خلِّ المدامعَ في المنازلِ تسفحُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
خلِّ المدامعَ في المنازلِ تسفحُ | والقلبُ من ذكرِ الأحبَّة ِ يفرحُ |
ما كانَ عندي أنَّ غِزلانَ النَّقا | لوادِ طَرْفِي يوم رامة َ تسنح |
لمّا مَرَرْنَ بنا خطفْنَ قُلوبَنا | وقلوبُهنّ مقيمة ٌ لا تبرحُ |
والدارُ من بعد الشواغفِ إنّما | هي للجَوى والحزنِ مغنًى مَطرحُ |
للهِ زَوْرٌ زارنا وقتَ الكرى | والليلُ جَوْنُ أديمِهِ لا يوضِحُ |
والعيسُ من بعدِ الكلالِ مُناخة ٌ | والرَّكبُ فيما بينهنَّ مُطرَّحُ |
فيما طرقتَ وليلُنا مُستَحلِكٌ | لو ما طرقْتَ وصُبحُنا متوضِّحُ |
بينا يؤلفنا أغمٌّ مُظلمٌ | حتى يقرّقنا مضئٌ أجْلَحُ |
ياصاحبيَّ على الزمانِ تأملاً | ما جرَّهُ هذا الزَّمانُ الأقبحُ |
في كلِّ يومً ليَ خليطٌ يَنتئي | عنّي ودارٌ بالمسرة ِ تنزحُ |
وهمومُ صدرٍ كلَّما دافعتُها | آلتْ طِوالَ الدَّهرِ لا تَتَزحزحُ |
لا أستطيعُ لها الشكاية َ خيفة ً | والهمُّ لا يُشكى لقلبكَ أجْرحُ |
وإذا طلبتُ ليَ الإخاءَ فليسَ لي | من بينهم إلاّ الّسَؤولُ الأرسحُ |
من كلِّ مشتهر العيوبِ وعندهُ | أنَّ العيونَ لعيبهِ لا تَلمحُ |
ومجاورٍ ما كنتُ يوماً راضياً | بجوارهِ ومشاورٍ لا ينصحُ |
ومعاشرٍ نبذوا الجميلَ فما لهمْ | إلاّ بأودية ِ القبائحِ مَسرَحُ |
ومنَ البَليَّة ِ أنَّني حُوشِيتما | أُمسي كما يَهْوى العدوُّ وأُصبحُ |
في كربة ٍ لا تَنْجلي وشَديدة ٍ | لا تنقضي ودُجُنَّة ِ لا تُصبِحُ |
جَمري تناقَلُهُ الأكفُّ ولم تجدْ | لَفْحاً له وجمارُ غيري تلفحُ |
وإذا عزمتُ على النّجاءِ فليس ما | أنجو به إلاّ الطِّلاحُ الرُّزَّحُ |
قُل للَّذي يعدو به في مَهْمَهٍ | طِرْفٌ تخيّرهُ الفوارسُ أقرحُ |
بلِّغْ بلغتَ عميدَنا وزعيمَنا | ومشرِّفًا دُنيًا لنا لا يَمْصَحُ |
إنّي ببعدِكَ في بهيمٍ مُظلمٍ | لمّا عداني مَن به أستصبحُ |
إنْ طابَ ليّ طعمُ الحياة ِ أمر!َهُ | شوقٌ إليكَ كما علمتَ مبرِّحُ |
ولقد علمتُ زمانَ تَبغي كارهًا | قُربي بِبُعدِكَ أنَّني لا أربحُ |
وأنا الذي من بعدِ نأيكَ مُبْعَدٌ | عن كلِّ ما فيهِ الإرادة ُ مُنزَحُ |
في أسْرِ أيدٍ بالأذى مَفْتوحة ٍ | لكنَّها عندَ النَّدى لا تُفتحُ |
ومهوِّنٌ عندي الشدائدَ أنّها | تدنو الأنامَ وأنتَ عنها الأنزحُ |
وإذا عَدَتْكَ سهامُ دهرٍ ترتمي | فدعِ السِّهامَ لجِلدِ غيرِك تجرحُ |
ما ضَرَّنا وقلوبُنا مُلتفَّة ٌ | دَوٌّ تَعَرَّضُ بيننا أو صَحْصَحُ |
فالأبعدونَ معَ المودَّة حُضَّرٌ | والأقربون بلا الموَّدة ِ نُزَّحُ |
ولقدْ فضحتَ معاشراً لم يبلغوا | شأْوًا بلغتَ وفضلُ مثلك يفضحُ |
وتَركتنا من بعدِ حقٍّ كانَ في | كفَّيكَ نَغبُقُ بالمُحالِ ونَصْبَحُ |
وإذا بنو عبد الرَّحيم تَبوَّءوا | شِعْبًا فإنّي بينهُمْ لا أبرحُ |
المسرعون إلى الصّريخ فإن قضوا | وَطَرَ الوَغَى فهُمُ الجبالُ الرُّجَّحُ |
لا أستطيعُ فراقهمْ ولربمّا | فارقتُ مَن بفراقهمْ لا أسمحُ |
وأنا الجواد فإنْ سُئلتُ تحوُّلاً | عن قربِكُم فأنا البخيلُ الشَّحْشَحُ |
قومٌ وقَوْني الشَّرَّ وهو مُصَمِّمٌ | وكفونيَ "الضراءَ" وهي تُصرِّحُ |
إنْ ناكروا الأمرَ الذميمَ تباعدوا | أو باكروا المَغنى الكريمَ ترَوَّحوا |
وإذا دَعوتَهُمُ لنصرِك منْ ردًى | جاءتْ إليكَ بهمْ جِيادٌ قُرَّحُ |
مِثْلَ الدّبا لَفّتْهُ فينا زَعزَعٌ | والسَّيلُ ضاق به علينا الأبطحُ |
والبيضُ في قلل الكُماة ِ غمودُها | والسّمرُ من ماءِ التّرائبِ تُنضحُ |
فعليك منّي غائبًا عن مُقلتي | فدموعها حتى تراهُ تسفَحُ |
تسليمَة ٌ لا تَنْقضي وتَحيَّة ٌ | يمضي المدى وقليبها لا ينزحُ |
وصَفحتُ عن ذنبِ الزَّمانِ وإنّني | عن ذنبهِ بفراقنا لا أصفحُ |