أَدارَ الكأْسَ صافية َ المُدامِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَدارَ الكأْسَ صافية َ المُدامِ | كحيلُ الطَّرفِ ممشوقُ القوام |
وَقَد ركَضَتْ بأَقداح الحميّا | خيولُ الصُّبح في جنحِ الظلام |
وأبصر غادة ً من آل سام | على الباقين من أولاد حام |
وما عُجْنا لأطلال رِمامِ | كما نثر الجمان من النظام |
ونحنُ بروضة تندى فتبدي | لنا شكران آثار الغمام |
وقد أملتْ حمائمها علينا | من الأوراق آياتِ الغرام |
أقمنا بينَ أفناءِ الأغاني | وما اخترنا المقام بلا مقام |
تلذُّ القيان بها سماعاً | إذا اتَّصلتْ بمنقطع الكلام |
وما رقَصَتْ غصونُ البان إلاَّ | لما سمعته من لحن الحمام |
فمن طربٍ إلى طربٍ توالى | ومن جامٍ سعى في إثر جام |
رَضَعْنا من أفاويق الحميّا | وقلنا لا منعنا بالفطام |
نَفُضُّ خِتَامَها مِسْكاً ذكيَّاً | وكانَ الدَنُّ مسكيَّ الختام |
تحلُّ بها المسرَّة ُ حيث حَلَّتْ | بعيدَ الخطو جوّابَ الموامي |
عَصَيْنا مَن نَهى عنها عتوّاً | وفزنا بالمعاصي والأثام |
وحرَّمنا الحلالَ على الندامى | وما يغني الحلال عن الحرام |
وكم يومٍ تَركنا الزِّقَّ فيه | جريحاً من يد الندمان دامي |
وليلٍ يجمعُ الأحبابَ شملاً | بمن نَهوى شديد الالتحام |
وباتتْ تسعف الّلذات فيه | ببنت الكرم أبناءُ الكرام |
فمِنْ وَجهٍ تَقَرُّ به عُيوني | ومِن رَشفٍ أَبُلُّ به أُوامي |
فيبعثُ بالسرور إلى فؤادي | ويهدي بالشفاء إلى سقامي |
وقد طاب الزمان فلا رقيب | يكدر صفو عيشي بالملام |
وما أهنا شموسَ الراح تترى | وقد أَخَذَتْ عن البدر التمام |
وغايتة ٍ تجود إذا استميحت | بطيب الوصل بعد الانصرام |
فما غَدَرَتْ لمشتاق بعهدٍ | ولا خَفَرَتْ لصبِّ بالذمام |
تركتُ العاذلين بها ورائي | وقدَّمتُ السرور بها أمامي |
تعير بوجهها الأقمار معنى ً | إذا وافتك بارزة اللثام |
كأني قَد أَخَذْتُ على الليالي | عهود الأمن من ريب الحمام |
ومن أضحى إلى سلمان يعزى | وخدمته فمحمول السلام |
أصبتُ بنيله أملاً بعيداً | وما طاشت بمرماها سهامي |
كأنّي أَستزيد ندى يديه | بشكراني لأيديه الجسام |
وكم نعمٍ له عندي وأبدٍ | رغمتُ بهنّ آنافَ اللئام |
وصالَحْتُ الخطوبَ على مرادي | وكنتُ عهدتها لدَّ الخصام |
وما کنْفَصَلَتْ عُرى أملٍ وثيقٍ | وفيه تَمسُّكي وبه کعتصامي |
مكان تمسّكي بالعهد منه | مكان الكف من ظبة الحسام |
وسيّال اليدين من العطايا | تسيل من العطاء لكل ظامي |
إذا ما فاتني التقبيل منها | فليس يفوتني نوءُ الغمام |
تمام جماله خُلُقٌ رضيٌ | وحسبكَ منه بالبدر التمام |
وتلك خلائقٌ خلصتْ فكانت | نُضاراً لا تُدَنَّسُ بالرغام |
فتى ً في الناجبين لقد أراني | وقارَ الشَّيخ في سِنِّ الغلام |
ركبتُ إليه من أملي جواداً | |
فأبرقَ واستهلَّ ورحت أروي | سجام القطر عن قطر سجام |
كما نزلتْ على أرضٍ سماءٌ | تسيل على الأباطح والأكام |
فأمسى كلَّ آونة ٍ قريضي | يُغَرِّدُ منه تغريد الحمام |
أرى مدحي لآل البيت فرضاً | كمفترضِ الصلاة أو الصيام |
أَئِمة ملَّة الإسلام كلٌّ | يقالُ له الإمام ابن الإمام |
وما شرفُ الأنام بغير قومٍ | همُ مذ كوّنوا شرفُ الأنام |
أفاضُوا بالعطاء لمجتديهم | وللأعداء بالموت الزؤام |
وكلٌّ منهمُ ليثٌ هصورٌ | وبحرٌ من بحور الجود طامي |
بنفسي سيّداً في كلّ حالٍ | يرى فيها احتشامي واحترامي |
ظفرتُ به حساماً ليس ينبو | نُبُوَّ مضارب السيف الكهام |
وقد يدعى الكريمُ إلى نوالٍ | كما يدعى الشجاع إلى صدام |
وعندي في صنائعه قوافٍ | يضيق بهنّ صدرُ الاكتتام |
وشعري في صفاتِ بني عليّ | رفعتُ به إلى أعلى مقام |
سأُطْرِبُ في مديحك كلَّ واعٍ | ولا طربَ الشجيِّ المستهام |
وأشكرُ منك فضلك ثم أدعو | لوجهك بالبقاء وبالدوام |