غشيتُ لليلى بالبَرودِ مساكناً
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
غشيتُ لليلى بالبَرودِ مساكناً | تَقَادَمْنَ فاستَنَّتْ عليها الأَعَاصِرُ |
وأوْحَشْنَ بَعْدَ الحيِّ إلاّ مَسَاكِناً | يُرينَ حديثاتٍ وهنَّ دواثرُ |
وكانتْ إذا أخلتْ وأمرعَ ربعُها | يكونُ عليها من صديقكَ حاضرُ |
فَقَدْ خَفَّ منها الحيُّ بَعْدَ إقَامَة ٍ | فَمَا إنْ بها إلاّ الرِّياحُ العَوائِرُ |
كأَنْ لَم يُدَمِّنْهَا أنيسٌ وَلَمْ يَكُنْ | لها بَعْدَ أيَّامِ الهِدَمْلَة ِ عَامِرُ |
وَلَمْ يَعْتَلِجْ في حَاضِرٍ مُتَجَاورٍ | قفا الغَضْيِ مِنْ وَادِي العُشَيرَة ِ سَامِرُ |
سَقَى أُمَّ كُلثُومٍ على نأي دَارِها | وَنِسْوَتَها جَوْنُ الحَيَا ثُمَّ بَاكرُ |
أحمُّ رجوفٌ مستهلٌّ ربابهُ | لَهُ فِرَقٌ مُسحَنْفراتٌ صَوَادِرُ |
تَصَعَّدَ في الأَحْنَاءِ ذُو عَجْرَفِيَّة ٍ | أحمُّ حبركى مُرجفٌ متماطرُ |
وأعرضَ من ذَهبانَ مُعرورِفَ الذُّرى | تَرَيَّعُ منهُ بالنِّطافِ الحَوَاجِرُ |
أقامَ على جُمدانَ يوماً وليلة ً | فجمدانُ منهُ مائلٌ متقاصرُ |
وَعَرَّسَ بالسَّكْرَانِ يَوْمَيْنِ وارتَكَى | يجرُّ كما جرَّ المكيثُ المسافرُ |
بذي هيدبٍ جونٍ تنجِّزُهُ الصِّبا | وتدفعهُ دفع الطَّلا وهوَ حاسرُ |
وَسُيّلَ أكنَافُ المَرَابِدِ غُدْوَة ً | وسُيِّلَ منهُ ضاحكٌ والعواقرُ |
ومنُه بصَخْرِ المَحْوِ وَدْقُ غمامة ٍ | لهُ سَبَلٌ واقْوَرَّ مِنْهُ الغَفائِرُ |
وطبَّقَ من نحوِ النَّجيل كأنّهُ | بأَلْيَلَ لمّا خَلَّفَ النّخْلَ ذَامِرُ |
وَمَرَّ فأرْوَى يَنْبُعاً فَجُنُوبَهُ | وقد جِيدَ منهُ جَيْدَة ٌ فَعَبَاثِرُ |
لَهُ شُعَبٌ مِنْها يَمَانٍ وَرَيِّقٌ | شآمٍ وَنَجْدِيٌّ وآخَرُ غَائِرُ |
فلمّا دنا للاَّبَتَيْنِ تَقُودُهُ | جَوافِلُ دُهْمٌ بالرَّبَابِ عَوَاجِرُ |
رسا بينَ سلع والعقيقِ وفارعٍ | إلى أُحُدٍ للمزنِ فيهِ غشامرُ |
بِأَسْحَمَ زَحَّافٍ كَأَنَّ ارتجَازَهُ | توعُّدُ أَجْمَالٍ لهُنَّ قَرَاقِرُ |
فأمْسى يَسُحُّ الماءَ فَوْقَ وُعَيْرَة ٍ | لهُ بالِلّوى والوَادِيَيْنِ حَوَائِرُ |
فَأَقْلَعَ عَنْ عُشٍّ وأصْبَحَ مُزْنُهُ | أَفاءً وآفاقُ السَّماءِ حَواسِرُ |
فكلُّ مسيلٍ من تهامة َ طيِّبٍ | تَسِيلُ بِهِ مُسلَنطَحَاتٌ دَعَائِرُ |
تُقَلِّعُ عُمْرِيَّ العِضَاهِ كأَنَّها | بِأَجْوَازِهِ أُسْدٌ لهُنَّ تَزَاؤرُ |
يُغادِرُ صَرْعَى من أَرَاكٍ وَتَنْضُبٍ | وزرقاً بأثباجِ البحارِ يُغادرُ |
وكلُّ مسيلٍ غارتِ الشّمسُ فوقَهُ | سَقِيُّ الثُّرَيَا بَيْنَهُ مُتجاوِرُ |
وما أُمُّ خِشْفٍ بالعَلاَيَة ِ شادِنٍ | أصاعَ لها بانٌ من المردِ ناضرُ |
تَرَعّى بهِ البَرْدَيْنِ ثُمَّ مَقِيلُها | ذُرَى سَلَمٍ تَأوِي إليها الجآذِرُ |
بأَحْسَنَ مِنْ أُمّ الحُوَيرثِ سُنّة ً | عَشِيَّة َ دَمْعي مُسبِلٌ مُتبادِرُ |