يا أهلِ ما بالُ هذا اللّيلِ في صفرِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يا أهلِ ما بالُ هذا اللّيلِ في صفرِ | يَزْدادُ طُولاً وَمَا يَزْدادُ مِنْ قِصَرِ |
فِي إثْرِ مَنْ قُطِّعَتْ مِنِّي قَرِينَتُهُ | يَوْمَ الْحَدَالَى بِأسْبَابٍ مِنَ الْقَدَرِ |
كَأنَّمَا شُقَّ قَلْبي يَوْمَ فَارقَهُمْ | قِسْمَيْنِ بَيْنَ أخِي نَجْدٍ وَمُنْحَدِرِ |
همُ الأحبّة ُ أبكي اليومَ إثرهمُ | قدْ كنتُ أطربُ إثرَ الجيرة ِ الشّطرِ |
فَقُلْتُ والْحَرَّة ُ الرَّجْلاَءُ دُونَهُمُ | وبطنُ لجّانَ لمّا اعتادني ذكري |
صَلَّى عَلَى عَزَّة َ الرَّحْمنُ وَابْنَتِهَا | ليلى وصلّى على جاراتها الأخرِ |
هنَّ الحرائرُ لا ربّاتُ أحمرة ٍ | سودُ المحاجرِ لا يقرأنَ بالسّورِ |
وارينَ وحفًا رواءً في أكمّتهِ | مِنْ كَرْمِ دُومَة َ بَيْنَ السَّيْحِ وَالْجُدُرِ |
تلقى نواطيرهُ في كلِّ مرقبة ٍ | يَرْمُونَ عَنْ وَارِدِ الأفْنَانِ مُنْهَصِرِ |
يَسْبِينَ قَلْبِي بِأَطْرَافٍ مُخَضَّبَة ٍ | وبالعيونِ وما وارينَ بالخمرِ |
عَلَى تَرَائِبِ غِزْلاَنٍ مُفَاجَأَة ٍ | ريعتْ فأقبلنَ بالأعناقِ والعذرِ |
لا تعمَ أعينُ أصحابٍ أقولُ لهمْ | بالأنبطِ الفردِ لمّا بذّهمْ بصري |
هل تؤنسونَ بأعلى عاسمٍ ظعنًا | ورّكنَ فحلينِ واستقبلنَ ذا بقرِ |
بَيَّنَهُنَّ بِبَيْنٍ مَا يُبَيِّنُهُ | صحبي وما بعيونِ القومِ منْ عورِ |
يَبْدُونَ حِيناً وَأحْيَانَاً يُغَيِّبُهُمْ | مِنِّي مَكَامِنُ بَيْنَ الْجَرِّ والْحَفَرِ |
تَحْدُو بِهِمْ نَبَطٌ صُهْبٌ سِبَالُهُمُ | منْ كلِّ أحمرَ منْ حورانَ مؤتجرِ |
عومَ السّفينِ على بختٍ مخيّسة ٍ | والْبُخْتُ كَاسِيَة ُ الأَعْجَازِ وَالْقَصَرِ |
كَأنَّ رِزَّ حُدَاة ٍ فِي طَوَائِفِهِمْ | نوحُ الحمامِ يغنّي غاية َ العشرِ |
أتبعتُ آثارهمْ عينًا معوّدة ً | سَبْقَ الْعُيُونِ إذَا اسْتُكْرِهْنَ بِالنَّظَرِ |
وبازلٍ كعلاة ِ القينِ دوسرة ٍ | لَمْ يُجْذِ مِرْفَقُهَا في الدِّفْءِ مِنْ زَوَرِ |
كأنّها ناشطٌ حرٌّ مدامعهُ | منْ وحشِ حبرانَ بينَ القنعِ والضّفرِ |
بَاتَ إلَى هَدَفٍ فِي لَيْلِ سَارِيَة ٍ | يَغْشَى الْعِضَاة َ بِرَوْقٍ غَيْرِ مُنْكَسِرِ |
يخاوشُ البركَ عنْ عرقٍ أضرَّ بهِ | تجافيًا كتجافي القرمِ ذي السّررِ |
إذَا أَتَى جَانِباً مِنْهَا يُصَرِّفُهُ | تَصَفُّقُ الرِّيحِ تَحْتَ الدِّيمَة ِ الدِّرَرِ |
حتّى إذا ما انجلتْ عنهُ عمايتهُ | وقلّصَ اللّيلُ عنْ طيّانَ مضطمرِ |
غدا كطالبِ تبلٍ لا يورّعهُ | دُعَاءُ دَاعٍ وَلاَ يَلْوِي عَلَى خَبَرِ |
فَصَبَّحَتْهُ كِلاَبُ الْغَوْثِ يُؤْسِدُهَا | مستوضحونَ يرونَ العينَ كالأثرِ |
أوْجَسَ بِالأُذْنِ رِزّاً مِنْ سَوَابِقِهَا | فجالَ أزهرُ مذعورٌ منَ الخمرِ |
واجتازَ للعدوة ِ القصوى وقدْ لحقتْ | غضفٌ تكشّفُ عنها بلجة ُ السّحرِ |
فكرَّ ذو حوزة ٍ يحمي حقيقتهُ | كصاحبِ البزِّ منْ حورانَ منتصرِ |
فَظَلَّ سَابِقُهَا في الرَّوْقِ مُعْتَرِضاً | كَالشَّنِّ لاَقَى قَنَاة َ اللاَّعِبِ الأَشِرِ |
فردّها ظلعًا تدمى فرائضها | لمْ تدمَ فيهِ بأنيابٍ ولا ظفرِ |
فَظَلَّ يَعْلُو لِوَى دِهْقَانَ مُعْتَرِضاً | يَرْدي وأظْلاَفُهُ صُفْرٌ مِنَ الزَّهَرِ |
أذَاكَ أمْ مِسْحَلٌ جَوْنٌ بِهِ جُلَبٌ | منَ الكدامِ فلا عنْ قرّحٍ نزرِ |
قُبِّ الْبُطُونِ نَفَى سِرْبَالَ شِقْوَتِهَا | سِرْبَالُ صَيْفٍ رَقِيقٍ لَيِّنُ الشَّعَرِ |
لمْ يبرِ جبلتها حملٌ تتابعهُ | بَعْدَ اللِّطَامِ وَلمْ يَغْلُظْنَ مِنْ عُقُرِ |
كَأنَّهَا مُقُطٌ ظَلَّتْ عَلَى قِيَمٍ | منْ ثكدَ واعتركتْ في مائهِ الكدرِ |
شُقْرٌ سَمَاوِيَّة ٌ ظَلَّتْ مُحَلأَة ً | بِرِجْلَة ِ التَّيْسِ فَالرَّوْحَاءِ فالأَمَرِ |
كانتْ بجزءٍ فملّتها مشاربهُ | وأخلفتها رياحُ الصّيفِ بالغدرِ |
فَرَاحَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ يَصْفِقُهَا | صفقَ العنيفِ قلاصَ الخائفِ الحذرِ |
يخرجنَ باللّيلِ منْ نقعٍ لهُ عرفٌ | بِقَاعِ أمْعَطَ بَيْنَ السَّهْلِ والصِّيَرِ |
حتّى إذا ما أضاءَ الصّبحُ وانكشفتْ | عَنْهُ نَعَامَة ُ ذي سِقْطَيْنِ مُعْتَكِرِ |
وصبّحتْ بركَ الرّيّانِ فاتّبعتْ | فيهِ الجحافلُ حتّى خضنَ بالسّررِ |
حتّى إذا قتلتْ أدنى الغليلِ ولمْ | تَمْلأَ مَذَاخِرَهَا لِلرِّيِّ والصَّدَرِ |
وَصَاحِبَا قُتْرَة ٍ صُفْرٌ قِسِيُّهُمَا | عِنْدَ الْمَرَافِقِ كالسِّيدَيْنِ في الْحُجَرِ |
تنافساالرّمية َ الأولى ففازَ بها | مُعَاوِدُ الرَّمْيِ قَتَّالٌ عَلَى فُقَرِ |
حتّى إذا ملأَ الكفّينِ أدركهُ | جَدٌّ حَسُودٌ وَخَانَتْ قُوَّة ُ الْوَتَرِ |
فَانْصَعْنَ أسْرَعَ مِنْ طَيْرٍ مُغَاوِلَة ٍ | تَهْوي إلى لاَبَة ٍ مِنْ كَاسِرٍ خَدِرِ |
إذَا لَقِينَ عَرُوضاً دُونَ مَصْنَعة ٍ | ورّكنَ منْ جنبها الأقصى لمحتضرِ |
فَأطْلَعَتْ فُرْزَة َ الآجَامِ جَافِلَة ً | لمْ تدرِ أنّى أتاها أوّلُ الذّعرِ |
فأصبحتْ بينَ أعلامٍ بمرتقبٍ | مُقْوَرَّة ً كَقِدَاحِ الْغَارِمِ الْيَسَرِ |
يَزُرُّ أكْفَالَهَا غَيْرَانُ مُبْتَرِكٌ | كاللَّوْحِ جُرِّدَ دَفَّاهُ مِنَ الزُّبُرِ |
يجتابُ أذراها والتّربُ يركبهُ | ترسّمَ الفارطِ الظّمآنِ في الإثرِ |