ماذا تريدين بالدنيا يدَ القدرِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ماذا تريدين بالدنيا يدَ القدرِ | لقد ذهبت بسمع الدهر والبصرِ |
سوَّدتِ مشرقها القاصى ومغربها | بكاسف الأبيضين الشمس والقمرِ |
وغودر الأفقُ معتلاً وأنجمه | من غائرِ ضوؤه منها ومنكدر |
وأصبح النجف الأعلى يغصُّ شجى ً | لله ما صنعت فيه يدُ الغيَر |
طويتِ خيرَ معدٍّ كلها نسباً | وأكرمَ الناس من بادِ ومحتضر |
طأطأتِ من هاشمٍ للأرض هام على ً | ما طأطأتها ظبا الهندية البتر |
أرغمتِ منها أنوفاً كلُها شممٌ | ما أرغمت بين أطراف القنا السمر |
أريتها يومَها من قبلُ حين سرت | بمشبع الطير في أعوامها الغبر |
فاسأل بها اليوم هل وارت "محمدهَا" | أم شيبة الحمد في ذاك الثرى العطر |
خطبٌ لوت عنقَ الإسلام منه يدٌ | يا شلَّها اللهُ قد ألوت على مضر |
مضى بأجمعها قلباً وأقطعها | غرباً وأمنعها للخائف الحذر |
فالآن لم يبقَ كهفٌ للمروع ولا | مأوى ً يحطُّ إليه راكبُ الخطر |
قد طوّحت جبلَ المجد المنيف عُلى ً | على الورى نكباتُ الحادث النكر |
يا من عن المجد أضحى مزمعاً سفراً | ما كان أبرحه للمجد من سفر |
أمهل فواقا فزوِّد أنفساً بقيت | موقوفة ً فيك بين البثِّ والفكر |
قل للنوائب ما من غاية ٍ بقيت | وراءَ هذا فأنّى شئتِ فابتدري |
تالله زلزلت الدنيا بقارعة ٍ | من القيامة نادت بالسما انفطرى |
هوّن عليك وإنْ داعي المنون دعا | يا أنجمَ الفضل من آفاقك انتثري |
لا تحسب الملّة الغرّاء قد بقيت | بعد الذين مضوا عنها بلا وزر |
هيهات قد حفظ الباري محجّتها | البيضاءَ بالخلف "المهديَّ" من مضر |
بقائمٍ بهدانا غير منتظرٍ | ينوب عن قائم بالأمر منتظر |
له نفائسُ علمٍ كلُّها دررٌ | والبحرُ يبرز منه أنفس الدرر |
لو أصبحت علماءُ الأرض واردة ً | منه لما رغبت عنه إلى الصدر |
مقدَّمٌ بين أهل الفضل قد عُرفتْ | له الرياسة ُ في الماضي من العصر |
يفوق في المدح عينَ القوم أثرهم | ومدحه شرعٌ في العين والأثر |
أغرُّ يبسط كفاً لا تقوم لها | بشكر ما صنعته ألسنُ البشر |
هذي سما الدين فانظر زينتُها | بأنجم العلم من أبناثها الزهر |
فروعُ دوحة مجدٍ أثمرتْ كرماً | للمعتفين وكم فرع بلا ثمر |
أبناؤهم زهرٌ آثارهم زبرٌ | آلاؤهم مطرٌ يغنى عن المطر |
كأنما خلقَ الله الورى صوراً | جميعَها وهم الأرواحُ للصور |
يا من غفرنا ذنوبَ الحادثات به | وكلها ليس لولاه بمغتفر |
بك الهدى قد تعزّى في رزَّيته | عن ذاهبٍ لم يدع صبراً لمصطبر |
فاسلم وحسبُك عنه سلوة ً بعلـ | ـيِّ القدر سيّد أهل الرأي والخطر |
و"بالحسين" أخي العلياء تلوهما | في الفضل واحد أهل الرأي والنظر |
وبالنقيِّ "على ٍّ" فرع دوحته | وكلُّهم طاب منه معقدُ الأزر |
قومٌ إذا ذكروا بحرَ العلوم سموا | إلى العُلى حيث لا مرقى لمفتخر |
ولا تزال غوادي السحب واكفة ً | تعتاده بين منهلٍّ ومنهمر |
حتى يعودَ ثراه روضة ً أنقاً | تستوقف الطرفَ في وشيٍ من الزهر |