نَعم هي الدارُ مَنْ يُنادِيهَا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
نَعم هي الدارُ مَنْ يُنادِيهَا | وقدْ حَمتْ عند حيّ ناديها |
أُجِلُّها في الهَوَى وأُكْرِمُهَا | أنْ أمنحَ الودَّ غير ناديها |
كَمْ راقني مِنْ رَبِيعِ أَرْبُعِها | زَاهِرها بَهْجَة ً وَزَاهِيها |
تَهْدِي بِنَوَّارِ نَيِّرِها | سَائِر عُشَّاقِهَا وَسَارِيها |
وكمْ بها من مصونة ٍ صُلنا | يَحْجبها غَيْرَها وَيَحْمِيها |
نَمَّ بِهَا حُلْيها وَمَبْسَمُهَا | وطيبُ أنفاسِها ووانيها |
نقصَ صبرُ المحبّ من ثمدٍ | ما كَحَّل الحُسنُ من معانيها |
رَوْضَة ُ حُسْنٍ يُذيب مِنْ وَلهٍ | شادن قَلْب المُحبّ راعيها |
ودوحة ٌ لَمْ تضُعْ روائحها | إلاَّ سقتْها عُيونُ غاديها |
فمنْ يُجيرُ المُحبَّ من مُقبلٍ | عربدَ نشوانُها وصاحيها |
ومن ثغورٍ دمعي الطليقُ بها | شَقيقُ ما افْتَرَّ مِنْ أَقاحِيها |
ومنْ خدودٍ بالورد يانعة | إن لاح جانيهِ حَالَ جانيها |
ومن قُدودٍ إذا انثنت هيَفاً | أَفْرَدَهَا الحسنُ في تَثنِّيها |
كَانَتْ تهابُ الخُدودَ أَدْمعُه | لَكِنْ عَلَيْها الهَوَى يُجرِّيها |
صَبٌّ رَعَى نَفْسَهُ الغرامُ فما | حَجَّبه دُونها تَنَائِيهَا |
حيثُ نياقُ السرورِسارية ٌ | بِهِ وَشَرْخُ الشبابِ حادِيها |
وأَطْلقَ العَيْنَ حَيْثُما سَرَحَ الـ | ـحُسْنُ فَيَحْويهِ وَهْوَ يَحْوِيها |
وراحَ في الحُبِّ من تعَشُّقها | يُسْخِطُ أَحْشَاءَهُ وَيُرْضِيها |
ما شابَ فرعٌ له فيردَعُها | أَوْ شَانَ فَقْرٌ بِهِ فَيُثْنِيها |
والنفسُ ما كَذبَ البعادُ لها | ما صدق القُربُ مِنْ أمانيها |
فَلاَ هَجِيرَ لِلْهَجْرِ يَحْذَرُهُ | كلاَّ ولا قسوة يقاسيها |
فيا لهُ عصرُ لذة ٍ بعُدتْ | منهُ ليالٍ لو كانَ يُدنيها |
فدعْ وداعاً لأهل دارِ حِمى ً | واغنَ بدُنياك عنْ مغَانيهَا |
واسْتَحْلِهَا مِنْ رِضَابِ سَائِغها | واستجلِهَا من رضابِ ساقيها |
فَهي مُدامٌ كالتِّبْرِ إنْ مُزِجَتْ | أتت يآلائِها لآلِيها |