إليكَ وقد كلَّتْ علينا العزائمُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
إليكَ وقد كلَّتْ علينا العزائمُ | سرتْ بتحيات المشوقِ النسائمُ |
تحاكمنَ في دعوى التفوُّق بالشذا | إليك وكلٌ طيباتٌ نواعم |
ولا مدّعِ عنّي سوى خالص الهوى | ولا شاهدٌ إلا العلى والمكارم |
وأغلبُ ظني أن خلقكَ للتي | حكتْ طيبه وهي التحيات حاكم |
أما وأيادٍ أوجب المجدُ شُكرَها | بها لم تنبْ عن راحتيكَ الغمائم |
لأنتَ الذي منه تردُّ أمورنا | إلى عالمِ ما فوقه اليوم عالم |
إلى قائمٍ بالحق داعٍ إلى الهدى | له الله عما يكره الله عاصم |
إلى خير أهل الأرض بِراً ونائلاً | وأكرم مَن تثني عليه الأكارم |
منارُ هدى ً لولاه لاغتدت الورى | بمجهل غيٍّ ضمّها وهو قاتم |
وسيف هدى ً يمحو الضلالة حدُّه | ويثبت منه في يد الدين قائم |
وعار من الآثام عفَّ ضميره | وكأسٌ من التقوى من الذكر طاعم |
وجدناه ما يأتي الزمان بمثله | وهل تلد الأيامُ وهي عقائم |
فتى ً أظهر الله العظيم جلاله | وليس لما قد أظهر الله هادم |
وشادَ برغم الحاسدين علاءه | وليس لما قد شاده الله هادم |
وذو هيبة ٍ لو أُشعر الليثُ خوفها | |
وأردفها أخرى فكانت عظيمة ً | تهون لديها في الزمان العظائم |
فصابرتها في الله وهي عظيمة ٌ | أقيمت لها فوق السماء المآتم |
وحزتَ ثواباً لو يقسَّم في الورى | لحطتْ به في الحشر منها الجرائم |
فأنت لعمري أصلبُ الناس كلها | قناة َ عُلى لم تستلنها العواجم |
وأوسع أهل الأرض حلماً متى تضقْ | لدى الخطب من أهل الحلوم الحيازم |
عنت لك أهلُ الكبرياء وقبّلتْ | ثرى نعلك الحساد والأنف راغمُ |
نرى علماء الدين حتفاً تتابعوا | وحسب الهدى عنهم بأنك سالم |
فأنت بهذا العصر للخير فاتحٌ | وأنت به للعلم والحلم خاتم |
وأنت لعمري البحرُ جوداً ونائلاً | وأنملك العشرُ الغيوث السواجم |
فيا منفقاً بالصالحات زمانه | فداً لك من تفنى سنيه المآثم |
بقيتَ بقاءً لا يحدُّ بغاية ٍ | وأنت على حفظ الشريعة قائم |
ولو قلتُ عمر الدهر عمَّرتَ خلتَني | أسأتُ مقالي ذلك الدهر خادم |
تنبّه لي طرفُ التفاتك ناظراً | إليَّ وطرف الدهر عنّي نائم |
فأدعو لنفسي إن أقل دم لأنني | تدوم لي النعما بأنك دائم |
فما أنا لولا روض خلقِك رائدٌ | ولا أنا لولا برقُ بشرِك شائم |
من القول لم يلفظه بالفكر ناظم | |
فرائدُ من لفظٍ عجبتُ بأنني | أبا عذرها ادعى وهن يتائم |
ومدره قولٍ يغتدي ولسانه | لوجه الخصوم اللد بالخزى واسم |
ينال بأطراف اليراع بنانه | من الخصم ما ليست تنال اللهاذم |
فأقلامه حقاً قنا الخط لا القنا | وآراؤه لا المرهفات الصوارم |
حمى الله فيه حوزة الدين واغتدت | تصانُ لأهل الحق فيه المحارم |
فيا منسياً بالجود معناً وحاتماً | ألا إن معنى ً من معانيك حاتم |
محياكَ صاحٍ يمطر البشرَ دائماً | وكفَّك بالجدوى لراجيك غائم |
وتخفض جنحاً قد سما بك فارتقى | إلى حيث لا بالنسر تسموا القوادم |
تدارك فيه الله أحكامَ ملة ٍ | قد أندرست لولاكَ منها المعالم |
ألا إن عينَ الدين أنت ضياؤها | وأنت لها من عاثر الشرك عاصم |
شهدتُ لأهل الفضل أنك خيرُهم | شهادة َ مَن لم تتبعه اللوائم |
وأنك ظلُ الله والحجة التي | تدين لها أعرابها والأعاجم |
وعندك جودٌ يشهد الغيثُ أنه | هو الغيث لا ماجدنَ فيه الغمائمُ |
يطبُّ به الأعداء والداء معضلٌ | وترقى به الأيام وهي أراقم |
سبقتَ لتفريج العظائم في الورى | فحزتَ ثناها واقتفتك الأعاظم |
وصادمت الجُلى حشاك فلم يكن | ليأخذَ منها خطبُها المتفاقم |
فلو لم يكن من رقة ٍ قلتُ مقسماً | لقد قرع الصلدَ الملُّم المصادم |
وبالأمس لما أحدث الدهرُ نكبة ً | إلى الآن منها مدمعُ الفضل ساجم |
تلقيتَها بالحلم لا الصدرُ ضائقٌ | وإن كبرتْ فيه ولا القلب واجم |