على كل واد دمع عينيك ينطف
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
على كل واد دمع عينيك ينطف | وما كلُّ وادٍ جُزتَ فيه المُعرَّفُ |
أظنك أنكرت الديار فمل معي | لعلك دارَ العامريّة تعرف |
نشدتُك هل أبقيت للدمع موضعاً | من الأرض تهمي الغيث فيه وتنطف |
فهذا ولم تذرف دموعاً وإنّما | دم القلب من أجفان عينيك يذرف |
فلا تكُ ممّن ينبذ الصبرَ بالعرى | إذا غدت الورقاء في الأيك تهتف |
فما ذاك من شجو فيشجيك نوحها | وهل يستوي يوماً صحيحٌ ومُدنَف |
ألم ترها لم تذر دمعة ثاكل | ولم ينصدع شملٌ لها متألّف |
وقد لبست في جيدها طوقَ زينة ٍ | وجيدك فيه طوق حزن معطف |
إذا ماشدت فوق الأراك ترنماً | فأنك تنعى والجوائج ترجف |
أُعيذك أن يهفو بحلمك منزلٌ | تعفى وفيه للأوابد مألف |
فلا تبك في أطلاله بتلهف | فليس يرد الذاهبين التلهف |
ولو عاد يوماً بالتأسف ذاهب | عذرتك لكن ليس يجدي التأسف |
وإن جزوعاً شأنُه النوحُ والبكا | لغير بَني الزهرا مُلامٌ مُعنّف |
بنفسي وآبائي نفوساً أبيّة ً | يجرعها كأس المنية مترف |
تُطلّ بأسياف الضلال دماؤهم | وتُلغى وصايا الله فيهم وتُحذف |
وهم خير من تحت السماء بأسرهم | وأكرمُ مَن فوق السماء وأشرفُ |
وهم يكشفون الخطب لا السيف في الوغى | بأمضى شباً منهم، ولا هو أرهف |
إذا هتف الداعي بهم يومَ من دمِ الـ | ـفوارس أفواه الضبا تترشف |
أجابوا ببيض طائعاً يقف القضا | إلى حيث شاءت مايزال يصرف |
ومن تحتها الآجالُ تسري وفوقَها | لواء من النصر العزيز يرفرف |
لهم سطوات تملأ الدهر دهشة | وتنبث منها الشمُّ والأرض ترجف |
عَجِبتُ لقوم مِلءُ أدراعهم رَدى ً | ومِلء ردائيهم تُقى ً وتعفّف |
يغولهم غُولٌ المنايا وتغتدي | بأطلالهم ريحُ الحوادثِ تَعصِفُ |
كرامٌ قضوا بين الأسنّة والضُبا | كراماً ويوم الحرب بالنقع مسدف |
هداة أجابوا داعي الله فاتهى | بهم لقصور من ذرى الشهب أشرف |
فما خلت في صرف القضا يصرع القضا | وأنَّ جبالَ الحتف بالحتف نُنسف |
بنفسي رؤوساً من لوي أنوفها | عن الضيم مُذ كان الزمان لتأنفُ |
أبت أن تشم الضيم حتى تقطعت | بيومٍ به سمر القنا تتقصّف |
وما ناءت الأطوادُ في جبروتها | فكيف غدا فيها ينوءُ مثقّف |
فيا ناعياً روح الخلائق فاتشد | لقد أوشكت روح الخلائقِ تَتلف |
وأيقن كل منهم قام حشرة | كأنك تنعى كل حي وتهتف |
ويا رائد المعروف جُذّت أُصولُه | وياطالب الأحسان لا متعطف |
ويأساً بني الآمال أن ليس مفضل | عليهم وقلبٌ بالأسى ليس يُتلف |
فيا ظلة السارين إن غاب نجمهم | لقد خبطوا في قفرة ٍ وتعسّفوا |
ويالصباح الدين يوم تكورت | شموس الهدى من أفقه فهو مسدف |
ويالبني عدنان يوم زعيمها | غدت من دماه الشرفية تنطف |
لتلقى الجياد السابقات عنانها | فليس لها بعد الحسين مصرف |
وتبك السيوفُ المشرفياتُ أغلباً | لها بنفوس الشوس في الروع يتحف |
فيصدرها ريانة من دمائهم | ويوردها ضمآنة تتلهّف |
وتنعى الرماحُ السمهريّات قسوراً | لها بصدور الدارعين يقصّف |
فلله من خطب له كل مهجة | يحق من الوجد المبرح تتلف |
وأقسم ماسن الشلال سوى الألى | على أمة المختار بغياً تخلفوا |
فيومٌ غدوا بغياً على دارِ فاطمٍ | أتت جندهم بالغاضرية تزحف |
وقتل ابنِها من يوم رُضت ضلوعها | ومن هتكها هتك الفواطِم يُعرف |
ومن يوم قادوا حيدر الطهر قد غدوا | بهنَّ أُسارى شأنهنَّ التلهّف |
فمن مخبر المختار أن بقية | الأله الفتى السجاد بالقيد يرسف |
ومن مبلغ الزهراء أن بناتها | عليها الرزايا والصائبُ عكَّف |
تطوف بها الأعداء في كل بلدة | فمن بلد أضحت لآخر تقذف |
غذا رأت الأطفال شعثاً وجوهها | وألوانها من دهشة الرزء تخطف |
تَعالَى الأسى واستعبرت ومن العِدى | حذاراً دُموع المقلتين تكفكف |
بنفسي النساء الفاطميات أصبحت | من الأسر يسترثفن من ليس يرأف |
ومُذ أبرزوها جهرة ً من خدورها | عشية لاحام يذود ويكنف |
توارت بخدرٍ من جلالة قدرها | بهيبة أنوار الأله يسجف |
لقد قطّع الأكبادَ حزاً مصابُها | وقد غادر الأحشاءَ تهفو وترجف |
إليكم بني الزهراء زهر بدايع | تطرز في حسن الرجاء وتفوف |
وإنّي فيها أرتجي يوم محشري | بقربي منكم سادتي أتشرف |
عليكم صلاة الله ماحن طائر | بوكرٍ وما دامت مِنى ً والمخيّف |