هل أنتَ راثٍ لصبّ القلبِ معمودِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
هل أنتَ راثٍ لصبّ القلبِ معمودِ | دوي الفؤادِ بغير الخردِ الجودِ ؟ |
ما شفَّهُ هجرُ أحبابٍ وإنْ هَجروا | من غيرِ جُرمٍ ولا خُلفِ المواعيدِ |
وفي الجفونِ قذاة ٌ غَيرُ زائلة ٍ | وفي الضّلوع غرامٌ غيرُ مفقودِ |
يا عاذلي - ليس وجدٌ بتُّ أكتمه | بين الحَشا وَجدُ تعنيفٍ وتفنيدِ |
شربي دموعي على الخدين سائلة ً | إنْ كان شُرْبُكَ من ماءِ العناقيدِ |
و نمْ فإنّ جفوناً لي مسهدة ً | عمرَ الليالي ولكنْ أيَّ تسهيدِ ؟ |
وقد قضيتُ بذاك العذلِ مَأْرَبَة ً | لو كان سمعيَ عنه غيرَ مسدودِ |
تلومُني: لم تُصْبك اليومَ قاذفتي | ولم يعدْك كما يعتادُني عيدي |
فالظّلمُ عَذْلُ خليِّ القلبِ ذا شَجَنٍ | وهُجنَة ٌ لومُ موفورٍ لمجهودِ |
كم ليلة ٍ بتُّ فيها غيرَ مرتفقٍ | و الهمُّ ما بين محلولٍ ومعقودِ |
ما غن أحنُّ إليها وهيَ ما ضية ٌ | و لا أقول لها مستدعياً : عودي |
جاءتْ فكانت كعوارٍ على بصرٍ | وزايلتْ كزيالِ المائدِ المُودي |
فإنْ يودُّ أناسٌ صبحَ ليلهمُ | فإنّ صبحيَ صبحٌ غيرُ " مودودِ " |
عشية ٌ هجمتْ منها مصائبها | على قلوبٍ عنِ البَلْوى مَحاييدِ |
يا يوم عاشورَ كم طأطأتَ من بصرٍ | بعد السموّ وكم أذللتَ من جيدِ |
يا يومَ عاشورَ كم أطردتَ لي أملاً | قد كان قبلكَ عندي غيرَ مطرودِ |
أنتَ المُرنِّقُ عيشي بعدَ صفوتِهِ | و مولجُ البيضِ من شيبي على السودِ |
جزْ بالظفوفِ فكم فيهنّ من جبلٍ | خرّ القضاءُ به بين الجلاميد |
وكم جريحٍ بلا آسٍ تمزِّقُهُ | إمّا النُّسُورُ وإمَّا أضبُعُ البيدِ |
وكم سَليبِ رماحٍ غيرِ مستترٍ | و كم صريعِ حمامٍ غيرِ ملحودِ |
كأنَّ أوجُهَهم بيضاً ملألئة ً | كواكبٌ في عِراصِ القفرة ِ السُّودِ |
لم يطعموا الموتَ إلاّ بعد أنْ حطموا | بالضَّربِ والطعنِ أعناقَ الصَّناديدِ |
و لم يدعْ فيهمُ خوفُ الجزاءِ غداً | دماً لتربٍ ولا لحماً إلى سيدِ |
من كلَّ أبلجَ كالدينار تشهده | وسْطَ النَّدِيِّ بفضلٍ غيرِ مجحودِ |
يغشَى الهياجَ بكفٍّ غيرِ مُنقبضٍ | عن الضِّرابِ وقلبٍ غير مَزْؤودِ |
لم يعرفوا غيرَ بثَّ العرفِ بينهمُ | عفواً، ولا طُبعوا إِلاَّ على الجودِ |
يا آلَ أحمدَ كم تلوى حقوقكمُ | ليَّ الغرائبِ عن نبت القراديدِ |
و كم أراكمْ بأجواز الفلا جزراً | مبددين ولكنْ أيَّ تبديدِ ؟ |
لو كان ينصفكم من ليس ينصفكمْ | ألقى إليكمْ مطيعاً بالمقاليدِ |
حُسدتمُ الفضلَ لم يُحرزْهُ غيركُمُ | والناسُ ما بين محرومٍ ومحسودِ |
جاؤا إليكمْ وقد أعطوا عهودهمُ | في فيلقٍ كزهاءِ الليلِ ممدودِ |
مستمرحين بأيديهمْ وأرجلهمْ | كما يشاؤن ركضَ الضمرِ القودِ |
تَهوي بهمْ كلُّ جرداءٍ مُطهَّمة ٍ | هوِيَّ سَجْلٍ منَ الأوذامِ مَجدودِ |
مُستشعرين لأطرافِ الرِّماح ومِنْ | حدَّ الظبا أدرعاً من نسجِ داود |
كأنَّ أصواتَ ضَربِ الهامِ بينَهُمُ | أصواتُ دَوْحٍ بأيدي الرِّيح مَبْرودِ |
حمائمُ الأيكِ تبكيهمْ على فننٍ | مُرنَّحٍ بنسيم الرِّيحِ أُملودِ |
نُوحي؛ فذاك هديرٌ منكِ مُحتَسَبٌ | على حسينٍ فتعديدٌ كتغريدِ |
أُحبِّكمْ والّذي طافَ الحجيجُ بهِ | بمبتنى ً بإزاءِ العرش مقصودِ |
وزمزمٍ كلَّما قِسْنا مواردَها | أوفَى وأَربَى على كلِّ المواريدِ |
والموقِفينَ وما ضَحَّوْا على عَجلٍ | عندَ الجِمارِ من الكومِ المقاحيدِ |
و كلَّ نسكٍ تلقاه القبولُ فما | أمسى وأصبحَ إلاّ غيرَ مردودِ |
و أرتضى أنني قدْ متُّ قبلكمُ | في مَوقفٍ بالرُّدينيَّاتِ مَشْهودِ |
جَمِّ القتيلِ فهاماتُ الرِّجالِ به | في القاع ما بين متروكٍ ومحصودِ |
فقلْ لآلِ زيادٍ أيُّ معضلة ٍ | ركبتموها بتخبيبٍ وتخويد |
كيفَ استلبتُم منَ الشُّجعانِ أمرَهُمُ | والحربُ تَغلي بأوغادٍ عَراديدِ؟ |
فرقتمُ الشملَ ممنْ لفّ شملكمُ | وأنتمُ بينَ تَطْريدٍ وتَشريدِ |
و منْ أعزكمُ بعد الخمولِ ومنْ | أدناكُمُ مِن أمانٍ بعدَ تبعيدِ؟ |
لولاهمُ كنتمُ لحماً لمزدردٍ | أو خلسة ً لقصير الباع معضودِ |
أو كالسِّقاءِ يَبيساً غيرَ ذي بللٍ | أو كالخباءِ سَقيطاً غيرَ مَعْمودِ |
أعطاكمُ الدهرُ مالا بدّ " يرفعه " | فسالبُ العودِ فيها مورقُ العودِ |
ولا شَربتمْ بصفوٍ لا ولا عَلِقَتْ | لكمْ بنانٌ بأزمانٍ أراغيدِ |
و لا ظفرتمْ وقد جنتْ بكم نوبٌ | مُقلقلاتٌ بتمهيدٍ وتَوطيدِ |
و حول الدهر رياناً إلى ظماءٍ | منكمْ وبدل محدوداً بمجدودِ |
قد قلتُ للقوم حطوا من عمائهمْ | تحقُّقاً بمصابِ السّادة ِ الصِّيدِ |
نُوحوا عليه؛ فهذا يومُ مصرعِه | وعَدِّدوا إنَّها أيّامُ تَعديدِ |
فلي دموعٌ تبارى القطرَ واكفة ٌ | جادتْ وإن لم أقلْ يا أدمعي جودي |