أغائرٌ دمعك أم منجدُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أغائرٌ دمعك أم منجدُ | قد رحل الصبرُ ولا منجدُ |
يا رابط الأحشاء في راحة ٍ | قد نضجت بالجمر ما تقصد |
لا تلتمسْ قلبك في جذوة ٍ | ما بقيتْ منكَ عليها يد |
أخلت يبقى لك قلبٌ على | فاغرة الوجد ولا يفقد |
وإنَّ قلباً بين أنيابها | طاح شظاياً كيف لا يزرد |
حسبك منها زفرة ً لو غدتْ | في جلدٍ منها نزا الجلد |
كم هزَّ أضاعَك من فوقها | حتى تلاقين جوى ً مكمد |
فساقطت منك الحشا أدمعاً | حمراً على ذوب الحشا تشهد |
لو تعلم الأيامُ ماذا جنت | إذاً لودَّت أنها تنفد |
لقد أجلَّت رزء خطبٍ لها | في كل قلبٍ مأتماً يُعقد |
إذ كوّرت شمساً، بنو المصطفى | فيها ترجَّوا أفقَهم يسعدُ |
اللهَ يا دهرُ أبيناهمُ | في زهو بشرٍ للعدى تكمد؟ |
وبينما في فرط إبهاجهم | فيها لأثواب الهنا جدَّدوا؟ |
وكلُّهم قد مد عينَ الرجا | لفرقد الفخر بها يرصد؟ |
إذ يردُ الناعي إليهم بأن | جاء "ابن نعشٍ" ذلك الفرقد |
فيغتدي ذاك الهنا حنَّة ً | فرائضُ الدنيا لها ترعد |
نعشٌ أتى يُحمل فيه النهى | ميتاً عليه يندب السؤدد |
وخلفه العلياءُ في صرخة ٍ | تدعو إلى أين به يقصد؟ |
يا حاملي إنسانَ عيني قفوا | نشدتُكم بالله لا تبعدوا |
دعوه لي حسبي لتجهيزه | عينٌ عليه طرفُها أرمد |
دموعها الغسلُ وأكفانه الـ | ـبياضُ، والجفنُ له ملحد |
غدرتَ يا دهرُ ومنك الوفا | لا الغدرُ بالأمجاد مستبعد |
فاذهب ذميماً إنها غدرة ٌ | وجهك ما عشتَ بها أسود |
ما لك بالسوء لأهل الحجى | وردتَ لا طاب لك المورد |
يا ناهداً بالشرِّ من جهله | تعلمُ بالشر لمن تنهد |
وطارقاً بيتَ ندى ً يلتقى | ببابه المتهمُ والمنجد |
حسبك من بيتٍ عتيد القِرى | أن له أفق السما يحسد |
تخمد شهبُ الأفق لكن به | مواقدُ النيران لا تخمد |
سواه ما للمجد من مهبط | وما لذمٍّ نحوه مصعد |
فمقعداه للتقى والندى | وحاجباه العزُّ والسؤدد |
ألم تجده حرماً آمناً | يحجُّه الأبيضُ والأسود؟ |
فكيف تسعى فيه لا محرماً؟ | كأنما أنتَ به ملحد |
ما هو إلا بيتُ فخرٍ له | قبيلة ُ المعروف قد شيدوا |
بيتٌ أبو الندب الرضا ربه | أكرمُ مَن تحت السما يُقصد |
مولى ً درت أهلُ العُلى أنه | دون الأنام العلمُ المفرد |
وأنه لولا هداه الورى | ضلَّت فلا رشدٌ ولا مرشد |
وأنه لولا ندى كفه | لم يُرَ لا رفدٌ ولا مرفد |
تلقاه طلقَ الوجه من هيبة ٍ | يفرق منها الأسد الملبد |
محببٌ من حسن أخلاقه | حتى إلى مَن مجدُه يحسد |
ما سهدت من خائفٍ مقلة ٌ | إلا وبالأمن لها يرقد |
من ذا سواه قام يدعو الورى : | دونكم من بحر جودي ردوا |
ومدَّ كفاً بغريب الندى | آلاؤها بين الورى تحمد |
بخَّلت المزن ففي بخلها | حلائبُ المزن لها تشهد |
تبصر في راحته أبحراً | طافحة ً أمواهها العسجد |
أسرَّة تُسمى ولكنّها | بحارُ جود بالندى تزبد |
فهو لعمري حجة ٌ في الندى | وآية ٌ في الفضل لا تجحد |
قد قام لله بما بعضه | لكلّ أمجاد الورى معقد |
مكارمٌ ما لكريمٍ سوى | عبد الكريم الندب فيها يد |
ذاك أبو الكاظم غيثُ الندى | تربُ المعالي نجمها الأسعد |
أين بنو العلياءِ من مجده؟ | ومجدُه ما ناله الفرقد |
فقل لهم: لا تطلبوا نهجَ مَن | لطُرقه في المجد لن تهتدوا |
قفوا جميعاً حيثُ أنتم فما | لكم إلى عليائه مصعدُ |
هيهات أن يعلق في شأوه | إلا "الرضا" فرع العلى الأمجد |
مباركُ الطلعة في يمنها | جميعُ مَن صبَّحه يسعد |
يرى سمات الخير في ماله | بأنه خيرُ الورى تشهد |
مهذّبٌ رشحه للعُلى | زعيمها الأكبرُ والسيِّد |
فجاء فرداً في النهى كاملاً | يُثنى عليه الفضلُ والمحمد |
شمسُ عُلى ً «هادٍ» لآفاقها | بدرٌ له بدرُ السما يسجد |
وشهبُها الزهر "حسين" الندى | من طاب منه في العُلى المولد |
وفخر أرباب النهى "المصطفى " | من هو أزكى من نما محتد |
وكوكب الرشد "أمينُ" التقى | و«كاظمُ» الغيظ الفتى الأمجد |
و«باقرُ» الفضل وروحُ العلى | "عيسى " فهل فخرٌ كذا يوجد؟ |
قومٌ هم شهبُ الفخار التي | منها بكلٍ ترجم الحسَّد |
أنجمُ فضلٍ زهرتْ فاهتدى | بنورها الأقربُ والأبعد |
حتى لقد قال جميع الورى : | هذا لعمري الشرف المتلد |
يا أسرة َ المعروف لا نابكم | من بعد هذا الرزء ما يكمد |
وهذه النكبة معْ أنها | فيها ثوابُ الصبر لا ينفد |
لا يحمد الصبر على مثلها | لكنَّه من مثلكم يُحمد |
وإنَّ من عنكم طواه الردى | في جنَّة الخلد له مقعد |
قرَّ بها الطرفُ وطرف العلى | شوقاً إلى مرآه لا يرقد |
ودمعُ عين المجد مذ أرخوا | المهدي فيها غاب لا يجمد |
فعيشه في ظلِّ فردوسها | تالله أرخ لهَوَ الأرغد |