أَلَمْ تَرْبَعْ فَتُخْبِرَكَ الطُّلُولُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَلَمْ تَرْبَعْ فَتُخْبِرَكَ الطُّلُولُ | ببينة َ رسمُها رسمٌ مَحيلُ |
تحمَّلَ أهلُها وجرى عليها | رياحُ الصَّيفِ والسَّربُ الهطولُ |
تحنُّ بها الدَّبورُ إذا أربَّتْ | كما حَنَّتْ مُوَلَّهَة ٌ عَجُولُ |
تَعَلّقَ ناشئاً من حُبِّ سَلْمَى | هوى ً سكنَ الفؤادَ فما يزولُ |
سبتني إذْ شبابي لم يُعصَّبْ | وإذ لا يستبلُّ لها فتيلُ |
فلم يمللْ مودَّتَها غلاماً | وقد ينسى ويطّرفُ الملولُ |
فأدْرَكَكَ المَشِيبُ على هَوَاهَا | فلا شيبٌ نهاكَ ولا ذُهولُ |
تَصِيدُ ولا تُصادُ وَمَنْ أصابتْ | فلاَ قَوَداً، وليس به حميلُ |
هجانُ اللّونِ واضحة ُ المُحيّا | قطيعُ الصّوتِ آنسة ٌ كسولُ |
وتبسِمُ عَنْ أغرَّ لهُ غُروبٌ | فراتِ الرّيقِ ليسَ لهُ فلولُ |
كأنَّ صبيبَ غادية ٍ بلَصبٍ | تشَجُّ بهِ شآمية ٌ شمولُ |
على فيها إذا الجوزاءُ كانتْ | مُحَلِّقَة ً وأرْدَفَهَا رَعِيلُ |
فدعْ ليلى فقد بَخُلَتْ وَصَدَّتْ | وصدَّعَ بين شعبينا الفُلولُ |
وأحْكِمْ كُلَّ قَافِية ٍ جَديدٍ | تُخَيّرُهَا غرائبَ ما تقُولُ |
لأَبيضَ ماجدٍ تُهدي ثَنَاهُ | إليهِ والثَّناءُ لهُ قليلُ |
أبي مروانَ لا تعدِلَ سواهُ | بهِ أحداً وأينَ بهِ عديلُ |
بِطَاحِيٌّ لَهُ نَسَبٌ مُصفّى | وأخلاقٌ لها عرضُ وطولُ |
فقدْ طلبَ المكارمَ فاحتواها | أغرُّ كأنَّهُ سَيْفٌ صقيلُ |
تجنَّبَ كلَّ فاحشة ٍ وعيبٍ | وصافى الحمدَ فهو لهُ خليلُ |
إذا السَّبعونَ لم تُسكتْ وليداً | وأصبح في كبارِكِها الفُحولُ |
وكان القطرُ أجلاباً وَصِرّاً | تحُثُّ بهِ شآمية ٌ بليلٌ |
فإنَّ بكفّهِ ما دَامَ حيّاً | من المعروف أودية ً تسيلُ |
تقولُ حليلتي لمّا رأتني | أرقتُ وضافني همٌّ دخيلُ |
كأنَّكَ قد بدا لك بعد مُكثٍ | وطولِ إقامة ٍ فينا رحيلُ |
فَقُلْتُ أجَلْ، فَبَعْضَ اللَّوْمِ إنّي | قَدِيماً لا يلائِمُنِي العذولُ |
وأَبيضَ يَنْعَسُ السَّرْحَانُ فيه | كأَنَّ بَيَاضَهُ رَيْطٌ غَسِيلُ |
خدتْ فيهِ برَحلي ذاتُ لوثٍ | منَ العيديِّ ناجية ٌ ذمولُ |
سلوكٌ حينَ تشتبِهُ الفيافي | وَيُخْطِىء ُ قَصْدَ وِجْهَتِهِ الدَّلِيلُ |
إذا فضَلتْ نِسعتيها | وأصبحَ ضفرُها قلِقاً يجولُ |
على قَرْوَاءَ قَدْ ضَمَرَتْ ففيها، | ولمْ تبلُغ سليقتُها ذبولُ |
طوتْ طيَّ الرِّداءِ الخرقَ حتّى | تقاربَ بُعدُهُ سُرُحٌ نصولُ |
من الكُتمِ الحوافظِ لا سَقوطٌ | إذا سَقَطَ المَطِيُّ ولا سؤولُ |
تَكَادُ تطيرُ إفراطاً وَسَغْباً | إذا زُجرَتْ وَمُدَّ لها الحبولُ |
إلى القرم الذي فاتتْ يداهُ | بفعلِ الخيرِ بَسْطَة َ مَنْ يُنيلُ |
إذا ما غَالِيَ الحمدِ اشتراهُ | فما إنْ يَسْتَقِلُّ ولا يُقِيلُ |
أمينُ الصَّدرِ يحفظُ ما تولّى | كما يُلْفى القويُّ به النّبيلُ |
نقيٌّ طاهرُ الأثوابِ بَرٌّ | لكلّ الخيرِ مُصْطَنِعٌ مُحيلُ |
أبا مروانَ أنت فتى قريشٍ | وكهلُهُمُ إذا عُدَّ الكُهولُ |
تُوَلّيهِ العَشِيرَة ُ ما عَنَاهَا | فلا ضَيْقُ الذراعِ ولا بخيلُ |
إليكَ تشيرُ أيديهِمْ إذا ما | رَضُوا أو غَالَهُمْ أمرٌ جليلُ |
كِلا يومَيهِ بالمعروفِ طلقٌ | وكلُّ فعالهِ حسنٌ جميلُ |
جوادٌ سابقٌ في اليُسرِ بحرٌ | وفي العِلاّتِ وهّابٌ بَذُولُ |
تأنَّسُ بالنَّباتِ إذا أَتَاهَا | لِرُؤْيَة ِ وَجْهِهِ الأرضُ المحولُ |
لِبهجة ِ واضحٍ سهلٍ عليهِ | إذا رُئِيَ المهابة ُ والقَبُولُ |
لأهلِ الوُدِّ والقربى عليهِ | صَنَائِعُ بَثَّهَا بَرٌّ وَصُولُ |
أيادٍ قد عُرفنَ مُظاهراتٍ | له فيها التطاوُلُ والفُضُولُ |
وَعَفْوٌ عن مُسِيئِهِمُ وَصَفْحٌ | يَعُودُ به إذا غَلِقَ الحجولُ |
إذا هوَ لم تُذَكِّرهُ نُهاهُ | وَقَارَ الدّينِ والرأيُ الأصيلُ |
وللفقراء عائِدَة ٌ وَرُحْمٌ | ولا يُقْصَى الفقيرُ ولا يَعِيلُ |
جنابٌ واسعُ الأكنافِ سَهْلٌ | وَظِلٌّ في مَنادِحِهِ ظَلِيلُ |
وكمْ منْ غارمٍ فرَّجْت عنهُ | مغارمَ كلُّ مَحْمَلِهَا ثقيلُ |
وذي لَدَدٍ أريتَ اللدَّ حتَّى | تبيَّنَ واستبانَ له السَّيلُ |
وأمرٍ قد فَرَقْتَ اللَّبْسَ منه | بحِلمٍ لا يجورُ ولا يميلُ |
نمى بك في الذؤابة ِ من قُرَيْشٍ | بِنَاءُ العِزِّ والمجدُ الأثيلُ |
أَرُمُ ثَابِتٌ يَهْتَزُّ فيه | بأكرمِ منبِتٍ فرعٌ أصيلُ |