كلَّ يومٍ يسومني الدهرُ ثكلا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
كلَّ يومٍ يسومني الدهرُ ثكلا | ويريني الخطوبَ شكلاً فشكلا |
وبصبري يجدُّ خلف حبيبٍ | منه طرفي لا القلب يخلو محلاّ |
أودع الأرض شخصه ثم أدعو | أين ركبُ المنون فيك استقلاّ |
يا عذولى َ صبابتي علمّاني | كيف تسلى الهموم لا كيف تسلى ؟! |
خلياني من مورد الصبر إنّي | قد وردت الأشجان علاً ونهلا |
كم أخٍ شدَّ ساعدي بأخيه | بعده قد صحبتُ باعاً أشلاّ |
وقريبٍ إليَّ أبعده الموتُ | وكم أبعدت يدُ الموت خلاّ |
وعزيزٍ عليَّ أرخصَ دمعي | وهو عندي من نور عينيّ أغلى |
أخوتي اخوة ُ الصفا درجتم | فبمن لا بمن همومي تجلى |
مضَّنى فقدُكم ولا كفقيدٍ | كبر الخطبُ فيه عندي وجلاّ |
إن تكن بعَّضت نواكم فؤادي | فنواه مضتْ به اليوم كلاّ |
يا دفيناً بتربة ٍ تخذتها | أعينُ الحور موضع الكحل كحلا |
ثكلُ أمِّ القريض فيك عظيمٌ | ولام الصلاح أعظم ثكلا |
ما عركن الخطوب صبرَك إلا | حسبت أنها جلت لك نصلا |
قد لعمري أفنيت عمرك نسكاً | وشحنت الزمانَ فرضاً ونفلا |
وطويت الأيام صبراً عليها | فتساوت عليك حزناً وسهلا |
طالما وجهك الكريمُ على الله | به قوبل الحيا فاستهلاّ |
إن تعشْ عاطلاً فكم لك نظمٌ | بات جيدُ الزمان فيه محلّى |
ولك السائراتُ شرقا وغربا | جئن بعداً ففتن ما جاء قبلا |
كم قرعن الأسماعَ بيتاً فبيتا | فأفضن العيون سجلاً فسجلا |
كنت أخلصتَ نية القول فيها | فجزاك "الحسين" عنهن فعلا |
فهي الصالحات بعدك تبقى | بلسان الزمان للحشر تتلى |
يا أمنت الروائعَ أنعمْ بدارٍ | قد أعُدَّت للمتقين محلا |
أنت أهلٌ وقد علمت بأن ليـ | ـس يُضيع الباري لمثلك أهلا |
ها هم قد تفيأوا ظل من كا | ن على العالمين لله ظلاّ |
ذاك «مهديُّ» شرعة الحق والـ | ـقائمُ فيها بالصدق قولاً وفعلا |
مَن إذا جاد واهبا جاد وبلاً | وإذا قال ناطقاً قال فصلا |
أسدٌ رشَّح الإلهُ بنيه | لعرين الآساد شبلاً فشبلا |
علماءُ الهدى دعائم دين اللّـ | ـه حفّاظه وناهيك فضلا |
وسقى اللهُ "صالحا" غيث لطفٍ | بشآبيب عفوه مستهّلا |