أسرَّكَ من بادٍ لعَينَيْك حاضرِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أسرَّكَ من بادٍ لعَينَيْك حاضرِ | طروقُ خيال من أميمة زائر |
سرى ليبلّ المستهام غليله | ويشهدُ ما بين الحشا والضمائر |
وإنْ كان لم يغن الخيال ولم يكنْ | ليشفي جوى ً في الحبّ من وصل هاجر |
سلا من سلا قبلي وما كنت سالياً | وعيشك ما مرَّ السُّلوُّ بخاطري |
وهيهات أنْ أسلو عن المجد بالهوى | وأصبو إلى غير العلى والمفاخر |
وأقتحم الأمر المهول وما العلى | بغير العوالي والسيوف البواتر |
ألا ثكلت أمُّ الجبان وليدها | ولا قررت منه بعين وناظر |
إذا كشفت عن ساقها الحرب في الوغى | ودارت على أبطالها بالدوائر |
فنلْ ما تمنّى عند مشتجر القنا | فَنَيْلُ الأماني بالقنا المتشاجر |
وخاطرْ بنفسٍ لا أبا لك حرة ٍ | فما يبلغ الآمال غيرُ المخاطر |
كما بلغا في المجد أبناءُ راشدٍ | مكان الدراري والنجوم الزواهر |
فمن يطلبُ العلياء فليطلينِّها | برأفة ِ منصورٍ وسطوة ناصرٍ |
هما ما هما ما في الرجال سواهما | إذا عدَّتِ الأشراف بين العشائر |
رجالُ المنايا إذ يشبُّ ضرامها | بداهية ٍ دهياء ترمي بثائر |
وهم موردوها والسُّيوف مناهل | مواردَ حتف ما لها من مصادر |
وإنَّ بني السعدون بالجودُ والنّدى | لأشبهُ شيءٍ بالبحور الزواخر |
فما وَلَدَت أمُّ المعالي لهم أخاً | وقد خاب من يرجو نتاج العواقر |
أرى الناس إلاّ آل سعيدون أُمة ً | تعدُّ من الأحياء موتى المقابر |
أباحوا نداهم للعفاة وحرَّموا | على جارهم للدهر سطوة جائر |
لقد أُشْرِبَتْ حُب المعالي صدورهم | هنّياً مرّياً غير داءٍ مخامر |
وإنّي متى عرَّضت يوماً بمدحهم | وأوردتُ ما أوردته من خواطري |
إذا قلت قولاً كنتُ أصدق قائل | وإنْ قلتُ شعراً كنتُ أشعر شاعر |
ولو علم السلطان إقدامَ ناصر | لما استنصر السلطان إلاّ بناصر |
همام أباد المفسدين ودمَّرتْ | صوارمه من كلّ باغ وفاجر |
وقلَّم أظفار الخطوب فلم تَصُلْ | بأنياب أحداث ولا بأظافر |
فليس ببدعٍ أن تراه لدى الوغى | بأشجع من ليث بخفّان خادر |
يسافر عنه الصّيت شرقاً ومغرباً | مقيمٌ على الإحسان غير مسافر |
يحدّثُ راويه عن البأس والندى | ويأتيك من أخباره بالنوادر |
وما نام عن قوم تكفَّل حفظها يمانياً | كساه نجيعاً من نجع الخناجر |
وإنْ كَتَبتْ أيديه في الجود حُرِّرَتْ | بياض العطايا من سواد المحابر |
نظمتَ أمور الناس علماً وحكمة | فمن ناظم فيك الثناء وناثر |
ودَّبرْتَ إكسير الرياسة والعلى | بما لا يفي يوماً به علم جابر |
وقُمتَ مقاماً يخطبُ الناس منذراً | ويعلنُ من إرشاده بالبشائر |
لؤئنْ خطبتْ أسيافك البيض خطبة ً | فهامُ الأعادي عندها كالمنابر |
ويا رُبَّ قوم طاولتك فقصَّرَتْ | وما كان منك الباع عنهم بقاصر |
وجاءتك بالمكر الذي شَقِيَتْ به | فما رَجَعَتْ إلاّ بصفقة خاسر |
وأرغمت آناف الطغاة فأصْبَحَت | تصعِّر مما أبْصَرتْ خدّ صاغر |
ثَبَتَّ ثباتَ الراسيات لحربهم | وحَلَّقْتَ يومَ الفخر تحليق طائر |
أذقتهم البأس عقوبة | ويا طالما أنذرتهم بالزواجر |
وما خُلِقَ الإحسان إلاّ لصالح | ولا خُلق الصّمصام إلاّ لفاجر |
عليك بِوُدّ الأقربين وإنْ أتَتْ | بغير الذي تهوي فليس بضائر |
وأحسِنْ إليهم ما استطعت فإنّما | تشاهدُ بالإحسان صفو الضمائر |
لعمرك إن ألفت بين قلوبهم | ظفرت من الدنيا بأسنى الذخائر |
فما أفْلَحَتْ بين الأنام قبيلة ٌ | إذا ابتليت يوماً بداء الضرائر |
وإنك تعفو عن كثير وهكذا | وعيشك قد كانت صفات الأكابر |
فما أنتَ إلاّ كابرٌ وابن كابرٍ | وما أنْتَ إلاّ طاهر وابن طاهر |
يميناً بربّ البيت والركن والصفا | ومن حلَّ في أكتاف تلك المشاعر |
لأنتم بنو السعدون في كلّ موطن | أكارم مذ كنتم كرام العناصر |
عليكم ثنائي حيث كنت وطالماً | ملأت بأشعاري بطون الدفاتر |
أزيد لكم شكراً وأداد نعمة | وما ازدادت النعماء إلاّ لشاكر |
أقلِّدكم منّي الثناء وإنّه | قليلٌ ولو قلَّدتكُمْ بالجواهر |