من سائل لمعذر عن خطبه
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
مَنْ سَائِلٌ لمُعَذَّرٍ عَنْ خَطْبِهِ، | أوْ صَافِحٌ لمُقَصِّرٍ عَنْ ذَنْبِهِ |
حُمّلتُ للحَسَنِ بنِ وَهبٍ نعمةً، | صعبت على ذُلّ الثّنَاءِ وصَعْبِهِ |
وَوَعَدْتُهُ أنّي أقُومُ بِشُكْرِها، | فحَمَلْتُ منهُ نقى فلَم أنهَضْ بهِ |
إلاّ أكُنْ كلفْتُ منهُ يَذْبُلاً، | فَلَقَدْ مُنيتُ بخِدْنِهِ، أوْ تِرْبِهِ |
ما أضْعَفَ الإنْسَانَ إلا هِمّةٌ | في نُبْلِهِ، أو قُوّةٌ في لُبّهِ |
مَنْ لا يُؤدّي شُكْرَ نعْمَةِ خِلّهِ، | فمَتى يُؤدّي شُكْرَ نِعمَةِ رَبّهِ |
وَهَبَ ابنُ وَهْبٍ وَفرَه، حتى لقَدْ | أوْفَى على شَرْقِ الثّنَاءِ، وَغَرْبهِ |
سَبّاقُ غاياتٍ، إذا طَلَبَ المَدى | برَسيلِهِ، فعَدُوُّهُ مِنْ حِزْبِهِ |
وَإذا تَقَسّمَ قَبَرَ عَمْروٍ في بني الـ | ـدّيّان صَارَ إلَيْهِ أزْكَى تُرْبِهِ |
إن شئت أنْ تدَعَ الفَعالَ لأهْلِهِ، | فاعرِضْ لمَجدِ سعيدِه، أوْ وَهبِهِ |
تلكَ الخُصُوصُ فإن عمَمتَ أمدَّها | برَبيعَتَيْهِ، وَحارِثَيْهِ، وَكَعبِهِ |
صِيدٌ لأصْيدَ، لَستَ تُبصرُ جمرَةً | فيه النّاسِ لم تكُ قَطَرةً في صُلبِهِ |
عَرَفَ العَوَاقبَ فاستفادَ مكارِماً، | يفَنىَ الزّمانُ، وَذِكْرُها في عَقْبِهِ |
وَكَفَى الكَرِيمَ بهَؤلاءِ مَكارِماً | مأثُورَةً في سِلْمِهِ، أوْ حَرْبِهِ |
وَإذا استَهَلّ أبُو عَليٍّ للنّدَى، | جَاءَ الغَمامُ المُسْتَهِلُّ بسَكْبِهِ |
وَإذا تَألّقَ في النّدَى كَلامُهُ الـ | ـمَصْقولُ خلتَ لسانَه من عَضْبِهِ |
وَإذا احتَبَى في عُقدَةٍ من حِلمِهِ | يَوْماً، رَأيتَ مُتالِعاً في هَضْبِهِ |
وَإذا دَجَتْ أقْلامُهُ ثمّ انتَحَتْ، | بَرَقَتْ مَصَابيحُ الدّجى في كُتْبِهِ |
باللّفْظِ يَقرُبُ فَهْمُهُ في بُعْدِهِ | مِنْا، وَيَبْعُدُ نَيْلُهُ في قُرْبِهِ |
حِكَمٌ، فَسائحُهَا خلالَ بَنانِهِ | مُتَدَفِّقٌ، وَقَليبُها في قَلْبِهِ |
كالرّوْضِ مُؤتَلِقاً بحُمرَةِ نَوْرِهِ | وَبَياضِ زَهْرَتِهِ وَخُضرَةِ عُشبِهِ |
أوْ كالبُرُودِ تُخُيّرَتْ لمُتَوَّجٍ | مِن خالِه، أوْ وَشيِهِ، أوْ عَصْبِهِ |
وَكأنّها، وَالسّمْعُ مَعقُودٌ بهَا، | شَخصُ الحَبيبِ بَدا لعَينِ مُحبّهِ |
كاثَرْتُهُ، فإذا المُرُوءَةُ عِندَهُ | تُعدي المُفاوِضَ من أقاصِي صَحبِهِ |
وَوَجَدْتُ في نَفسِي مَخايلَ سؤددٍ، | إنْ كُنتُ يَوْماً وَاحداً من شَرْبِهِ |
فصَبَغتُ أخْلاقي برَوْنَقِ خُلْقِهِ، | حتى عَدَلْتُ أُجَاجَهُنّ بعَذْبِهِ |
قَوْمي فِداؤكَ قَد أضَاءَ لناظِري | بك كلُّ منكَسِفِ الأصِيلِ، مُضِبّه |
في كُلّ يَوْمٍ مِنّةٌ مَا بَعْدَهَا | مَنٌّ، يُعَابُ الصّادِرُونَ بغِبّهِ |
كَمْ آمِرٍ ألاّ تَجُودَ، وَعَاتِبٍ | في أنْ تَجودَ، أبَتَّهُ في عَتْبِهِ |