رقتْ لنا حينَ همّ الصبحُ بالسفرِ،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
رقتْ لنا حينَ همّ الصبحُ بالسفرِ، | وأقبلتْ في الدجى تسعى على حذرِ |
راضَ الهوى قلبها القاسي، فجادَ لنا، | وكانَ أبخلَ من تموزَ بالمطرِ |
رأتْ غَداة َ النّوى نارَ الكَليمِ، وقد | شبتْ، ولم تبقِ من قلبي ولم تذرِ |
رقتْ إلى الصبّ طولَ الوصلِ راقية ً، | فقلتُ: قد جئتَ يا موسَى على قدَرِ |
ربيبَة ٌ لو تَراها عندَما سَفَرَتْ، | والبدرُ ساهٍ إليها سهوَ معتذرِ |
رأيتَ بَدرَينِ من شمسٍ ومن قمَرٍ، | في ظلّ جِنحَينِ من ليلٍ ومن شعَرِ |
رَشَفتُ بُردَ الحُمَيّا مِن مَراشِفِها، | فنَبّهَتني إلَيها نَسمة ُ السّحَرِ |
رنتْ نجومُ الدجى نحوي فما نظرتْ | من يرشفُ الراحَ ليلاً من فمِ القمرِ |
راقَ العِتابُ، فأبدتْ لي سرائرَها، | في لَيلَة ِ الوَصلِ بل في غُرّة ِ القَمَرِ |
رَثَتْ فلَمّا رأتْ رُسلَ النّوى فغدَتْ | تُطيلُ عَتبي، وعمرُ اللّيلِ في قِصَر |
رَحبٌ مَقامي بمغناها، فمُذ نَظَرَتْ | ذمّ المطيّ قضتْ للصفوِ بالكدرِ |
ريعتْ لذمّ المطايا للسرَى قعدتْ، | وأحذرتني من الأهواليِ في سفري |
رامتْ بذلكَ تخويفي، فقلتُ لها: | عِندي من الخُبرِ ما يُغني عن الخبرِ |
رِدي، فَما ضَرّني هَولٌ أُكابدُهُ، | ونائلُ الملكِ المنصورِ في الأثرِ |
رَبِّ النّوالِ، ومحمودِ الخِصالِ، ومِقـ | ـدامِ النزالِ، وأمنِ الخائفِ الحذرِ |
راعي الأنامِ بعَينٍ غَيرِ راقدَة ٍ، | قد وُكّلَتْ في أُمورِ الملكِ بالسّهَرِ |
رحبِ الذراعينِ لولا صبحُ غرتهِ، | لأصبحَ الجودُ فجراً غيرَ منفجرِ |
راضٍ معَ السخطِ يبدي عزمَ منتقمٍ | للمنذبينَ، ويعفو عفوَ مقتدرِ |
راحاتهُ مذ نشا في الملكِ قد عهدتْ | يومَ النّدى والرّدى بالنّفعِ والضّرَرِ |
روى مَناقبَهُ الرّاوي، فقُلتُ لهُ: | جلوتَ سَمعي، فهل تَجلو به بصرِي |
رحْ أيها الملكُ المنصورُ، واغدُ على | هامِ العُلى آمناً من حادثِ الغيرِ |
رَسمتَ جوداً حكى الطّوفانَ فاعتصَمتْ | منهُ الخلائقُ بالألواحِ والدسرِ |
رفقتَ بالناسِ في كلّ الأمورِ، فقد | أضحَى الزّمانُ إلَيهم شاخصَ رَ |
ربوا لديكَ، فلولا أنّ بعضهمُ | تجلّ عنهُ، لقلنا: يا أبا البشرِ |
رُعتَ العِدى بحُسامٍ لو عدَلتَ بهِ | عنهم، لأغناكَ عنهُ صارمُ القدرِ |
رفعتَ ذكركَ في يومِ الهياجِ به، | فأذكرتني بحدّ الصارمِ الذكرِ |
رمتْ إليكَ بنا هوجٌ مضمرة ٌ، | كأنها في الدجى قوسٌ بلا وترِ |
راحتْ إلى جنة ٍ حلّ العفاة ُ بها | في الخُلدِ، واتّكأُوا فيها على سُرُرِ |
رَجَعتَ أعتِبُ نَفسي في تأخّرِها | عَنها، طَوراً أُهَنّي النّفسَ بالظّفَرِ |