَا أيّامَنَا في زَرُودِ |
وَدُمُوعُ المُحبّ إنْ عَصَتِ العُذّا | لَ كانَتْ طَوْعَ النّوَى وَالصّدود |
يالخُضْرٍ يَنُحْنَ في القُضُبِ الخضـ | ـرِ عَلى كُلّ صَاحبٍ مَفْقُودِ |
عَاطِلاتٌ بَلْ حَالِيَاتٌ يُرَدِّدْ | نَ الشّجَي في قَلائِدٍ وَعُقُودِ |
زِدْنَني صَبْوَةً، وَذَكّرْنَني عَهْـ | ـداً قَديماً مِنْ نَاقِضٍ للعُهُودِ |
مَا يُرِيدُ الحَمَامُ، في كلّ وَادٍ، | مِنْ عَميدٍ صَبٍّ بِغَيرِ عَميدِ |
كُلّما أُخْمِدَتْ لَهُ نَارُ شَوْقٍ، | هِجْنَهَا بالبُكَاءِ، وَالتّغرِيدِ |
يا نَديمَيّ بالسّوَاجيرِ مِنْ وُدّ | بنِ مَعْنٍ، وَبُحتُرَ بنِ عَتُودِ |
أُطْلُبَا ثَالِثاً سِوَايَ، فإنّي | رَابعُ العِيسِ وَالدّجَى وَالبِيدِ |
لَسْتُ بالوَاهِنِ المُقيمِ وَلا القَا | ئِلِ يَوْماً: إنّ الغِنى بالجُدُودِ |
وإذا استَصْعَبَتْ مَقَادَةُ أمْرٍ، | سَهّلَتْهَا أيْدي المَهَارِي القُودِ |
حَامِلاتٌ وَفْدَ الثّنَاءِ إلى أبـ | ـلَجَ صَبٍّ، إلى ثَنَاءِ الوُفُودِ |
عَلِقُوا مِنْ مُحَمّدٍ خَيرَ حَبلٍ | لِرُوَاقِ الخِلافَةِ المَمْدُودِ |
لمْ يُخَنْ رَبُّها، وَلمْ يُعمَلِ التّدْ | بيرُ في حَلّ تَاجِهَا المَعْقُودِ |
مُصْلِتاً بَينَها وَبَينَ الأعادي، | حَدَّ رأيٍ يَفُلُّ حَدَّ الحَدِيدِ |
فَهْيَ مِنْ عَزْمِ رَأيِهِ في جُنُودٍ | قُمنَ مِنْ حَوْلِها مَقَامَ الجُنودِ |
كابَدَتْهُ الأُمُور فيها، فَلاقَتْ | قُلّبيَّ التّصْوِيبِ، وَالتّصْعيدِ |
صَارِمَ العزْمِ حاضرَ الحَزْمِ سارِي الـ | ـفِكرِ، ثَبتَ المَقامِ، صَلبَ العُودِ |
دَقّ فَهماً وَجَلّ عِلماً، فأرْضى | الله فينَا، وَالوَاثقَ بنَ الرّشيدِ |
وَجّهَ الحَقَّ بَينَ أخذٍ، وَإعطَا | ءٍ، وَقَصْدٍ في الجَمعِ وَالتّبديدِ |
وَاستَوَى النّاسُ، فالقَرِيبُ قَرِيبٌ | عِندَهُ، والبَعيدُ غَيرُ بَعيدِ |
لا يَميلُ الهَوَى بِهِ حينَ يُمضِي الأ | مرَ بَينَ المُقِليّ وَالَمودودِ |
وَسَوَاءٌ لَدَيهِ أبنَاءُ إبرا | هيم في حُكمِهِ، وأَبنَاءُ هُودِ |
مُسترِيحُ الأحشاءِ من كلّ ضِغنٍ، | بارِدُ الصّدْرِ من غَليلِ الحَقُودِ |
وَكَأنّ اهتِزَازَهُ، للعَطَايا، | مِنْ قَضِيبِ الأرَاكَةِ الأُملُودِ |
وَكَأنّ السّؤالَ يَنشُرُ وَرْدَ الـ | ـرّوْضِ في وَجهِهِ وَوَرْدَ الخُدودِ |
يا ابنَ عَبدِ المَليكِ مَلّكَكَ الحَمـ | ـدَ وَقُوفٌ بَينَ النّدى وَالجُودِ |
ما فَقَدْنا الاعدامَ، حتى مَدَدْنا | سبباً نَحوَ سَيبِكَ المَمدُودِ |
سُؤدَدٌ يُصْطَفَى، وَنَيلٌ يُرَجّى، | وَثَنَاءٌ يَحيَا، وَمالٌ يُودِي |
لَتَفَنّنتَ في الكِتابَةِ، حتى | عَطّلَ النّاسُ فَنّ عَبدِ الحَميدِ |
في نِظَام مِن البَلاغَةِ مَا شَكّ | امرُؤٌ أنّهُ نِظَامُ فَرِيدِ |
وَبَديعٍ كأنّهُ الزّهَرُ الضّا | حِكُ في رَوْنَقِ الرّبيعِ الجَديدِ |
مُشرِقٌ في جَوَانبِ السّمعِ ما يُخـ | ـلِقُهُ عَوْدُهُ على المُستَعيدِ |
ما أُعِيرَتْ منهُ بُطُونُ القَرَاطِيـ | ـسِ وَمَا حُملَتْ ظُهورُ البَرِيدِ |
مُستَميلٌ سَمعَ الطّرُوبِ المُعَنّى | عَنْ أغَاني زرزر، وَعَقيدِ |
حُجَجٌ تُخرِسُ الألَدّ بألفا | ظٍ فُرَادَى كالجَوْهَرِ المَعدودِ |
وَمَعَانٍ لَوْ فَصّلَتها القَوَافي، | هَجّنَتْ شِعرَ جَرْوَلٍ وَلَبيدِ |
حُزْنَ مُستَعمَلَ الكَلامِ اختياراً، | وَتَجَنّبنَ ظُلمَةَ التّعْقيدِ |
وَرَكِبْنَ اللّفْظَ القَرِيب فأدْرَكْـ | ـنَ بِهِ غَايَةَ المُرَادِ البَعيدِ |
كالعَذارَى غَدَوْنَ في الحُلَلِ الصفـ | ـر،إذا رُحنَ في الخطوطِ السّودِ |
قَدْ تَلَقّيْتَ كلَّ يوْم جَديدٍ، | يا أبَا جَعْفَرٍ، بمَجْدٍ جَديدِ |
يأْئِسُ الحَاسدونَ مِنْكَ وَما مجْـ | ـدُكَ ممّا يَرْجوهُ ظَنُّ الحَسودِ |
وَإذا استُطْرِفَتْ سِيادَةُ قَوْمٍ، | بِنْتَ بالسّؤدَدِ الطّرِيفِ التّليدِ |
وأرى الناس مُجتمِعينَ على فضْـ | ـلِكَ مِنْ بَينِ سَيّدٍ وَمَسُودِ |
عَرَفَ العالمُونَ فَضْلَكَ بالعِلْـ | ـمِ، وَقالَ الجُهّالُ بالتّقْليدِ |