عَرِّجْ بِأَطْرَافِ الدّيارِ وَسَلَّمِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
عَرِّجْ بِأَطْرَافِ الدّيارِ وَسَلَّمِ | وإنْ هِيَ لم تَسْمَعْ ولم تَتَكَلّم |
فقد قدُمتْ آياتُها وتنكَّرتْ | لِمَا مَرَّ مِنْ رِيحٍ وأَوْطَفَ مُرْهِمِ |
تأمَّلتُ منْ آياتِها بعدَ أهلِها | بأطرافِ أعْظَامٍ فأَذْنَابِ أزْنُمِ |
محانيَ آناءٍ كأنَّ دروسَها | دروسُ الجوابي بعد حولٍ مُجرَّمِ |
يَقُولُ خَليلي سِرْ بنا أيَّ موقفٍ | وَقَفْتَ وَجَهْلٍ بالحَلِيمِ المعمَّمِ |
تَلُومُ وَلَمْ تَعْلَمْ بأسرارِ خُلّة ٍ | فتُعذرَ إلاّ عنْ حديثٍ مُرجَّمِ |
فإنْ كنتُ لم أجهل فقد لمتَ ظالماً | وإن كنتُ قد أزرى بيَ الجهلُ فاحلُمِ |
وفي الحلمِ والإسلامِ للمرءِ وازعٌ | وفي تركِ طاعاتِ الفؤادِ المتيَّمِ |
بَصَائِرُ رُشْدٍ للفَتى مُسْتَبينَة ٌ | وأخلاقُ صدقٍ علمُها بالتَّعلُّمِ |
وَلِيتَ فلم تَشْتِمْ عليّاً ولم تُخِفْ | بريّاً ولم تقبلْ إشارة َ مجرمِ |
وأظْهَرْتَ نورَ الحقِّ فاشتَدَّ نُورُهُ | على كُلِّ لَبْسٍ بارِقِ الحَقّ مُظْلمِ |
وَعَاقَبْتَ فيما قَدْ تَقَدّمْتَ قَبْلَهُ | وأعرضتَ عمّا كانَ قبل التّقدُّمِ |
وصدَّقْتَ بالفِعْلِ المقالَ مَعَ الذي | أتيتَ فأمسى راضياً كلُّ مسلِم |
تَكَلَّمْتَ بالحَقّ المُبينِ وإنّما | تَبَيّنُ آياتُ الهُدى بالتّكلّمِ |
ألا إنما يكفي الفَتَى بَعْدَ زَيْغِهِ | مِن الأوَدِ البَادِي ثِقافُ المقوِّمِ |
وَقَدْ لَبِسَتْ لُبْسَ الهَلُوكِ ثيابَهَا | تراءى لك الدُّنيا بكفٍّ ومعصمِ |
وَتُومِضُ أحياناً بعينٍ مريضَة ٍ | وتَبْسِمُ عَنْ مِثْلِ الجُمَانِ المُنظَّمِ |
فأعرضتَ عنها مشمئزّاً كأنّما | سقتك مدوفاً من سمامِ وعلقمِ |
وَقَدْ كُنْتَ مِنْ أَجْبَالِهَا في ممَنَّعٍ | وَمِنْ بَحْرِهَا في مُزْبِدِ المَوْجِ مُفعَمِ |
وما زلتَ توّاقاً إلى كلّ غاية ٍ | بَلَغْتَ بها أعْلَى البِنَاءِ المُقَدَّمِ |
فلما أتاكَ المُلْكُ عفواً ولم يَكُنْ | لطالبِ دُنيا بعْدهُ مِن تَكَلُّمِ |
تركتَ الذي يفنى وإنْ كانَ مونقاً | وآثرْتَ ما يَبْقَى برأيٍ مُصَمِّمِ |
وأضررتَ بالفاني وشمَّرت للّذي | أَمَامَكَ في يومٍ مِنَ الشّرِّ مُظلِمِ |
وَمَا لَكَ إذا كُنْتَ الخليفة مانع | سوى الله من مال رغيب ولا دم سم |
سما لكَ همٌّ في الفؤادِ مؤرِّقٌ | بلغتَ بِهِ أَعْلَى المَعَالِي بسُلّمِ |
فما بينَ شرقِ الأرضِ والغربِ كلِّها | منادٍ ينادي من فصيحٍ وأعجمِ |
يقولُ : أميرَ المؤمنين ظلمتني | بأخذٍ لدينارٍ ولا أخذِ درهمِ |
ولا بسطِ كفِّ امرئٍ غيرِ مجرمٍ | ولا السَّفكِ منهُ ظالماً ملءَ محجَمِ |
ولو يستطيعُ المسلمونَ تقسَّموا | لكَ الشَّطْرَ من أعمارِهِمْ غيرَ |
فعشتَ به ما حجَّ للهِ راكبٌ | مُغذٌّ مطيفٌ بالمقامِ وزمزمِ |
فأربحْ بها من صفقة ٍ لمبايعٍ | وأعظمْ بها أعظمْ بها ثمَّ أعظِمِ .. |