كُفّ الملامَ فما يُفيدُ ملامي
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
كُفّ الملامَ فما يُفيدُ ملامي | الداءُ دائى والسقام سقامي |
جسدٌ تعوَّدهَ الضنى وحشاشة | مُلِئَت بلاعج صبوة وغرام |
حتى إذا حار الطبيب بعلَّتي | وقف القياس بها على الإيهام |
لم يدر ما مرض الفؤاد وما الذي | أخفيته عنه من الآلام |
قد أنحلتْ جسمي بتذكار الغضا | نارُ الغضا وتشبَّثتْ بعظامي |
من لي بأيام الغوير وحبّذا | أيام ذاك الربع من أيّام |
أيام لم أقطع بها صلة الهوى | فكأنما هو من ذوي الأرحام |
في روضة رضعت أفاويق الحيا | وهمى عليها المستهلّ الهامي |
غنّاء إنْ غنَّتْ حمائم دوحها | رَقَصَتْ لها الأغصان بالأكمام |
أصغي إلى نَغَم القيان وأرتوي | منْ ريق ممتزج بريق الجام |
وإذا أُخَذْتُ الكأس قلت لصاحبي | العيش في دنياك كأس مدام |
أيّام كنتُ أمنتُ طارقة النوى | وظنِنْتُ أنّ الدهر من خدامي |
مرَّتْ كما مرَّ الخيال من الكرى | ما أشبهَ الأيام بالأحلام |
لله أَرْبعنا التي في رامة | كانت أجلّ مطالبي ومرامي |
يا مسرح الآرام من وادي الحمى | هل عودة يا مسرح الآرام |
لي فيك مُنيَة عاشق ذي صبوة | معلومة وتهتّكٍ وهيام |
لما رأَتْ نُوق التَرَحُّلِ قد دَنَتْ | ورأت على صرف النوى أقدامي |
نثرت عليَّ من المدامع لؤلؤاً | أبهى وأبهجَ من بديع نظامي |
إنْ لامني فيك العذول جهالة | فالصبّ في شغلٍ عن اللّوّام |
كم ليلة ٍ قد بتُّ بعدكَ في جوى ً | أرعى نجوم الليل رعي سوام |
أرجو الصباح ولا صباح كأنه | كرمٌ يرجّى من أكفِّ لئام |
ما كان أطيبَ من مواصلة الكرى | لو يسمحُ النائي بطيف منام |
هَطَلَتْ لأرْبُعك الدوارس عبرتي | فكأنها يا ميُّ صَوْبَ غمام |
وبَلَلْتُ من تلك الرسوم أُوامها | هذا وما بلَّ البكاء أوامي |
تلك المواقف لم يكنْ تذكارها | في القلب يا ظمياءُ غيرَ ضرام |
وأكادُ أَقطعُ حَسرة ً وتلهُّفاً | منّي على أيّامها إبهامي |
بالله يا نسماتِ نجدٍ بلّغي | دارَ السلام تحيّتي وسلامي |
وأخلّة ً حلفَ الزمانُ بأنَّهم | وَجْهُ الزّمان وغُرَّة الأيام |
أقسمتُ إنَّ القلب لا يسلوهم | وبرزتُ بالأيمان والأقسام |
قومُ رميتُ بسهمٍ بين منهم | فأصابَ هذا القلبَ ذاك الرامي |
هل ترجعنَّ الدارُ ثمَّة بعدهم | والربعُ ربعي والخيام خيامي |
وأرى سناءَ أبي الثناء كأنَّه | صبحٌ تبلَّجَ من خلال ظلام |
قَرمٌ له في الفضل أوفرُ قسمة | والفضل كالأرزاق في الأقسام |
فَخَرَتْ شريعَتُنا بمفْخَرِ سيّدٍ | فخر الشرائع فيه والأحكام |
إنَّ الذي آوى إليه من الورى | آوى إلى علم من الأعلام |
جبلٌ أظلّ على الأنام ولم يكنْ | قُلَلُ الجبالِ الشُّمِّ كالآكام |
وله وإنْ رغمتْ أنوفٌ شمخٌ | مجدٌ إذا عدَّ الأماجد سامي |
من قاسه بسواه من أقرانه | قاسَ النُّضار لجهله برغام |
إنْ أبصرتْ عيناك حين يجادل الخصمَ | الخصمَ الألدَّ وحان حينُ خصام |
فهناك تُبْصِرُ هيبة ً نبوّية ً | تصنع الرؤوس مواضع الأقدام |
ببلاغة ٍ مقرونة ٍ بفصاحة ٍ | ترمي فصيح القوم بالإعجام |
تَقِفُ العقول حواسراً من دُونها | ما بين إقدامٍ إلى إجحام |
من كلّ مشكلة يحيّر فهمها | دقَّت على الأفكار والأفهام |
عذراء ما كشفت لغير جنابه | من قبل عن مُرط لها ولثام |
ولقد رأيتُ لسانه مع أَنَّه | كالشهد أمضى من شفير حسام |
ولقد رأيت جنانه كلسانه | وكلاهما إذ ذاك كالصمصام |
حُجَجٌ يروع بهنّ من أفكاره | بَرَزَتْ بروز الأسْدِ من آجام |
حازَ النّهاية في الفضائل كلّها | حتى من الإحسان والإكرام |
لو لامس الصخرَ الأصمَّ تفجَّرت | من كفّه بسوابغ الإنعام |
ردْ ذلك البحر الخضمَّ فإنّه | وأبيك بحرٌ بالمكارم طامي |
سلْ ما تشاء تنلْ مرامك كلَّه | عن كشف إبهام ونيل حطام |
وکبشِرْ بمترعة الغدير بمائها | إنْ شِمْتَ بارق ثغره البسّام |
أقلامه افتخرتْ على سمر القنا | فرأيت كلّ الفخر للأقلام |
خطٌّ يَسُرُّ الناظرين ولم يزلْ | في العين أحسن من عذار غلام |
وكأنّما نظم النجوم قلائداً | في الكتب مشرقة مدى الأيام |
فيها لمن طلب الحقيقة موردٌ | يشفي الصدور بها ويروي الظامي |
ما أظْهَرَ الباري حقيقة َ فضله | إلاّ ليظهر قوَّة َ الإسلام |
الله أكبر أنت أكبر آية ٍ | ظهرتْ بأكبر آية لأنام |
أرضتَ أقوام الهدى وبعثتَ في | ذاك الرضى غيظاً إلى أقوام |
بمباحثٍ للحق في ميدانها | إحجامُ كلّ سميدع مقدام |
ولكم عددتُ لك الجميل ولذَّ لي | خطّي غداة عَدَدْتها وكلامي |
أنّى أعدُّ وإن رقمت محاسناً | كنهاية الأعداد والأرقام |
لكن رأيت لك المديحَ مثوبة ً | فمحوتُ في إثباتها آثامي |
لك في قلوب المؤمنين محبَّة ٌ | مزجتْ مع الأرواح في الأجسام |
شكراً لأنْعُمك السَّوالف إنَّها | رفعتْ برغم الحاسدين مقامي |
إنّي عَقَدْتُ بذيل فضلك ذِمَّة ً | إنْ حلَّت الأيام عقدَ ذمامي |
إنْ تسألنْ عنّي فإنّي لم أزل | بمشقَّة الإنجاد والإتْهام |
أصبحتُ كالجمل الذَّلول تقودني | هذي النوى قسراً بغير زمام |