أحق بالعزِّ من لا يرهب الخطرا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أحق بالعزِّ من لا يرهب الخطرا | ولا يعاقد إلا البيضَ والسمرا |
والسيفُ أجدر أن يستلَّه لوغى ً | مَن ليس يغمدُه أو يدرك الظفرا |
وأبيضُ العرض من في كفه صدرتْ | بيضُ القواضب من ورد الدما حمرا |
لم تقض من وصله بكرُ العلى وطراً | حتى من الهام يقضى سيفُه وطرا |
وحوزة الملك أولى في حياطتها | مَن بات في حفظها يستعذُب السهرا |
وذي الرعيَّة أحرى في سياستها | مَن بالتجارب غورَ الدهر قد سبرا |
وليس يملكُ يوماً رقَّ مملكة ٍ | مَن ليس يملأُ منها السمعَ والبصرا |
ولا تُراض أقاليمُ البلاد بمن | لم تسقِ من خُلقَية الصفر والكدرا |
والحلُ والعقد لم يورد صوابهما | إلا الذي ثقة عن رأيه صدرا |
ولا تناط أمور الملك أجمعها | إلا بمن قارع الأيام مقتدرا |
أما نظرتَ لسلطان البرية من | على الرعية ظلَّ العدل قد نشرا |
مَن ودّت الشهبُ لوقى ربعه هبطتْ | فقبلته وشمّتْ تربه العطرا |
كيف اغتدى مودعاً أسرارَ حضرته | صدراً أحاط بأسرار النهى خبرا |
وكيف أنزله منه بمنزلة ٍ | لو ينزل البدرُ فيها تاه وافتخرا |
لم يبلِ أخبارَه إلا رأى ثقة ً | للملك صدَّق منه المخبرَ الخبرا |
فقال خذْ منصباً امُّ العلى نصبتْ | أسرة ً لكَ فيه الأنجم الزهرا |
هذي الوزارة ُ فحللْ في ذوائبها | فالحزم للشمس أن تستوزرَ القمرا |
فقال في رأيه والسيف يُجمعُ من | أطراف مملكة الإسلام ما انتشرا |
مؤيداً بجنودٍ من مهابته | قد انتضى معه آراءه زبرا |
وبات والدولة الغراء يكلؤها | بعين مستيقظٍ لا يركبُ الغررا |
إن يجرِ في حلبات الرأي مبتدراً | خلَّت له الوزراءُ الوردَ والصدرا |
رأته أوسعها صدراً وأجمعها | فكراً وأصدقها إن شوورت نظرا |
فسلَّمتْ لعلاه الأمرَ مذعنة ً | لما يقولُ نهى إن شاء أو أمرا |
فهل تضيقُ بخطبٍ جاء من بشرٍ | ذرعاً وإن جلَّ ذاك الخطب أو كبرا |
وصدرُها الأعظم السامي الذي تسعُ | الدنيا بهمته أعظم به بشرا |
ذو عزمة ٍ مثلَ صدر السيف باترة ٍ | لو لاقت الدهرَ قرناً عمرهُ انبترا |
رعى المحبّين فيها البدوَ والحضرا | وروَّع المبغضين الرومَ والخزرا |
قد قلَّد الملكَ منه سيف ملحمة ٍ | لو يقرعُ الصخرَ يوماً بالدم انفجرا |
إذا الجباهُ بذل العجز قد وُسِمت | في جبهة الموت أبقى حدَّه أثرا |
يستصغرُ الحربَ حتى ما يباشرها | بنفسه ولها إن باشرَ السفرا |
لجاءَ والهمة العلياءُ فيه أتتْ | كالسيل من قلل الأجبال منحدرا |
في جحفل إن سرى ضاقت بأوله | الدنيا وآخره لم يدرِ أين سرى |
وخاض بحرَ الوغى بالحزم محتزماً | بالنقع ملتئماً بالصبر متزرا |
حتى تضج ملوكُ الأرض قائلة ً | كذا بنى الملك فلينصره من نصرا |
هيهات هذي فعالٌ لا يقوم لها | من قد قضى منهمُ قدما ومن غبرا |
لو مدَّ قيصرُ باعاً نحوها قصرا | أورامها قبلُ كسرى الفرس لانكسرا |
فعالُ منتصرٍ لله قام بها | في الله منتهياً لله مؤتمرا |
إن ينتقم فحقوق الله يأخذها | وليس يلغي حقوقَ الله إنْ غفرا |
حلوُ السجايا رقيقُ طبعه عذبٌ | له خلائقُ ينفي صفوُها الكدرا |
خلائقٌ كالحميّا لو ترشَّفها | من كان يبغضه في حبَّه سكرا |
آنستِ يا وحشة الدنيا بذي كرم | أحيا بجدواه ميتَ الجود فانتشرا |
ليس السحائبُ تحكيه وقد علمتْ | من كفه ماؤها قد كان معتصرا |
ولا البحارُ تضاهيه وقد طمحتْ | أمواجها فهي بخلاً تحرزُ الدررا |
لم يجر حاتمُ طيِ أو أبو دلفٍ | إلا وعن شأوه بالجود قد حسرا |
وإنَ معنا على ما فيه من كرمٍ | لو كان عاصَره في الجود ما ذكرا |
يا من نرى الناسَ أنّى غابَ غائبة ً | جميعها وحضوراً أينما حضرا |
أمجلسا لك هذي الأرض قد جُمعت | أم أنتَ قد ضمنتْ أبرادُك البشرا |
إنّ الصدارة لم يصلحْ سواك لها | كأنها أبداً عينٌ وأنتَ كرى |
لا زال سعدُك بالإقبال مقترنا | يستخدم المبهجين النصرَ والظفرا |