يا نعش ما يصنع الفصيحُ؟
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
يا نعش ما يصنع الفصيحُ؟ | لم أدرِ ماذا به يبوح |
وأيُّ معنى ً إليه يغدو | في وصف معناكِ أو يروح؟ |
هل فلكٌ أنتِ من علاه | إليه طرف السهى طموح؟ |
وقد جرت زهرة ُ المعالي | فيه لغربٍ هو الضريح |
أو أنتِ نعش به مسجّى ً | جسمٌ لجسم العفاف روح |
مناسب الفخر شيعته | والحسبُ الخالص الصريح |
سرى على الأرض حاملوه | وهو بأفق السما يلوح |
وخلفه والهٌ ثكولٌ | امُّ العلى دمعها سفوح |
تطارح الورقَ وهي تدعو | علىم ورقُ الحمى تنوح؟ |
ما هي والوجد تدّعيه؟ | قلبي لا قلبها الجريح |
تضمُّ أضلاعُها حشاها | ولي حشاً ضمَّها الضريح |
في طلحِها إلفُها، وإلفى | عن وطني شخصها طليح |
أصمَّ فيها النعيُّ سمعي | مذ جاء من فارسٍ يصيح |
تلك المفداة ُ ساورتها | شكيَّة ٌ ما لها نزوح |
فلم تمرض بذات قربى | لها بشكوى الضنى تبوح |
حتى قضت، حيث ما عليها | في غربة البين من ينوحُ |
نعم بكت بقعة ٌ تصلّي | فيها وشهبُ السما جنوح |
وانتحب «الكاتبان» إذ قد | فاتهما وردُها الصحيح |
فليغتد اليوم كلُّ خدرٍ | أعمادٌ أسجافه تطيح |
فربَّة ُ الاحتجاب أضحت | حجابُها اللحد والضريح |
قد غاض ماءُ الحياء يندى | به ثرى ً نشرُه يفوح |
توسدت والعفاف فيه | يضمُّه حبيبُها النصيح |
شلَّت أكفُّ الزمان ماذا | من حرم المجد يستبيح |
إليه دبَّ الضِراء لمّا | أبدى بأن جاء يستميح |
واغتال محجوبة بخدرٍ | يحوطها السؤددُ الصريح |
والعزُّ عنه يذلُّ ما لا | يذبّه الفارس المشيح |
ومن أبى المصطفى حماه | في منعة ما لها مبيح |
ذاك الذي راحتاه كلٌّ | على الورى ديمة ٌ دلوح |
بالطبع مستحلبٌ نداه | إن حلب الغاديات ريح |
كأنَّ منها البنانَ ضئرٌ | يرتضع الدهرُ ما تميح |
مستعذَبٌ جودُه المرّجى | مباركٌ وجهه الصبيح |
تقرأ في الوجه منه هذا | خاتم أهل الندى المنوح |
لا يشتري الحمدَ بالعطايا | إذ كان من حقه المديح |
لكنه مذ نشا إلى أن | من شيبه استكمل الوضوح |
يتاجر اللهَ كلَ يومٍ | بما حوتْ كفُّه السموح |
حتى لقال الورى جميعاً | هذا هو المتجرُ الربيح |
كم ريض للناس فيه أمرٌ | صعبٌ على غيره جموحُ |
ينشق طيبُ الفخار محضاً | من عطف عليائه يفوح |
أغرُّ يلقى الوفودَ طلقاً | والعامُ في وجهه كلوح |
إن ناضل الخصمَ ردَّ فاه | مع أنه الناطقُ الفصيح |
لسانه ميّتٌ مسجّى ً | والفم منه له ضريح |
ما هو إلا خضمُّ علمٍ | منه ذوو العلم تستميح |
بل هو عنوانُ كل فضلٍ | وهم جميعاً له شروح |
ونيّرٌ في سماء مجدٍ | بنوه شهبٌ به تلوح |
يا من غدا ربعهم وفيه | أمُّ الردى منتجٌ لقوح |
ومن صفات الوقار تمتت | فيهم ومنها الحجى الرجيح |
تلك التي عنكم استقلَّت | عيسُ المنايا بها تسيح |
طوبى لها جاورت ضريحاً | عن جاره ربُّه صفوح |
واضطجعت في حمى ضجيعٍ | حميّه «آدمٌ» و«نوح» |