أسيرُ وقد جازت بنا غاية السُّرى
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أسيرُ وقد جازت بنا غاية السُّرى | ولاحت خيام للحمى وقبابُ |
سوابحُ في بحر السراب كانها | بغارب امواج السراب حباب |
تحنّ إلأى سلعٍ ورامة ٍ | وما دونها في السالفات قراب |
إذا خوطبت في ذكر أيامها الألى | ثناها إلى الوجد التليد خطاب |
كأن حشاها من وراء ضلوعها | تقاطر منأجفانها وتذاب |
وعاتبت الأيام فيما قضت به | وهل نافع منك الفؤاد عتاب |
إلأى الشيخ عبد القادر العيس يمَّمت | فتمَّ لها أجر وحق ثواب |
وما لسوى آل النبيّ محمّدٍ | تحثّ المطايا أو يناخ ركاب |
كأنَّ شعاع النور من حضراتهم | تثق حشا الظلماء فهي حراب |
عليها من الأنوار ما يبهر النهى | وينصل فيها للظلام خضاب |
يراها بعيني رأسه كل ناظر | وما دونها للناظرين حجاب |
فلله قبر ضمّ أشرف راقدٍ | لديه كما ضم الحسام قراب |
جناب مريع عظم الله شأنه | فجلّ له قدر وعز جناب |
تصاغر كبَّارا الملوك جميعها | بحضرة باز الله فهي ذباب |
ويستحقر الجبار إذ ذاكْ نفسه | فيرجو إذا ما راعه ويهاب |
قصدناك والعافون أنت ملاذهم | وما قصدوا يوماً علاك وخابوا |
تلين الرزايا في حماك وإن قست | وكم لان منها في حماك صلاب |
بك اليوم أشياخ كبار تضرعوا | إلأى الله فيما نابهم وأنابوا |
على فطرة الإسلام شبت وشيَّبت | مفارقهم سود الخطوب فتابوا |
قد استعبرت أجفانهم منك هيبة | ومالت لهم عند الضريح رقاب |
يمدون أيدي المستميح من الندى | وما غير إعطاء المرام جواب |
تنال بك الآمال وهي بعيدة | وتقضى بك الآمال وهي صعاب |
وأنّى لنا يا أيها الشيخ جيئة | إلأى بابك العالي وليس ذهاب |
إلى أن ترينا الخطب منفصم العرى | وللأمن من بعد النزوح إياب |
وحتى نرى فيما نرى قد تقشعت | غيوم واضمحل ضباب |
إلام نعاني غصة ً بعد غصة ٍ | ونرمى بأسهام الأذى ونصاب |
أبا صالح قد أفسد الدهر أمرنا | وضاقت علينا في الخطوب رحابُ |
وتالله ما ننفكّ نستجلب الرضى | علينا من الأيام وهي غضاب |
وتعدو كما تعدو الذئاب صروفها | علينا وأحداث الزمان ذئاب |
وإنا لفي دهر تسافل بعدما | أقيم مقام الرأس فيه ذناب |
فوا عجباً مما نراه بجيله | وأكثر أحوال الزمان عجاب |
يذاد عن الماء النمير ابن حرة | وللنذل فيها مورد وشراب |
وتعلو على أعلى الرجال أراذل | وتسطو على ليث العرين كلاب |
فلا خير في هذي الحياة فإنها | عقاب وما لا تشتهيه عقاب |
حياة لأبناء اللئام وجودها | نعيم وللحر الكريم عذاب |
إلأى الله مما نابنا أيّ مشتكى | ولله ما نرمى به ونصاب |
إذا ما مضى عنا مصاب أهالنا | دهانا مصاب بعده ومصاب |
وأحدثُ أيام تثيبُّ ولم تشبْ | كأن لم يكن قبل المشيب شباب |
تشنُّ علينا غارة بعد غارة | فنحن إذاً غنمٌ لها ونهاب |
فيا آل بيت الوحي دعوة ضارع | إلأى الله يدعو ربه ويجاب |
صلاح ولاة الأمر إن صلاحهم | يعود علينا والفساد خراب |
بحيث إذا راموا الإساءة أقلعوا | أو اجتهدوا فيما يَسُرُّ أصابوا |
مواردكم للحائمين كأنها | موارد من قطر الغمام عذاب |
وهل ينبغي الظمآن من غير فضلكم | وروداً وماء الباخلين سراب |
نعفّر منا أوجهاً في صعيدكم | عليهن من صبغ المشيب نقاب |
فلا دونكم للقاصدين مقاصد | ولا بعدكم للطالبين طلاب |
مفاتيح للجدوى مصابيح للهدى | فأيديكم في العالمين رغاب |
بكم يرزق الله العباد وفيكم | تنزَّل من رب السماء كتاب |
وأنتم لنا في هذه الدار رحمة | إذا مسّنا فيها أذى ً وعذاب |
ومن بعد هذا أنتم شفعاؤنا | إذ كانت الأخرى وقام حساب |
لأعتابكم تزجى المطي ضوامراً | وتطوى فلاة قفرة ويباب |
إذا كنتم باب الرجاء لطالب | فما سد من دون المطالب باب |