بنور وجهكَ لا بالشمس والقمرِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
بنور وجهكَ لا بالشمس والقمرِ | أضاء أفقُ سماء المجد والخطرِ |
وفي البريّة من معروفك انتشرتْ | رواية الشاهدين السمع والبصر |
تحدثوا عنكَ حتى أن كل فمٍ | به عبيرُ شذاً من نشرك العطر |
فذكرُك المسك بين الناس يسحق با | للسان والفم لا بالفهر والحجر |
وخلقُك الروضة الغنّاء ترهم في | نطاف بشرِك لا في ريق المطر |
وكفُّك البحر ما غاض الرجاء به | إلا وأبرز منه أنفسَ الدرر |
ودارُ عزك تغدو الوفد ناعمة ً | فيها بأرغد عيشٍ ناعمٍ نضر |
بها الضيوفُ تحيى منك أكرم مَن | يعطى الرغائب من بدوٍ ومن حضر |
حيث الجنان على بعدٍ تضئُ بها | للطارقين ضياءَ الأنجم الزهرِ |
لقد غدا الأفقُ العلويُّ يحسدها | على مواقدها في سالف العُصر |
وودَّ لو أنها كانت به بدلاً | من الكواكب حتى الشمس والقمر |
فالشهب والبدر يطفي الصبحُ ضوءَهما | والشمسُ في الليل لم تشرق ولم تنر |
لكنَّ دارك لم تبرحْ مواقدُها | مضيئة ً تصل الإصباحَ بالسحر |
ما زلتَ ترفع فيها للقِرى كرماً | ناراً شكا الأفقُ منها لافحَ الشرر |
يا مقرضَ الأرض في عصرٍ به وثقت | بنو الزمان بكنز البيض والصفر |
كأنما اللهُ لم يندب سواكَ إلى | قرضٍ يضاعفهُ في محكم السور |
فلم تكن بشراً بل أنتَ روحُ ندى ً | للعالمين بدتْ في صورة البشر |
يفدي يديكَ ابنُ حرصٍ لا حياء له | يلقى العفاة َ بوجهٍ قُدَّ من حجر |
جرى لعلياكَ من جهلٍ فقلتُ له: | لقد جريتَ ولكنْ جرْيَ منحدر |
سما بك الحظُ إلا عن علاء أبي الـ | ـمهدي حطَّك ذلُ العجز والخور |
أنتَ المعذّبُ بالأموال تجمعها | خوفَ البغيضين من فقرٍ ومن عسر |
وهو المفرّقُ ما يحويه مدخراً | كنزَ الخطيرين من حمدٍ ومن شكر |
ما ديمة ُ القطر من صغرى أنامله | للمحل أقتلُ في أعوامه الغُبر |
يا ناظراً سيرَ الأمجاد دونك خذْ | منه العيانَ ودع ما جاء في السيَر |
تجد به من أبيه كلَ مأثرة ٍ | ما للحيا مثلها في الجود من أثر |
يريكها هو أو عبدُ الكريم بلا | شكٍ وأيُّهما إنْ شئتَ فاختبر |
لا تطلبنَّ بها من ثالثٍ لهما | هل ثالثٌ شاركَ العينين بالنظر |
تفرَّعا للعلى من دوحة ٍ سُقيتْ | ماءَ التقى فزكتْ في أول العصر |
وقد سما فرعها الأعلى فأثمرَ ما | بين النجوم بمثل الأنجم الزهر |
بكل صافي المحيتا بشرهُ كرمٌ | وكلُ أخلاقه صفوٌ بلا كدر |
ما أحدقوا بالرضا إلا وخلتهمُ | كواكباً تستمدُ النورَ من قمر |
مهذّبٌ يُتبعُ النعمى بثانية ٍ | دأباً وجودُ سواه بيضة ُ العقرِ |
له مناقبُ مجدٍ كلها غررٌ | في جبهة الدهر بل أبهى من الغرر |
زواهرٌ في سماء الفضل دائرة ٌ | بمثلها فلكُ الخضراء لم يدر |
رأى الثناءَ لباس الفخر تنسجُه | يدُ الندى لذوي العلياء والخطر |
فجاد حتى دعاه البحرُ حسبك ما | أبقى سماحُك لي فضلاً على البشر |
وكلَّ عنه لسانُ البرق ثم دعا | بالرعد أكرمتَ إني عنك ذو قصر |
يُنمى إلى طيّبي الأعراق مَن عقدوا | على العفاف قديماً طاهرَ الأزر |
أعزَّة ٌ نورُهم هادٍ ووجهُ مسا | عيهم حسينٌ بليل الحادث النكر |
الوارثان من المهديّ كلَ عُلى ً | لأفقها طاهرُ الأوهام لم يطر |
والباسطان لدى الجدوى أكفَّهما | سحائباً تمطرُ العافين بالبدر |
والغالبان على الفخر الكرام معاً | بحيثُ لم يدعا فخراً لمفتخر |
يا طيب فرع سماحٍ مثمرٍ بهما | ما كلُّ فرع سماحٍ طيبُ الثمر |
لم يطلعا غاية للفخر ليس ترى | شأواً بها لمجيد غير منحسر |
إلا وللمصطفى أبصرتَ ما لهما | يوم الرهان من الإيراد والصدر |
أغرُّ ما زهرت للشهب طلعته | إلا وغضتْ حياءً وجهُ منستر |
خذوا بني الشرف الوضّاح كاعبة ً | مولودة الحسن بين البدو والحضر |
لم تجل في مجلسٍ إلا بوصفكم | تبسّمتْ كابتسام الروض بالزهر |
إن يُصدِ نقص أناسٍ فكرَ مادحهم | ففضلكم صيقلُ الألباب والفكر |
لا زال بيتُ علاكم للورى حرماً | يحجه الوفدُ مأموناً من الغِير |