أَلَمْ يَسْأَلِ الرَّكْبُ الدِّيَارَ الْعَوَافِيا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أَلَمْ يَسْأَلِ الرَّكْبُ الدِّيَارَ الْعَوَافِيا | بِوَجْهِ نَوَى مَنْ حَلَّها أوْ مَتَى هِيا |
ظَلِلْنَا سَرَاة َ الْيَوْمِ مِنْ حُبِّ أهْلِها | نُسَائِلُ آنَاءً لَها وَأثَافِيا |
بِذي الرَّضْمِ سَارَ الْحَيُّ مِنْهَا فَمَا تَرَى | بِهَا الْعَيْنُ إلاَّ مَسْجِداً وَأَوَارِيا |
وجونًا أظلّتها ركابٌ مناخة ٌ | رِكَابُ قُدُورٍ لاَ يَرِمْنَ الْمَثَاوِيا |
وَآناءَ حَيٍّ تَحْتَ عَيْنٍ مَطِيرَة ٍ | عِظَامِ الْبُيُوتِ يَنْزِلُونَ الرَّوَابِيا |
أربّتْ بها شهريْ ربيعٍ عليهمُ | جَنَائِبُ يَنْتِجْنَ الْغَمَامَ الْمَتَالِيا |
بِأَسْحَمَ مِنْ هَيْجِ الذِّرَاعَيْنِ أَتْأَقَتْ | مَسَايِلَهُ حَتَّى بَلَغْنَ الْمَنَاجِيا |
عَهِدْنَا الْجِيَادَ الْجُرْدَ كُلَّ عَشِيَّة ٍ | يُشَارُ بِهَا وَالْمَجْلِسَ الْمُتَبَاهِيا |
وضَرْبَ نِسَاءٍ لَوْ رَآهُنَّ رَاهِبٌ | لهُ ظلّة ٌ في قلّة ٍ ظلَّ رانيا |
جَوَامِعُ أُنْسٍ فِي حَيَاءٍ وَعِفَّة ٍ | يَصِدْنَ الْفَتَى والأْشْمَطَ الْمُتَنَاهِيا |
بأعلامِ مركوزٍ فعيرٍ فغرّبٍ | مَغَانِيَ أُمِّ الْوَبْرِ إذْ هِيَ مَا هِيَا |
لَهَا بِحَقِيلٍ فالنُّمَيْرَة ِ مَنْزِلٌ | ترى الوحشَ عوذاتٍ بهِ ومتاليا |
وَمُعْتَرَكٍ مِنْ أهْلِهَا قَدْ عَرَفْنَهُ | بِوَادِي أرِيكٍ حَيْثُ كَانَ مَحَانِيا |
وَإنَّ نِسَاءَ الْحَيِّ لَمَّا رَمَيْنَنِي | أصَبْنَ الشَّوَى مِنِّي وَصِدْنَ فُؤادِيا |
ثقالٌ إذا رادَ النّساءُ خريدة ٌ | صناعٌ فقدْ سادتْ إليَّ الغوانيا |
ولستُ بلاقٍ في قبائلِ قومها | لوبرة َ جارًا آخرَ الدّهرِ قاليا |
كغرّاءَ سوداءِ المدامعِ ترتعي | بِحَوْمَلَ عِطْفَيْ رَمْلَة ٍ وَتَنَاهِيا |
لها ابنُ ليالٍ ودّأتهُ بقفرة ٍ | وَتَبْغِي بِغِيطَانٍ سِوَاهُ الْمَرَاعِيا |
أغنُّ غضيضُ الطّرفِ باتتْ تعلّهُ | صرى ضرّة ٍ شكرى فأصبحَ طاويا |
وقدْ عوّدتهُ بعدَ أوّلِ بلجة ٍ | منَ الصّبحِ حتّى اللّيلِ أنْ لا تلاقيا |
تظلُّ بذي الأرطى تسمّعُ صوتهُ | مُفَزَّعَة ً تَخْشَى سِبَاعاً وَرَامِيَا |
إذَا نَظَرَتْ نَحْوَ ابْنِ إنْسٍ فَإنَّهُ | يرى عجبًا ما واجهتهُ كما هيا |
دعاني الهوى منْ أمِّ وبرٍ ودونها | ثلاثة ُ أخماسٍ فلبّيكَ داعيا |
فَعُجْنَا لِذِكْرَاهَا وَتَشْبِيهِ صَوْتِهَا | قِلاَصاً بِمَجْهُولِ الْفَلاَة ِ صَوَادِيَا |
نجائبَ لا يلقحنَ إلاّ يعارة ً | عِرَاضاً وَلاَ يُشْرَيْنَ إلاَّ غَوَالِيَا |
كأنّا على صهبٍ منَ الوحشِ صعلة ٍ | سماويّة ٍ ترعى المروجَ خواليا |
منَ المفرعاتِ المجفراتِ كأنّها | غَمَامٌ حَدَتْهُ الرِّيحُ فَانْقَضَّ سَارِيا |
إذا شربَ الظّمءُ الأداوى ونضّبتْ | ثَمَائِلُهَا حَتَّى بَلَغْنَ الْعَزَالِيَا |
بغبراءَ مجرازٍ يبيتُ دليلها | مشيحًا عليها للفراقدِ راعيا |
طَوَى الْبُعْدَ أنْ أَمْسَتْ نَعَاماً وَأَصْبَحَتْ | قطًا طالقًا مسحنفرًا متدانيا |
تداعينَ منْ شتّى ثلاثًا وأربعًا | وَوَاحِدَة ً حَتَّى بَرَزْنَ ثَمَانِيا |
دَعَا لُبَّهَا غَمْرٌ كَأَنْ قَدْ وَرَدْنَهُ | بِرِجْلَة ِ أُبْليٍّ وَلَوْ كَانَ نَائِيا |
فَصَبَّحْنَ مَسْجُوراً سَقَتْهُ غَمَامَة ٌ | رِعَالُ الْقَطَا يَنْفُضْنَ فِيهِ الْخَوَافِيا |
فلمّا نشحناهنَّ منهُ بشربة ٍ | رَكِبْنَا فَيَمَّمْنَا بِهِنَّ الْفَيَافِيا |
فَتِلْكَ مَطَايَانَا وَفَوْقَ رِحَالِهَا | نُجُومٌ تَخَطَّى ظُلْمَة ً وَصَحَارِيا |
أرجّي المنى منْ عندِ بشرٍ ولمْ أزلْ | لأمثالها منْ آلِ مروانَ راجيا |
لعمركَ إنَّ العاذلاتِ بيذبلٍ | وناعمتيْ دمخٍ لينهينَ ماضيا |
بَعِيدَ الْهَوَى رَامَ الأُمُورَ فَلَمْ يَرَى | لِحَاجَتِهِ دُونَ ابْنِ مَرْوَانَ قَاضِيا |
لواردِ ماءٍ منْ فلاة ٍ بعيدة ٍ | تذكّرَ أينَ الشّربُ إنْ كانَ صافيا |
فأصبحنَ قدْ أقصرنَ عنْ متبسّلٍ | قَرَى طَارِقَ الْهَمِّ الْقِلاَصَ الْمَنَاقِيا |
وهنَّ يحاذرنَ الرّدى أنْ يصيبني | وَمِنْ قَبْلِ خَلْقِي خُطَّ مَا كُنْتُ لاَقِيا |
وَأعْلَمُ أنَّ الْمَوْتَ يَا أُمَّ سَالِمٍ | قرينٌ محيطٌ حبلهُ منْ ورائيا |
فَكَائِنْ تَرَى مِنْ مُسْعَفٍ بِمَنِيَّة ٍ | يُجَنَّبُهَا، أوْ مُعْصِمٍ لَيْسَ نَاجِيا |
وَمَنَّيْتُ مِنْ بِشْرٍ صَحَابي مَنِيَّة ً | فَكُلُّهُمُ أمْسَى لِمَا قُلْتُ رَاضِيا |
فأنتَ ابنُ خيريْ عصبتينِ تلاقيا | عَلى كُلِّ حَيٍّ عِزَّة ً وَمَعَالِيا |
وأنتَ ابنُ أملاكٍ وليثُ خفيّة ٍ | تَفَادَى الأُسُودُ الْغُلْبُ مِنْهُ تَفَادِيا |
ونائلكَ المرجوُّ سيبُ غمامة ٍ | سَقَتْ أهْلَهَا عَذْبَاً مِنَ الْمَاءِ صَافِيا |
نَزَلْتَ مِنَ الْبَيْضَاءِ فِي آلِ عَامِرٍ | وفي عبدِ شمسَ المنزلِ المتعاليا |
فَلَمْ نَرَ خَالاً مِثْلَ خَالِكَ سُوقَة ً | إذا ابتدرَ القومُ الكرامُ المساعيا |
وَكَانَ الْعِرَاقُ يَوْمَ صَبَّحْتَ أهْلَهُ | كَذِي الدَّاءِ لاَقَى مِنْ أُمَيَّة ً شَافِيا |
كشفتْ غطاءَ الكفرِ عنّا وأقلعتْ | زلازلهُ لمّا وضعتَ المراسيا |
وَعَفَّيْتَ مِنْهُمْ بَعْدَ آثَارِ فِتْنَة ٍ | وَأحْيَيْتَ بَاباً لِلنَّدَى كَانَ خَاوِيا |
فإنّا وبشرًا كالنّجومِ رأيتها | يَمَانِيَة ً يَتْبَعْنَ بَدْراً شَآمِيا |
أبُوكَ الَّذي آسَى الْخَلِيفَة َ بَعْدَمَا | رأى الموتَ منهُ بالمدينة ِ وانيا |
فَلَوْ كُنْتُ مِنْ أصْحَابِ مَرْوَانَ إذْ دَعَا | بِعَذْرَاءَ يَمَّمْتُ الْهُدَى إذْ بَدَا لِيا |
على بردى إذْ قالَ إنْ كانَ عهدهمْ | أضيعَ فكونوا لا عليَّ ولا ليا |
وَلِكنَّني غُيِّبْتُ عَنْهُمْ فَلَمْ يُطَعْ | رشيدٌ ولمْ تعصِ العشيرة ُ غاويا |
وَكَمْ مِنْ قَتِيْلٍ يَوْمَ عَذْرَاءَ لَمْ يَكُنْ | لِصَاحِبِهِ فِي أَوَّلِ الدَّهْرِ قَالِيا |
فَإنْ يَكُ سُوقٌ مِنْ أُمَيَّة َ قَلَّصَتْ | لِقَيْسٍ بِحَرْبٍ لاَ تَجِنُّ الْمَعَارِيا |
فقدْ طالَ أيّامُ الصّفاءِ عليهمُ | وَأيُّ صفَاءٍ لاَ يَحُورُ تَغَاوِيا |
ألَسْنَا أشَدَّ النَّاسِ يَا أُمَّ سَالِمٍ | لَدَى الْمَوْتِ عِنْدَ الْحَرْبِ قِدْماً تَآسِيا |
فلمْ يبقِ منّا القتلُ إلاّ بقيّة ً | وَلَمْ يُبْقِ مِنْ حَيَّيْ رَبِيعَة َ بَاقِيا |
بَرَزْنَا لِضِبْعَانَيْ مَعَدٍّ فَلَمْ نَدَعْ | لِبَكْرٍ وَلاَ أفْنَاءِ تَغْلِبَ نَادِيا |
برهطِ ابنِ كلثومٍ بدأنا فأصبحوا | لِتَغْلِبَ أذْنَاباً وَكَانُوا نَوَاصِيا |
أعدنا بأيّامِ الفراة ِ عليهمُ | وَقَائِعَنَا والْمُشْعَلاَتِ الْغَوَاشِيا |
سلاهبَ منْ أولادِ أعوجَ فوقها | فوارسُ قيسٍ مشرعينَ العواليا |
وَغارَتُنَا أوْدَتْ بِبَهْرَاءَ إنَّهَا | تصيبُ الصّميمَ مرّة ً والمواليا |
ونحنُ تركنا بالعقيرِ نساءكمْ | معَ الثّكلِ هزلى يشتوينَ الأفاعيا |
وكانتْ لنا نارانِ نارٌ بجاسمٍ | ونارٌ بدمخٍ يحرقانِ الأعاديا |