رضينا من عدانك بالمطالِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
رضينا من عدانك بالمطالِ | ومن جدواك بالوعد المحالِ |
وأقنعنا هواك وقد ظمئنا | إلى وِرْدِ الزُّلالِ بكلِّ آلِ |
وأنسانا دوامُ الهجر منكمْ | وطولُ النّأى أيّامَ الوصالِ |
وكنتِ الزَّوْرَ يطرقُني مساءً | وإنْ منع الضّحى فإلى ظلالى |
إلى أن صدّكِ الواشون عنّا | فما نُزدارُ إلاّ في الخَيالِ |
إلى كم تطلبين وليس عندي | على الأيّامِ عذراً فى الملالِ ؟ |
وأشقى النّاسِ من يضحى ويمسى | يُبالي في الهوى مَن لا يبالي |
وبيضٍ راعهنَّ البيضُ منّى | فقطَّعْنَ العلائقَ من حِبالي |
جعلْنَ الذَّنبَ لي حتّى كأنّي | جنيتُ أذى المشيبِ على جمالي |
وليس الشّيب من جهتى فألحى | ولا ردُّ الشّبيبة ِ فى احتيالى |
وما أنسى عشيّة َ يومِ " جمعٍ " | ونحنُ نَضُمُّ مُنتشرَ الرِّحالِ |
وإذْ أدمُ المطى ِّ معقّلاتٌ | على وادي مِنى ً بيدِ الكلالِ |
نساءٌ من بني ثُعَلِ بنِ عمرو | يصبن هناك أفئدة َ الرّجالِ |
خرجْنَ إلى المُحَصَّبِ سافراتٍ | وجيدُ اللّيلِ بالجوزاء حالى |
يمسنَ بمسقطِ الجمراتِ فينا | كما روَّعْتَ حيّاتِ الرِّمالِ |
فحيّاهنَّ ربُّ البيتِ عنّا | وأيّاماً بهنّ بلا ليالِ |
سَقى اللهُ المُنَقَّى من محلِّ | وما يحويهِ من سَلَمٍ وضالِ |
وكم لى فيه من زمنٍ قصير | بمن أهوى وساعاتٍ طِوالِ! |
وأقوامٍ جروا فى كلّ فصلٍ | بلا لجمٍ إلى " عالى " الكمالِ |
بأفئدة ٍ إذا احْتَربوا رِزانٍ | وأيمانٍ وأقدامٍ عجالِ |
وأغلوا فى ندًى ووغى جميعا | وما غبنوا بأَثمانِ المعالي |
بدورٌ إنْ سريتَ بهمْ هدوّاً | ففى يدك الأمانُ من الضّلالِ |
تناط حمائلُ الأسيافِ منهمْ | بعاتقِ كلِّ مُمتدِّ طُوالِ |
هُمُ مَنعوا من المكروه سِرْبي | وساقوا الأمنَ يرتع فى رحالى |
وأعدونى وكلُّ اليأسِ عندى | بنصرِهمُ على نُوَبِ اللّيالي |
كأنِّي فيهمُ من ذي حِفاظٍ | يلاطم عنك خرصانَ العوالى |
تهيب به حفيظته فينزو | كما تنزو السّهامُ بكلّ غالِ |
ومولًى علّنى طرقاً أجاجاً | بما أسقيهِ من عذبٍ زُلالِ |
هدانٌ لا يريد السّلمَ إلاّ | إذا ما كانَ يجبُنُ عن قتالي |
أرى فى وجهه ماءَ التّصافى | وفى أحشائه نارُ التّقالى |
يسامينى فتعلينى عليه | أهاضيبُ الرّواسخِ من جبالى |
فقل لمُسوِّفٍ ببلوغِ شَأْوي | ويمناهُ تقصِّرُ عن مُنالي |
أبنْ لى أين قطرك من سيولى | وأين حضيضُ أرضك من قلالى ؟ |
وكيف يعدّ بى منْ ليس فيه | لباغي المجد شيءٌ من خِلالي؟ |
تضنُّ يمينهُ بالنّزر منها | وأسخو للعفاة ِ بكلّ مالى |
وليس لوعده أبداً نجاحٌ | ويسبق موعدى أبداً نوالى |
ألم ترَ أنّنى أحذو قديمى ؟ | وأحذو إنْ حذوت على مثالى |
وأدّرعُ الدّجى واللّيلُ خافٍ | وأركب غاربَ الخطبِ الجلالِ |
وأكشفُ باطنَ الأمرِ المعمَّى | وأطلعُ في الدَّآدي كالهلالِ |
بعرضٍ لا أجود به مصونٍ | ومالٍ لا أضنُّ به مذالِ |
سل الأبطالَ عنّى يومَ " سلعٍ " | وسيلُ الموتِ مُنحلُّ العَزالي |
إذا عُقِد الغُبارُ الجونُ ليلاً | تَرى فيه الأسنَّة َ كالذُّبالِ |
وقد ألقى التَّضاغُطُ كلَّ رمحٍ | فليس الطَّعنُ إلاَّ بالنِّصالِ |
ألستُ هناك أسبقَهمْ بضربٍ | وأشفاهمْ لذى الدّاءِ العضالِ ؟ |
أعد نظراً لعلّك أن تراها | مُنَشَّرة َ النَّواصي كالسَّعالي |
تخالُ بها وقدرُ الحربِ تغلي | منَ النَّزَوانِ مسّاً من خَبالِ |
وإنَّ جلودها تَهمي نجيعاً | طَلاها اليومَ بالقَطرانِ طالي |
وفوقَ ظهورِهنَّ بنو المنايا | إذ لاقَوْا وأبناءُ القتالِ |
فيقضي نَحْبَه قلبٌ مُغَـنُّى | أضرَّ به أفانينُ المطالِ |